أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد بغدادى يكتب: ماليزيا الدولة التى تقدمت بعد سنوات عجاف

الإثنين، 24 سبتمبر 2018 02:00 م
محمد بغدادى يكتب: ماليزيا الدولة التى تقدمت بعد سنوات عجاف ماليزيا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لماذا تقدمت الدولة الماليزية؟ وكيف تطورت؟ وما طريقها نحو التنمية؟ وإلى أين ذهبت كوالالمبور؟ وكيف استعاد الشعب الماليزى عافيته مرة أخرى؟ ما الدور الحقيقى والمؤثر الذى لعبه مهاتير محمد رئيس الوزراء الماليزى. وكيف نستفيد من التجربة الماليزية فى التنمية؟ وما الأدوار المختلفة التى قام بها الفاعلون المؤثرون داخل الكيان الماليزي؟ كيف تحولت ماليزيا من سنوات المخاض إلى أضواء النهضة ونور العلم؟ يرجع الفضل فى تنمية كوالالمبور للدكتور ماهتير محمد رئيس الوزراء السابق وهو الأبن الأصغر لوالديه. كان والده مدرسا بسيطاً، وراتبه لا يكفى لشراء عجلة يذهب بها ابنه مهاتير إلى المدرسة الثانوية.. فعمل الابن مهاتير بائعا للموز حتى حقق حلمه، ثم فى مرحلة متقدمة، اعتمد الإبن على نفسه ودخل كلية الطب فى سنغافورة، وأصبح رئيساً لاتحاد الطلاب المسلمين بالجامعة قبل أن يتخرج عام 1953. ثم عمل طبيبا لدى الحكومة الإنجليزية المحتلة لبلاده حتى استقلت دولة ماليزيا فى العام 1957 وفتح بعدهـا عيادته الخاصة كجراح وكان يخصص نصف وقته للكشف المجانى على الفقراء.

 كما أن مسـاحـة ماليزيا حوالى 320 ألف كم مربع وعدد سكانها يقدروا بـ28 مليون نسمة وكان الماليزيون قديمـا يعيشون فى الغابات ويعملون فى زراعة الأناناس والمطاط وصيد الأسماك. وقد سئمت الدولـة من وجود صراعـات طائفيـة بين أكثر من 18 ديانة ومذهب. كما أن متوسط دخل الفرد أقـل من ألف دولار فى العام 1981 حينمـا تولى مهاتير محمد زمام الأمور. كما تم اعتماد ماليزيا كاسم فى العام 1963 عندما اتحدت سنغافورة وسراوق واتحاد المالايو وبورنيو الشمالية فى اتحاد واحد تكون من 14 دولة. فى خريطة نشرت لأول مره فى عام 1914 فى شيكاغو طبعت كلمة ماليزيا على أنها تشير إلى بعض المقاطعات ضمن أرخبيل الملايو. كما تشير وصف الماليزى كمواطن إلى كافة الشعب الماليزى من جميع الأعراق بشكل عام، بينما تشير كلمة الملايو للشعب الملايو الأصليين، الذين يشكلون ما يقرب من نصف السكان داخل الدولة.

 فاز مهاتير محمد بعضوية مجلس الشعب فى العام 1964 ثم خسر هذا المقعد بعد 5 سنوات فقط قضاها، وتفرغ لعمل كتاب عن مستقبل ماليزيا الاقتصادى عام 1970 وأعيد انتخابه مره أخرى عام 1974، ثم اختياره وزيراً للتعليم للعام 1975، ثم مساعداً لرئيس الوزراء، فرئيساً للوزراء عام 1981، لتبدأ عملية التنمية والنهضة الشاملة التى تكلم عنها فى الكلمة التى صرح بها بمكتبة الإسكندرية، فقد قـال بالحرف الواحد أنه أخذ افكـاره من النهضة المصرية التى قام بها محمد على باشا.

 فلقد قامت الدولة الماليزيا بعمل خطوات للتنمية كالتالي: أولاً: تم وضع خطة استراتيجية طويلة المدى بجانب خريطة عمـل حددت فيها الأولويات والأهداف، التى من الممكن الوصول إليها خلال العشر سنوات القادمة. ثانياً: اختار مهاتير محمد قضية التعليم والبحث العلمى على رأس الخطـة الاستراتيجية، وبالتالى خصص لها جزء كبير من ميزانية الدولة لتدريب الحرفيين والمدارس ومحو الأمية وتعليم الإنجليزية والبحوث العلمية. بخلاف عشرات الآلاف من الطلاب كبعثات للدراسة فى أفضل الجامعات الأجنبية. ثالثاً: صارح مهاتير محمد الشعب بكل شفافية ووضوح خطته الفعاله واستراتيجيته، وأطلعهم على النظام المالى للدولة، الذى يحدده مبدأ الثواب والعقاب للوصول فى النهاية إلى "النهضة الشاملة" كما تحدث بذلك، فدعمه الشعب ووقف بجانبه، وبدأوا بالزراعة فغرسوا مليون شجرة «نخيل زيت» فى أول سنتين من الحكم لتصبح كولالمبور أولى دول العالم وأسيا فى إنتاج وتصدير "زيت النخيل". وبالنظر إلى السياحة فقد وضعـوا خطـة لتنمية المناطق السياحيـة بحيث تجذب السياح خلال عشر سنوات بما يعادل 20 مليار دولار بدلاً من 900 مليون دولار فقط، وكما يقـال أن دخل ماليزيـا من السياحـة هو ما يعادل 33 مليار دولار سنوياً.

 أما قطاع الصناعة فقد حقق طفرة اقتصادية أيضاً فى عام 96 تجاوزت 46% عن العام الذى يسبقه بفضل المنظومة المستقبلية والقفزة السريعة فى تصنيـع الأجهزة الكهربائية، والحاسبات الإلكترونية؛ مما قضى على البطالة تماماً. وبالنسبة لقطـاع الاستثمـار فها هو يشهد طفرة مترامية الأطراف حيث تم فتح جميع أوجه الاستثمار على مصراعيه بضوابط محدده أمام الاستثمارات الداخلية والخارجية؛ لبناء برجين توأم فى العالم يضمـان 65 مركزا تجارياً فى العاصمة كوالالمبور وحدها وهما الأطول عالمياً، وأقـام قواعـد منظمة للبورصـة وتم تشغيلهـا حتى وصل حجم التعامل اليومى إلى ألفى مليون دولار يومياً. كما أنشأ مهاتيـر محمد أكبر جامعة إسلامية فى العالم، وقد أصبحت فيما بعد ضمن أهم خمسمائة جامعة يتهافت على دخولهـا شباب الغرب والشرق الإسلامى.

 ومن جهة أخرى لقد أنشأ مهاتير محمد عاصمة إدارية جديدة بجانب العاصمة التجارية «كوالالمبور» التى يقطنها أقل من 2 مليون نسمة، ولكنهم خططوا أن تستوعب أكثر من 7 ملايين عام 2020، ولهذا تم بناء مطارين كبيرين بخلاف عشرات الطرق السريعة تسهيلاً للسائحين، والمستثمرين، الذين أتوا من الصين، والهند والخليج ومن كل بقاع الأرض. فلقد استطاع مهاتير محمد من عام81 إلى عام 2003 أن يهرب ببلاده من قـاع الفقر والجوع والعوز إلى مصـاف الدول الناهضة؛ وظهر ذلك جلياً من خلال الآتي: فلقد زاد دخل الفرد الماليزى من 100 دولار سنوياً فى عام 1981 عندما تولى الحكم إلى 16 ألف دولار سنوياً، كما وصل الاحتياطى النقدى من 3 مليارات فى العام 1981 إلى 98 ملياراً، كما وصل حجم الصادرات إلى 200 مليار دولار، كما تم وضع قوانيـن تحكـم حقوق الطوائف الثمانيـة عشـر المختلفـة بما لا يميز فئة على أخرى. وأخيرا وليس آخراً، ترك مهاتير محمد فى العام 2003 وبعد 21 سنة، كرسى السلطة رغم كل الأصوات المنادية باستمراره؛ تاركاً لمن يخلفه فى الحكم خطة استراتيجيـة حتى عام 2020 بنائـة وفعاله وقابلـة للتطـوير والتغيير بحسب الاحتياج تسمى 20-20 حيث تهدف إلى تحويل ماليزيـا إلى رابع قـوة اقتصادية فى العالم بصفة عامة وفى آسيا بصفة خاصة بعد الصين، واليابان، والهند. ويبقى التساؤل متى سيتم استخلاص الدروس المستفادة من تجارب الدول الناجحة مثل ماليزيا.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة