سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 8 سبتمبر 2008.. وفاة أحمد شفيق كامل.. شاعر الحب والثورة الذى أقنعه الشيخ الشعراوى بالاعتزال

السبت، 08 سبتمبر 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 8 سبتمبر 2008.. وفاة أحمد شفيق كامل.. شاعر الحب والثورة الذى أقنعه الشيخ الشعراوى بالاعتزال أحمد شفيق كامل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اقتربت من الشاعر الغنائى العظيم أحمد شفيق كامل منذ عام 1995، حتى رحيله يوم 8 سبتمبر «مثل هذا اليوم 2008» عن 89 عاما، وأهدانى شرائط لأغنيات نادرة، ونوتة موسيقية لأغنيته «أنت عمرى» لأم كلثوم بخط يد ملحنها محمد عبدالوهاب، وفيها شطب عبدالوهاب «شوقونى عينيك»، وكتب «رجعونى عينيك»، والأهم أنه أهدانى ذكرياته.
 
رحل «كامل»، ولا فصال عنده فى كره إسرائيل، وحب جمال عبدالناصر، ومحمد عبدالوهاب، والشيوخ، الشعراوى، وكشك، وياسين رشدى، ورأيت صور هؤلاء الذين أحبهم فى صالون منزله، وكان الشعراوى ببدلة وليس بجلباب وعباءة كالمعتاد، ولما علقت: «الأضداد يتجاورون» رد: «رحمهم الله، هم عند ربهم والله وحده أعلم بالنوايا».
 
فى ترجمة كرهه لإسرائيل أعادته الانتفاضة الفلسطينية المسلحة عام 2000 للشعر، بعد اعتزاله لأكثر من عشرين عاما، فكتب قصيدة «يوم القيامة قام» وراجعتها معه، وحملتها إلى جريدتى وقتئذ «العربى»، ونشرتها فى صفحة كاملة، وقبلها بسنوات دفعه كرهه لإسرائيل لتأليف أغنيته «خلى السلاح صاحى» لعبدالحليم حافظ ولحن كمال الطويل، عقب قرار وقف إطلاق النار فى حرب أكتوبر 1973، وكانت ختاما لأغنياته الوطنية الخالدة بصوت عبدالحليم فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى وهى «وطنى الأكبر»، «ذكريات»، «حكاية شعب»، «نشيد الثار»، «مطالب شعب»، «غنى يا قلبى»، وفى الغناء العاطفى كانت أغنية «أنت عمرى» عام 1964 مفتتحا لتعاون مع أم كلثوم، شمل «أمل حياتى»، «الحب كله»، «ليلة حب».
 
جاءت «أنت عمرى» بتدخل من عبدالناصر، يقول: «عشت وهابيا فى الغناء، عبدالوهاب هو أجمل صوت بشرى سمعته، وأنا فى الابتدائية وعدنى والدى بخمسة جنيهات لو نجحت بتفوق، وسألنى ماذا ستفعل بها؟، أجبت: سأشترى عبدالوهاب، كنت أظنه بلبلا، كروانا، شيئا جميلا يمكن أن أشتريه، عبدالوهاب كان يتميز بشىء أسميه «رادار الكلام»، حين أبدأ فى التأليف، أجرى على التليفون لأقرأ له، إذا قال: «الله»، أستكمل، وفى «أنت عمرى» قال بعد المقطع الأول: «الله.. ملينى يا أحمد»، كان من عادته كتابة «بسم الله الرحمن الرحيم» على الورقة التى فيها الأغنية التى يعتزم تلحينها فقط، ثم يبدأ فى كتابة اللحن، وفعل ذلك مع «أنت عمرى» ليغنيها، وعندى تسجيل بصوته، يختلف جذريا عن لحنه لأم كلثوم، ولما طلب عبدالناصر تعاونهما أثناء تكريمهما فى عيد العلم، أخرج الكلمات من دولابه، وبدأت اللقاءات فى فيلا أم كلثوم، طلبت تغيير المطلع: «شوقونى عينيك»، وكاد هذا يفسد اللقاء، لكنه انتهى إلى: «رجعونى عينيك لأيامى اللى راحت»، يرى شفيق: «لولا مطلب عبدالناصر ما كان التعاون بين القطبين، فكلاهما نظر إلى بعضهما بشك وريبة، عبدالوهاب كان زعيما فنيا وأم كلثوم أيضا، وتصورا أن تعاونهما سيسحب منهما».
أعطى «شفيق» أغنياته الوطنية لعبدالحليم: «لأنه الأصدق فى أدائها، كان زى ما بيقول كامل الشناوى لا يصدقه أحد إلا إذا غنى، متكامل فى أحاسيسه وهذا ما جعله صوت الثورة، لما أسمع كلامى اللى كتبته له، كأنى أسمعه أول مرة، عبدالحليم يغنى الوطنى تصدقه، يغنى العاطفى تصدقه، الموال تصدقه، إنسان تربى يتيما، شرخ الألم اللى موجود فى صوته كان من تأثير تربيته، كان يسرق قلبك».
 
يكشف سبب اعتزاله: «عرفت الشيخ الشعراوى، منذ أن كان يعمل فى جدة أستاذا بجامعة الملك عبدالعزيز، وكنت أعمل وزيرا مفوضا بالسلك الدبلوماسى، وضحك كثيرا حين عرف أننى مؤلف «أنت عمرى»، توطدت علاقتنا، وكنا نتزاور عائليا، وفى عام 1983 قبل أن أخرج إلى المعاش، قال لى: «إيه رأيك يا أحمد أنت غنيت للدنيا كتير، وسيبك من كده واعمل للى أنت رايح له»، كنت مستعدا، رغم رفض عبدالوهاب وصديقى المذيع والإعلامى الكبير أحمد سعيد».
 
وعن الشيخ «كشك» يقول: كان «سميع» أغانى ممتاز، عرفت هجومه الكاسح على «أنت عمرى»، أثناء خدمتى بتركيا، وكان صديقى فى العمل صديقه، ولما ذهبت لقضاء مناسك الحج، حدث خلاف بينى وبين واعظ الرحلة حول الحديث الشريف: «أى لحم نبت من الحرام النار أولى به»، كنت أفهم أن «اللقيط» هو المقصود، فسألت الواعظ: «وما ذنب اللقيط؟»، لم تقعنى إجابته، فطلبت من صديقى، أن يسأل الشيخ كشك الذى رد عليه: «غريبة صاحبك بتاع أنت عمرى يسأل السؤال ده، هو ماله ومال الكلام ده»، وبدأت صداقتنا، كانت دماغه حجر اللى يجى فيها ينفذه، لكن كان يعشق أغانى عبدالوهاب القديمة، وأغلى هدايى له كانت شريطا لأغنية نادرة منها، زرته مرة فى بيته، وداعبته: «إمبارح جيت عشان أعرف البيت قبل ما أجيلك النهارده، كده أنا عملت زى ما بيغنى عبدالوهاب: «مريت على بيت الحبايب»، انتفض جسمه من الضحك: «هأ.. هأ.. هأ» ودندن: «مريت على بيت الحبايب.. وقفت لحظة».
 
يواصل: «كان الشيخ ياسين رشدى خطيبا فى مسجد مصطفى محمود، وانتقل إلى الإسكندرية، مرة الشعراوى قال لى كلاما حول ما كتبته فهمت منه أنه مش راضى عنى، فذهبت إلى شقتى بالإسكندرية حزينا، وتوجهت للشيخ ياسين لأساله، وفوجئت وأنا أدخل عليه يقول لجمهوره: «واحد بيقول: قلنا حانبنى وآدى إحنا بنينا السد العالى.. بأمارة إيه بيقول الكلام ده.. الله هو الذى يقرر، ويأمر عباده، وبعدين سد إيه اللى بيتحدث عنه اللى بيسموه ويسمى نفسه شاعر؟»، تركته يتحدث ثم فاجأته: «أنا يا مولانا الشخص الذى كتب الكلام ده» فرد: «مرحبا يا سيدى، إيه حكايتك؟» فقلت له حكايتى».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة