صالح المسعودى يكتب: الرضا (قصة قصيرة)

الأحد، 30 سبتمبر 2018 06:00 م
صالح المسعودى يكتب:  الرضا (قصة قصيرة)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى مشهد يتكرر يومياً يستيقظ بعد معاناة من والدته وهى تحاول أن توقظه من نومه العميق، فقد أضاع أكثر ساعات ليله فى السهر فيتمتم بكلماته المعهودة (اصحى بدرى أعمل أيه) فتقول له والدته (هو يا ابنى اللى هنقوله هنعيده) يا ولدى النوم لن يبنى مستقبلك أخرج للدنيا أبحث عن رزقك، فيقول لها ( خلاص أسودت الدنيا فى وجهى والأرزاق توزعت والغنى هيفضل غنى والفقير هيزداد فقر).

 

تقول له والدته اتق الله يا ابنى فكل يوم ربك فى شأن ولا تقنط من رحمة الله وكل اللى عليك عمله إنك تصلى فرضك وتتقى ربك وتسعى على رزقك وستجد ربك مقسم الأرزاق ينتظرك ويوسع لك فى رزقك، فربك مطلع على العباد وهو أعلم بهم وتذكر يا ولدى أفضال ربك عليك وأهمها الصحة، لكنه لا يقتنع بكلمات والدته ويصر على أنه كان يستحق ( عيشة ) خير مما هو فيه.

 

وبعد معاناة من الكلام المتكرر يومياً مع والدته المسنة يخرج من المنزل باحثاً عن عمل يجلب له قوته وقوت والدته التى ما عادت تقدر حتى على خدمته، وأصبحت تحتاج إلى من يعاونها فقد انحصرت أحلامها بأن ولدها يجد له عمل يجعله أهلاً للارتباط ببنت الحلال التى تحمل عنها عبء خدمته.

 

ينطلق فى ( الشارع ) الذى يقطن فيه وفى أول ( قهوة ) يجلس ليحتسى (خمسينة) الشاى التى اعتاد أن يتناولها يومياً من يد عمى (فتحى) عامل القهوة التى يأتى له بالشاى ثم يجلس بجواره على الكرسى المقابل ويقول له ( طمنى يا ابنى عملت أيه؟ لقيت شغل؟ فيقول له لسه والله يا عم فتحى على باب الله  فيقول له ( ما خاب يا ولدى من اتجه على الله، اشرب الشاى وابدأ يومك ببسم الله وتوكل عليه هتلاقى خير كثير.

 

وقبل أن يتحرك عم فتحى من مكانه وإذا بسيارة فارهة تقف أمام المقهى وكأنه أتى بشكل خاص له فينادى عليه ليجيبه مسرعاً فيقول له عندى بعض الأعمال فى (الفيلا) فهل عندك استعداد للعمل؟ يقول له طبعاً يا باشا ويستقل معه السيارة وينطلقا، وفى الفيلا يبدأ الرجل بتوصيف الاعمال التى يجب عليه عملها، فيبدأ وهو يراقب عن كثب كل تلك الفخامة التى تطل من كل ركن من أركان هذا المبنى الفخم ولأسطول السيارات التى تقوم على خدمة من يقطن هذا المكان، ويتمنى فى نفسه أن يمتلك ولو الجزء اليسير من هذا الخير الوفير، ولكنه يبدأ فى العمل حتى ينجز ما كُلف به.

 

وبعد ساعات يرى صاحب البيت وهو يدفع كرسى معاقين عليه شاب فى مقتبل العمر بلا حراك فيهرول مسرعاً للمعاونة، ووضع الشاب فى وسط الحديقة فيشكره صاحب البيت على مروءته وحسن تصرفه، ويعود لاستكمال عمله ولكن حالة التطفل لديه تجعله يريد أن يعرف مَن هذا الشاب وماذا حدث له، فيجد ضالته فى هذا العامل الخاص بالحديقة فيسأله على استحياء عن ظروف هذا الشاب وماذا حدث له فيجيبه العامل بأن هذا الشاب هو الولد الوحيد لهذا الرجل صاحب كل هذا المال والثروة والخدم والحشم ولكنه تعرض لحادثة أفقدته القدرة على الحركة ( بشلل رباعى ) وأن والده قد طاف به دول العالم لمحاولة إعادته لطبيعته ولو حتى كسيحاً فقط فلم يفلح وهو على استعداد لأن يُفنى ثروته فى مقابل صحة ابنه ويطلب منه الدعاء له.

 

عاد إلى منزله بعد يوم من العناء فى العمل  بعدما تم منحه أجر جيد من ذلك الرجل الكريم، ولكنه فى تلك الليلة لم يذهب إلى سهرته المعتادة مع أصدقائه وفى نفس الوقت لم تستغرق والدته وقت فى إيقاظه من نومه بل قام مسرعاً ليصلى فرضه فما كان من والدته إلا أن سألته عن هذا التغير المفاجئ فى سلوكه، فيقول لها لقد تعلمتُ درساً مهماً أمس ووجدت أن صحتى تساوى أموال العالم، ولو شكرت ربى عليها لن أوفيه حقه فآثرت أن أشكره بالاجتهاد فى خدمتك وتغيير حياتى للأفضل وطلب منها الدعاء له وأنطلق باحثاً عن رزقه فى همة ونشاط .










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة