كريم عبد السلام

العمل والكدح.. مشروع لمواجهة العنف والتنمر

الثلاثاء، 25 سبتمبر 2018 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فائض الطاقة فى المجتمع المصرى هائل، وهى طاقة غير موظفة أشبه بكابلات كهرباء الضغط العالى متروكة فى العراء، فهى تنشر حولها مجالا تدميريا صاعقا، بينما يمكن توظيفها لتشغيل مصانع وتحلية مياه وإنارة منازل، ومجتمعنا يضم أكثر من 70 بالمائة من الشباب، طاقاتهم مشتتة إما بالجرى وراء أوهام الثراء السريع أو البحث عن فرصة للهجرة أو البكاء على أطلال البطالة أو الفهلوة فى نظام الحياة بما يدفع لحلقات متتابعة من الفشل أو الهروب إلى براثن التطرف وجماعات الإرهاب.
 
فائض الطاقة فى المجتمع ما زال مشتتا لم يجتمع حول فكرة نبيلة مثل إعادة بناء البلد والنهوض به، لأن المصالح الشخصية والكفر بالمجتمع والنوازع العدمية مازالت أقوى من عناصر الانتماء والتضحية من أجل الوطن وتقديم الواجب على المنفعة، فما زال بأنفسنا آثار الحلم الذى تحول إلى كابوس بعد 25 يناير، فالثورة سرقها الإخوان والتغيير لم يحدث بمجرد الخروج للشوارع وترديد الهتافات، وعندما سعينا لتصحيح المسار اكتشفنا أن البناء من الصفر بعد انهيار الدول يحتاج إلى جهود شاقة مضنية وميزانيات ضخمة وظروف مواتية. كما تعرض بلدنا لحصار اقتصادى غير مسبوق وحملات إعلامية مدفوعة بمئات الملايين من الدولارات لتشويهه والضغط عليه، وكذا لمحاولات جره لحروب إقليمية لا مصلحة له فيها، وعندما فشلت تلك التحركات والمؤامرات بدأت إجراءات عقابية تعجيزية، ومنها طبعًا منع السياحة ومحاولة ضرب الاقتصاد الوطنى، ولولا مؤسسة القوات المسلحة المشهود لها بالانضباط والتفانى والإنجاز لما شهدنا مشروعا تنمويا واحدا خلال السنوات الماضية.
 
كما أن فائض طاقات الشباب مازال بعيدا عن استعادة فكرة العصامية، أى الاستثمار فى الجهد الشخصى على مدى سنوات لبناء نجاح شخصى، بما يعود على الفرد والمجتمع بالنجاح والتقدم، وتراجعت الروح العصامية التى سادت المجتمع خلال القرن الماضى وأكسبت الكد والكدح قيمة مضافة، مع تقدم الفهلوية والعدميين الجدد وسيطرتهم على مفاصل المجتمع، وأصبح السمسار والمشهلاتى أهم من المزارع والصانع والبناء والتاجر وأغنى منهم جميعا، كما أصبح سائق التوكتوك بديلا للحرفى المخلص لحرفته، ومن ثم تصدع المجتمع رأسيا وأفقيا دون أن يتداعى الخطباء على منابر الجوامع والكنائس يدعون المصريين للعمل والكدح والكد من أجل أنفسهم أولا ثم من أجل بلدهم ثانيا.
 
تراجع قيمة العمل والعصامية أو الاستثمار فى الزمن والمكان وتراكم الجهد يوما بعد يوم وسنة بعد سنة وحلول قيم طارئة مشوهة وافدة محلها، هو ما أدى إلى تشتت طاقات المجتمع المصرى، وكأن فيهم القول المأثور «كيدهم فى نحورهم»، طاقتهم الجبارة موجهة إلى العنف والتشاحن والكراهية والتعصب ورفض الآخر، ولو كانت موجهة للعمل بصرف النظر عن مجال العمل، لأصبحنا أمام ملايين النماذج من النجاح والتحقق والثقة بالنفس والتعايش ورفض العنف ومنظومة الأمراض المرتبطة به.
 
العمل هو الحل.. شعار لا غنى عنه الآن وغدًا، ومنهج لابد أن يتبناه كل مصرى لنفسه وبلده وأمته ودستور يحقق للفرد وجوده ويحميه من الشطط والأفكار الطارئة والغريبة، العمل والإنتاج بدلا من الأوهام والفهلوة وأحلام الثراء السريع، هل تبنى الفهلوة مصانع؟ هل تحقق الأوهام أمنا أو تحمى حدودا؟ وهل يزرع التواكل أرضا أو يقيم مؤسسات؟ باختصار هل يحقق ما نحن فيه حلم الدولة المتقدمة، أم أن علينا أخذ أنفسنا بالشدة والحزم وأن نخطط لسنوات مقبلة من الكدح قبل أن نرجو الحصاد؟  هل من داع إلى شعار المرحلة الحتمى؟ هل من أنصار لمنهج العمل؟
 
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة