الرئيسية

تحقيقات وملفات

"اليوم السابع" على كرسى إحسان عبد القدوس فى الذكرى المئوية لـ ميلاده.. صور نادرة وخطابات وأسرار تنشر لأول مرة.. جمال عبد الناصر يتحدث تليفونيًا لـ إحسان فى السجن: عبد الحكيم عامر سيعتذر لك

الثلاثاء، 01 يناير 2019 06:05 م

"اليوم السابع" على كرسى إحسان عبد القدوس

تحقيق ومحاورة - بسنت جميل - تصوير محمد الحصرى

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"إن ينصركم الله فلا غالب لكم" هذه الآية يستند إليها فى مكتبته

إحسان عبد القدوس لـ والدته: علمتينا الثورة والحرية

لماذا كان أبناؤه سبب عزله من رئاسة تحرير أخبار اليوم

السادات يهديه كتابًا ويوقع عليه "صديق وزميل رحلة طويلة"

صلاح جاهين يدعوه لتعليم شعبه معنى الحرية والإنسانية والثورة

هل ابتعد إحسان عبد القدوس عن رئاسة أخبار اليوم بسبب مصطفى أمين

محررة "اليوم السابع" تتصفح مصحفا نادرا عمره 100 عام

"23 شارع الجبلاية بالزمالك.. هنا عاش إحسان عبد القدوس" فى أحد العقارات الفاخرة التى تتسم باتساع مدخلها وصولاً إلى المصعد الكهربائى التراثى، وفى تمام الساعة السابعة مساءً، طرقت الباب على منزل إحسان عبد القدوس، واستقبلنى الأستاذ محمد عبد القدوس بابتسامة طيبة، واصطحبنى لتفقد مكتبة إحسان عبد القدوس وذلك فى الذكرى المئوية لميلاد صاحب "لا تتركونى هنا وحدى".

محررة اليوم السابع على مكتب إحسان

منزلة متحف فنى

فى المدخل من ناحية اليمن شاهدت تمثالا يبلغ من العمر أكثر من 100 عام، أهداه الفنان اللبنانى جورج أبيض إلى محمد عبد القدوس والد إحسان، وفوق التمثال مباشرة توجد لوحات فنية جذابة وبورتريه لـ إحسان عبد القدوس معلقة على الحائط، أما ناحية الشمال فيتواجد الصالون المخصص لاستقبال الضيوف، بينما استقرت سجادة يدوية رائعة معلقة على الحائط، لونها أحمر.

وانتقلنا من مدخل المنزل إلى غرفة الضيوف أو "غرفة النوادر" كما سميتها، حيث إن المنزل يضم "صالون جهاز العروسة" خالة محمد عبد القدوس الذى صمم عام 1919، وصورا نادرة عائلية تجمع بين روز اليوسف وابنها إحسان، وأيضًا صورًا تجمع إحسان وأولاده، وفى أقصى شمال المنزل تتواجد "فاترينة من الزجاج" تضم جميع "الأوسمة والنياشين" ونظارات القراءة الخاصة بـ عائلة إحسان عبد القدوس، إضافة إلى العديد من شهادات التقدير والتكريم من قبل رؤساء جمهورية مصر العربية.

وقبل انتقالنا إلى مكتبة إحسان عبد القدوس، استوقفنى محمد وقال لـ "لحظة اجلسى على هذا المقعد أريد أن أتحدث معاك لماذا تحول إحسان عبد القدوس من الكتابة السياسية إلى الأدب؟، ثم توقف عن الحديث لحظات.. وفاجأنى بقول إن هذا المقعد الذى تجلسين عليه جلست عليه أم كلثوم وفاتن حمامة ومحمد عبد الوهاب، فأصابتنى الدهشة وابتسمت ومن بعدها دار الحديث.

البطاقة الشخصية لإحسان عبد القدوس

تحف وانتيكات بمنزل احسان عبد القدوس

تمثال عمره 100 عام اهداه جورج الأبيض للفنان محمد عبد القدوس

صورة نادرة تجمع بين روز اليوسف وابنها إحسان

صور فوتوغرافية تجمع بين إحسان وابنه

صور نادرة بمنزل إحسان عبد القدوس

صور نادرة لـ أولاد إحسان عبد القدوس

لوحة-قدمها-صلاح-طاهر-لـ-لإحسان-عبد-القدوس

لوحة قدمها صلاح طاهر لإحسان عبد القدوس

منزل إحسان عبد القدوس

الاوسمة و النايشين بمنزل إحسان

الأديب رقم واحد بمصر

والدى.. قبل أن يتولى رئاسة تحرير جريدة أخبار اليوم من عام 1966 إلى عام 1968، ومن ثم يعين فى منصب رئيس مجلس الإدارة إلى جانب رئيس التحرير فى الفترة بين 1971 إلى 1974، كانت لديه طقوس فى كتابة القصص، حيث إنه دائما يكتب القصص ليلاً فى مكتبه بروز اليوسف، وبعدما استقال من روز اليوسف كتب جميع قصصه من داخل مكتبة منزله، كان واثقًا من نفسه، كلما انتهى من كتابة فصل من فصول أى من رواياته يقوم بنشره، وهذا ما أدى إلى أن الجريدة تبيع أكثر من مليون نسخة وهذا أمر غير طبيعى، فعادة الأدباء عندما ينتهون من كتاب جميع فصول الرواية ينشرونها كاملة، لكن والدى لم يفعل ذلك وهذا ما جعله الأديب رقم واحد فى مصر.

والشىء اللافت للنظر، أن إحسان عبد القدوس كانت لديه طقوس فى الكتابة، رغم أنه كان يكتب فى منزله إلا أنه لابد أن يرتدى زى الخروج كاملاً، وكأنه فى مكتب عمل، إضافة إلى أنه يمنع أى شخص أن يطرق عليه باب المكتب إلا حفيده محمد.

السادات: "روح ربى أولادك يا إحسان"

واستكمل محمد عبد القدوس حديثه بضحكة متقطعة قائلاً: "أنا وشقيقى أحمد السبب وراء عزل والدى من رئاسة التحرير، وجاءت القصة عندما قرأ والدى فى جريدة الأهرام خبرا فى الصفحة الأولى عنوانه "عزل جميع المسئولين الذين اشترك أولادهم فى مظاهرة بولندا"، وهنا قال والدى لنا "أنا هتشال من منصبى"، عام 1968، وجاء ذلك لأنه قبل كتابة هذا الخبر فى الأهرام، اشتركت أنا وشقيقى أحمد فى أول مظاهرات ضد جمال عبد الناصر، واستمرت هذه المظاهرات ثلاث أيام، حيث إنها بدأت من كليتى الهندسة والحقوق، وشاهد محمد أنور السادات شقيقى أحمد فى المظاهرات وقام بعمل اتصال تليفونى لـ والدى وقال له "يا إحسان روح ربى أولادك.. أنا شوفت أحمد فى المظاهرة وطبعًا محمد معه"، وبعد هذا الاتصال لم يمنعنا والدى من الاشتراك فى المظاهرات التى استمرت ثلاثة أيام، فأصبحت هذه المظاهرات حديث العالم كله، وتصرف عبد الناصر بذكاء شديد حيث إنه دعا المتظاهرون للدخول إلى مجلس الأمة لعرض مطالبهم، وقال السادات: "لا يمكن أن تصطدم الثورة مع الشباب"، وبعد أسبوعين فقط تم عزل جميع المسئولين الذين اشترك أولادهم فى المظاهرات.

3 ساعات فى السجن حولته من كاتب سياسى إلى أديب

والدى منذ طفولته كان يهوى كتابة القصص، وعندما كتب أول قصة له وهو طالب، قامت جدتى روز اليوسف بحرمانه من المصروف حيث قالت له: "لا أنا مش عايزاك تكون خيالى زى والدك.. عايزاك تكون صحفى زىَّ"، وبالفعل تفوق فى الصحافة ومارسها وكتب عن السياسة، لكنه انصرف عن السياسة بعدما تم القبض عليه للمرة الثانية، بعدما كتب مقالة "الجماعة السرية التى تحكم مصر" وعندما ذهب إلى السجن للمرة الثانية، استقبله مدير السجن قائلاً: "أنت شرفت تانى" وبعد 3 ساعات قال له: "أستاذ إحسان تليفون عشان حضرتك" وكان على التليفون جمال عبد الناصر حيث قال له: "ما حدث معك خطأ فظيع.. وعبد الحكيم عامر سيعتذر لك"، وخرج بالفعل فى نفس اليوم، لكنه قرر أن يمارس دوره كأديب".

انتهينا من الحديث، وذهبنا إلى تفقد المكتبة، وفى الحقيقة لم أستطع أن أتجاهل الحديث عما شاهدته قبل دخول المكتبة، فالمنزل به "طرقة" تؤدى للدخول إلى المكتبة، هذه الطارقة تحمل العديد من البورتريهات الخاصة بإحسان عبد القدوس، وتشبه هذه "الطارقة" أحد الجاليرهات الفنية، لكل بورتريه حكاية تصور إحسان بأكثر من شكل، هذه البورتريهات قدمها تلامذة إحسان الذين كانوا يعملون فى مجلة "روز اليوسف".

صلاح جاهين لـ إحسان: "صحى شعبنا النعسان"

ومن بين هذه البورتوريهات، كاريكاتير قدمه صلاح جاهين لـ إحسان، ووقع عليه وكتب "الكاتب المصرى/ صحى شعبنا النعسان/ وعلمه كلمة "الحرية" والإنسان"/ وكلمة "الثورة" أهدها لكل إنسان/ عاشت بلادنا وعاش الكاتب المصرى/ وعاش للشعب كاتب مصرى يا إحسان.. 24 أغسطس 1955"

ومن بين البورتوريهات المعروضة، بورتوريه فنى لـ"طوغان" وقع عليه وكتب: "أهديتنى الوفاء يا إحسان فلتكن هديتى إليك أنت.. 26 نوفمبر 1948"، كما تتواجد بعض من البورتريهات التى جسدت صورة إحسان وخلفه جميع روايته التى قدمها.

إحسان عبد القدوس

بوتوريه قدمه طوغان لـ إحسان

صلح-جاهين-يقدم-كاريكاتير-لـ-إحسان-عبد-القدوس

صلاح جاهين يقدم كاريكاتير لـ إحسان عبد القدوس

كاريكاتير

شهادة التقدير

شهادات التقدير والتكريم

شهادة التقدير

النوادر داخل مكتبة منزلة

أخيرًا.. حان الوقت لدخول مكتبة إحسان التى يغمرها ضوء خافت، فأول شىء عينى وقعت عليه مكتب ومقعد إحسان عبد القدوس الذى يتواجد ناحية اليمين، فالمكتب يضم مصحفًا تركيًا نادرًا يبلغ من العمر 100 عام، وأيضًا "برواز" صغير يتضمن أيه قرانية مكتوب عليها "إن ينصركم الله فلا غالب لكم"، إضافة إلى أن المكتب ضم العديد من الأقلام.

أمام المكتب مباشرة يتواجد صالون للضيوف وخلفه مكتبة ضخمة تضم أمهات الكتب، فالكتب التى تقع ناحية الشمال تضم كتب الأدب الإنجليزى، أما الكتب التى تقع ناحية الشمال تضم كتب الأدب العربى، وفى نصف المكتبة تقع جميع الطباعات الأولى لـ روايات إحسان عبد القدوس، والشىء اللافت للنظر، أن بين وسط أمهات الكتب تتواجد صورة فوتوغرافية ليد شخص ما وعندما سألت محمد عبد القدوس من هو صاحب اليد قال "والدى"..

ومن ناحية اليمين من مكتبة إحسان عبد القدوس، توجد على الحائط بعض الصور الفوتوغرافية لروز اليوسف ومحمد عبد القدوس وهما فى شهر العسل، ودون عليها محمد عبد القدوس قائلا "أنا وفاطمة هانم اليوسف عقب زواجنا فى يونيو 1917"، وتحت هذه الصورة يوجد مكتب صغير عليه بعض التماثيل وتحف صغيرة الحجم، وتمثال لـ إحسان ويديه مكبلة بالأغلال صمم له هذه التمثال عقب خروجه من السجن، كما ضم المكتب "كوب السجن الحربى" الذى كان يشرب فيه إحسان طوال فتره سجنه.

الطباعات الأولى لروايات إحسان عبد القدوس فى مكتبته

الأية التى استند عليها إحسان عبد القدوس

الأدوات المتواجدة على مكتب إحسان عبد القدوس

توقيع محمد عبد القدوس على صورته

الكوب الذى كان يشرب فيه إحسان عبد القدوس بالسجن

المصحف النادر

تمثال يصور إحسان بعد خروجه من السجن

صورة المكتبة والمكتب

صورة نادرة

مكتبة إحسان عبد القدوس

صورة فوتوغرافية لـ إحسان

صور نادرة بين إحسان واحفاده

صور نادرة بين إحسان و احفاده

مكتب إحسان عبد القدوس يغمره ضوء خافت

السادات لـ إحسان: "صديق وزميل رحلة طويلة"

ومن بين الكتب التى تتواجد فى هذه المكتبة العريقة، كتاب "البحث عن الذات" أهداه محمد أنور السادات إلى إحسان ووقع عليه وقال له للأستاذ إحسان عبد القدوس صديق وزميل رحلة طويلة.. 30 أبريل 1978"..

كتاب البحث عن الذات وتوقيع محمد أنور السادات

كما أهدى الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، كتاب حرب الثلاثين سنة ملفات السويس، ووقع على الكتاب وقال له: "عزيزى إحسان.. ألا ترى أن بعض الحياة قصص كما أن بعض القصص حياة؟! مع كل الود".

توقيع هيكل لـ إحسان

كتاب اهداه هيكل لـ إحسان

وقبل مغادرتنا إلى المكتبة توجهت بسؤال إلى محمد عبد القدوس: "أستاذ محمد.. نفسى أشاهد مقالات وقصص وخطابات إحسان عبد القدوس، وهى مكتوبة بخط يده" فابتسمى لى وقال سأطلعك على القصص والخطابات التى لم يشاهدها أحد من قبل.

وبالفعل فتح محمد عبد القدوس أحد أدراج مكتب إحسان، وعلى الرغم أن الدرج كان متعسراً قليلاً نظراً لأنه لم يفتح منذ سنوات طويلة، إلا أنه فتح فى النهاية وخرج محمد عبد القدوس بـ ملف كبير يتضمن قصص وخطابات مكتوبة بخط إحسان، وبدأنا فى فرز هذه الأوراق واحدة تلو الآخرى.

خطابات وأسرار تنشر لأول مرة بخط يده

بدأت بالاطلاع على خطاب "أمى وزوجتى"، حيث أهداه إحسان لهما وفيه "إلى السيدة صاحبة المدرسة التى علمتنا الثورة إلى أمى وأم كل الثائرين من أجل الحق والحرية إلى السيدة فاطمة يوسف"، وقال لزوجته: "إلى السيدة التى عبرت معى ظلال الحيرة.. والحب فى قلبينا.. حتى وصلنا معا إلى شاطئ الشمس.. إلى الهدوء الذى صان لى ثورتى.. والصبر الذى رطب لهفتى.. والعقل الذى أضاء فنى.. والصفح الذى غسل أخطائى.. إلى حلم صباى.. وذخيرة شبابى.. وراحة شيخوختى.. إلى زوجتى.. والحب فى قلبينا".

وبدأ إحسان مقاله: "أمى امرأة عاملة.. زوجتى امرأة ليست عاملة.. وأقصد طبعا المرأة التى تعمل خارج نطاق العائلة أيهما يمكن أن تكون صورة لما ندعو إليه كل نساء العالم.. هل ندعو كل نساء العالم إلى احتراف العمل، أم ندعو كل نساء العالم إلى التفرغ لمتطلبات الكيان العائلى؟".

واطلعت أيضًا على خطاب كتبه إحسان موجه إلى الرئيس محمد أنور السادات، حيث يعتذر عن رئاسة جريدة أخبار اليوم، قال له: "أخى وصديق عمرى تحية إيمان بك وحب لك، أعتذر عن رئاسة أخبار اليوم"، وعن السبب الرئيسى وراء مطالبته بالتخلى عن رئاسة الجريدة، قال محمد عبد القدوس، إنه رأى أن الكاتب مصطفى أمين خرج من السجن وكان عليه أن يمارس مهام وظيفته، لذا طلب من السادات التخلى عن العمل ولكن لم يذكر هذا السبب فى الخطاب.

وتصفحنا بعض من المقالات التى كتبها، والتى جاءت بعنوان "رأى فى المستقبل" ومقالة بعنوان "كلمة"، وبعض القصص التى منها "كان يريد أن يتزوج قلبه"، و"كنت هناك وكأننى أحادث نفسى"، وأيضًا "استغفر الله".

المقالات والخطاب التى تنشر لأول مرة