ولعل تمكن الحكام الأعراب، من رقاب شعوب المؤمنين بالدين الإسلامي، وغير المؤمنين به، سواء كانوا عربا، أو غير عرب، فى البلاد العربية، وفى باقى بلدان المسلمين، ومن ريع الأرض، يجعلهم يملكون الأرض، ومن عليها، وما فى باطنها، ويعتقدون أنهم صاروا يشكلون الحقيقة المطلقة، التى تمكنهم من طلب المتعة فى هذه الدنيا، قبل الآخرة، وهو ما يعني: أن الحكام الأعراب، يستغرقون فى طلب الملذات، بما لا عين رأت، ولا أذن سمعت.
ومن ملذات الحياة الدنيا: بناء القصور، مهما كلف بناؤها، وبأنماط مختلفة عن القصور القديمة، أو المتهالكة، التى لا تستجيب لذوق الأعراب، حتى يتميزوا فى قصورهم، عن جميع الحكام: قديمهم، وحديثهم، وبآخر صيحة من الديكور، الذى يكلف كثيرا.
ومن ملذات الحياة الدنيا، أن تصير تلك القصور عامرة بالخدم، والحشم، وغيرهم من من المخلصين، الذين لا قدرة لهم على الميل إلى النساء، فى تلك القصور، ومن تقدم عليهن، من كل فج عميق، ومن مختلف أرجاء الأرض، حتى يصرن رهن إشارة الحكام الأعراب، الذين يستغرقون فى المتعة، إلى مالا نهاية محولين ما ورد فى سورة الواقعة، عن أصحاب اليمين يوم القيامة:
(وأصحاب اليمين، ما أصحاب اليمين، فى سدر مخضوض، وطلح منضود، وظل ممدود، وماء مسكوب، وفاكهة كثيرة، لا مقطوعة، ولا ممنوعة، وفرش مرفوعة، أن أنشأناهن إنشاء، فجعلناهن أبكارا عربا أترابا لأصحاب اليمين، ثلة من الأولين، وثلة من الآخرين)
إلى الحياة الدنيا، وكأن الحياة الدنيا، لا تعقبها حياة أخرى، أو كأنها قائمة أبد الدهر، لا تزول، وكأن يوم الحساب، والعقاب، غير وارد أبدا، وكأن ارتكاب الجرائم فى حق البشر، من أجل تحقيق المتعة الزائدة، غير خاضع للحساب يوم القيامة؛ لإنها شريعة الأعراب، التى لا تعدلها أية شريعة فى هذا الكون، إنهم يقومون بإنتاج الرذيلة، فى الوقت الذى يدعون فيه أنهم يحمون الدين الإسلامي، ويعملون على نشر الرذيلة، فى الوقت الذى يدعون فيه أنهم ينشرون الدين الإسلامي، وينشئون أوكار الرذيلة، فى جميع أنحاء العالم، وخاصة فى بلدان المسلمين، وفى بلدان الغرب الرأسمالى المتوحش، فى الوقت الذى يعملون فيه على بناء المساجد، كمعالم، فى كل أرجاء العالم، وينخرطون، بشكل جماعي، فى ممارسة الرذيلة، فى الوقت الذى يتظاهرون فيه، بحرصهم عل ما جاء به الدين الإسلامي، من قيم نبيلة، لا يأتيها الباطل من بين يديها، ولا من خلفها، ويبذرون ثروات شعوبهم، الآتية من ريع الأرض، على ممارسة الخبث، والرذيلة، مع ادعاء الحرص على المحافظة على ثروات الشعوب، ويقومون بفرض ما جاء فى القرءان الكريم من قواعد، وردت لتنظيم مجتمع المدينة، فى عهد الرسول، فى الوقت الذى يدعون فيه: أنهم يعملون على حماية ما جاء به الدين الإسلامي، وخاصة فى القرءان، وما ثبتت صحته من أحاديث.
أليس الأعراب أعرابا؟
هل يمكن أن يكون الأعراب شيئا آخر غير الأعراب؟
أليس موقف القرآن من الأعراب:
(الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله).
واضحا، وضوح الشمس فى كبد السماء، ولا يحتاج إلى تأويل معين؟
ألم يرد فى القرآن:
(قالت الأعراب آمنا، قل لم تؤمنوا، ولكن قولو أسلمنا، ولما يدخل الإيمان فى قلوبكم)؟
فلماذا نتعامل مع الحكام الأعراب، على أنهم يؤمنون بالدين الإسلامي؟
لماذا لا نتعامل معهم، انطلاقا من منطوق القرآن؟
ألم يدعو أنهم مسلمون بدون إيمان بالدين الإسلامي، الذى يوظفونه فى الأمور الأيديولوجية، والسياسية؟
ألا نعتبر أن أدلجة الدين الإسلامى ابتدأت واستمرت على أيدى الأعراب، إلى ما لا نهاية، ما دام هناك إسلام، وما دامت أدلجته ممكنة؟
أليست الشعوب التى يروج لها، المنخدعة بخطابات الأعراب، عن طريق وسائل الإعلام السمعية / البصرية، والمقروءة، والإلكترونية، هى التى تحتضن هذه الخطابات، أملا فى الدخول إلى الجنة، من أجل التمتع بالحور العين، يوم القيامة، فى الوقت الذى يتمتع فيه الأعراب، بالحور العين فى الحياة الدنيا؟
ألا تتحمل الشعوب المنخدعة بخطابات الأعراب، المروج له عبر وسائل الإعلام، مسئولية تاريخية، فى قبول هذه الحسابات، وعدم العمل على إبطال مفعولها، على أرض الواقع، والعمل على محاصرتها، واعتبار كل خطابات أدلجة الدين الإسلامي، محرفة للدين الإسلامي؟
أليست مقاومة خطابات أدلجة الدين الإسلامي، فرضا واجبا، على كل المؤمنين بالدين الإسلامي، حتى لا نقول المسلمين؛ لأن مفهوم المسلمين، يشمل الحكام الأعراب؟
أليست مقاومة أدلجة الدين الإسلامي، من خلال مقاومة خطابات الأعراب، وسيلة للمحافظة على هوية الدين الإسلامي، كشأن فردي، لا علاقة له لا بالجماعة، ولا بحكم المسلمين، ولا بـ (الإسلام هو الحل)، ولا بأى شيء آخر؟
أليس الحفاظ على الدين الإسلامي، كشأن فردي، لاتقاء شروط أدلجة الدين الإسلامي، على يد الأعراب؟
أليس هم الحكام الأعراب، إقامة الليالى الحمراء، التى تنتهى بإفراغ ما يحملونه فى فروج النساء؟
فلماذا، إذن، ننخدع بمثل هؤلاء، الذين يمتصون دماءنا، كلما فكرنا فى أداء فريضة الحج، كركن من أركان الدين الإسلامي؟
1) أن الأعراب، لا يمكن أن يكونوا إلا أعرابا، ولا يمكن أن يكونوا شيئا آخر، غير الأعراب، والبدو لا يمكن أن يكونوا إلا بدوا، ولا يمكن أن يكونوا شيئا آخر، غير البدو.
والأعراب، والبدو، متطابقان، والتطابق، لا يعنى إلا إنتاج نفس الممارسة البدوية، سواء كانوا أعرابا، أو بدوا، والأصل فى الأعراب، هو النزوح من البادية، فى اتجاه المدينة، دون التفريط فى القيم البدوية، التى يتمسك بها النازحون فى اتجاه المدينة، والدفاع عنها، والتمسك بممارستها، مما يجعل الأعراب لا يندمجون، بسهولة، فى الممارسة الحضرية، التى تصير بفعل التمسك بقيم البدو، وبممارستهم، كممارسة معاقة، ليصير سكان الحاضرة فى البلاد العربية، وفى باقى بلدان المسلمين، تنتج فعلين متناقضين، محكومين: إما بقيم الحاضرة، وإما بقيم البداوة، على مستوى السلوك، وعلى مستوى اللباس، وعلى مستوى استهلاك المواد الغذائية، وعلى مستوى المعاملات، التى يقتضيها التواجد فى الحاضرة، الذى يصير غير مختلف، بالنسبة للنازحين عن التواجد فى البادية.
وحتى تكتسب ممارسة الأعراب شرعية التواجد فى الحاضرة، فإنها تتحول، بفعل أدلجة الدين الإسلامي، إلى ممارسة إسلامية، مستمدة من قيم أدلجة الدين الإسلامي، لتصبح المحافظة على البداوة، ممارسة إسلامية، حتى تتأتى الاستمرارية لإنتاج نفس الممارسة، أو إعادة إنتاجها، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى يتأتى تجديد البداوة، التى تصبح سائدة، فى مجتمع يؤمن، معظم أفراده، بالدين الإسلامي، نشأ حضريا، ونما، وتطور حضريا.
ومعلوم، أن الدور الذى لعبته أدلجة الدين الإسلامي، فى تاريخ المسلمين، لا يمكن أن يكون إلا سلبيا، وسلبيته، آتية من كونه جعل المؤمنين بالدين الإسلامي، يتفرقون إلى شيع، وقبائل من المسلمين، فهؤلاء شيعة علي، وأولئك شيعة معاوية، والآخرون موالون لآل الزبير، ثم الخوارج، وما تفرع عن شيعة علي، وعن الخوارج، ...إلخ، فكأن الدين الإسلامي، وجد ليكون منشطرا إلى شيع، وقبائل، مع العلم، أن كل حزب من الشيعة، والخوارج، والأتباع، يعتبر نفسه هو المسئول عن المحافظة على الدين الإسلامي، كما هو موجود، كما جاء فى القرءان.
وفى خضم عدد الأدلجات، وتصارعهان حول: من يتكلم باسم الدين الإسلامي، سيبقى الدين الإسلامى مهمشا، بل صار نسيا منسيا، مع تعدد الأحزاب، التى تدعى إسلاميتها، وتوالد هذه الأحزاب، وإنتاج ركام من الأدبيات على يد كل حزب، لتصبح الأدبيات، المعبرة عن حقيقة الدين الإسلامي، مختفية، ومتراجعة إلى الوراء.
فما العمل من أجل محاصرة التوجهات الإسلاموية / الأعرابية؟
إن الأعراب، لا يمكن أن يكونوا أعرابا، إذا لم ينتهزوا الفرص المواتية، وقابلية النص الدينى لتعدد الفهم، وتعدد التأويل، فرصة مواتية، لانتهاز فرص أدلجة الدين الإسلامي، وادعاء احتكار فهمه، وتوجيه ممارسة المؤمنين بالدين الإسلامي، الذين يعتبر غالبيتهم أميين، لا يفكون الرموز، ولا يفهمون، أى شيء، من النص الديني، مما جعل الوصاية على الدين الإسلامي، محتكرة من قبل مؤدلجيه من الأعراب، الذين أصبحوا يتمثلون رجال الدين، فى ديانة موسى، وفى ديانة عيسى، أى بمثابة رهبان فى الدين الإسلامي، يتحكمون فى سلوك المسلمين، ويوجهون، حسب هواهم، مما أدى إلى استعداد كل المنحشرين وراءهم، من المؤمنين الأميين، للموت، من أجل التخلص من كل من خالفهم الرأي، من المؤمنين الحقيقيين بالدين الإسلامي، المدافعين عنه، المستميتين من أجل سيادة الفهم الصحيح للدين الإسلامي.
ولذلك، فمواجهة كل التوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي، والمحرفة له، عبر:
ا ـ التمسك بالفهم الصحيح، والأصيل، للدين الإسلامي، باعتباره مصدرا للقيم النبيلة، التى تحض المؤمنين بالدين الإسلامي، على الوقوف ضد التخلف، وضد الفهم غير الصجيج للنص الدينى الثابت، وغير المنسوخ، من أجل إثراء القيم النبيلة، المنبعثة من تلك النصوص.
ب ـ الالتزام باحترام المعتقدات الأخرى، وخاصة منها السماوية، مادامت لا تنتج فى ممارسة الاعتقاد بها، إلا القيم النبيلة، أما إذا كانت تنتج القيم المتخلفة، فإن العمل على تجاوزها، يصبح من باب الأولويات، التى تجعل ما ليس صالحا، للوجود، فى ذمة التاريخ، والتاريخ لا يرحم أبدا.
ج ـ النضال من أجل فرض دولة الحق، والقانون، باعتبارها دولة علمانية / ديمقراطية، تتساوى فى إطارها المعتقدات المختلفة، بمرجعياتها المختلفة، وصولا إلى أن يقوم كل فرد من أفراد المجتمع، باختيار المعتقد الذى يريده، أن شاء ذلك، وإلا، فإن بقاءه بدون معتقد، يعتبر حقا له، كما جاء فى القرءان: (فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر).
د ـ ضمان تمتع جميع أفراد المجتمع، بكل الحقوق: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، كما هى فى الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وفى إطار دستور ديمقراطى شعبي، يحكم دولة الحق، والقانون، التى تعتبر ملاذا للمقهورين، والمظلومين، والمحرومين من كل الحقوق.
ه ـ منع تأسيس أى حزب، أو أى جمعية، أو أى نقابة، على أساس ديني، وحل جميع الأحزاب، والجمعيات، والنقابات، التى تأسست على هذا الأساس، من منطلق أن ما بنى على باطل، يعد باطلا، خاصة، وأن الدين، أى دين، ومنه الدين الإسلامي، هو لمن يؤمن به، من أجل أن يتحلى بقيمه النبيلة، التى لا تلزم إلا المؤمنين به، ولا تلزم المؤمنين بمعتقدات أخرى، وليس لمن يعتمده من الانتهازيين الأعراب، فى تأسيس حزب معين؛ لأن اعتمادا من هذا النوع ،يعتبر بمثابة السطو على ما للغير، والذى يسطو على ما للغير، من الأديان، أو من الدين الإسلامي، لا يؤمن بأى دين، بما فى ذلك الدين الإسلامي، الذى لا يرى فيه إلا صلاحيته للاعتماد فى تأسيس حزب دينى معين، يمكنه من استغلال المؤمنين به، وتجييشهم، أن كانوا قابلين للتجييش، فى أفق توظيفهم، من أجل الوصول إلى ممارسة السلطة، باسم الدين الإسلامي، من أجل فرض التضليل، الذى يصبح (شريعة)، يجب تطبيقها ب (أمر من الله)، و (نيابة عنه).
و ـ إيجاد هيأة تهتم بأدلجة الدين الإسلامي، تنكب على إبراز مظاهر التحريف، فى أدلجة اى دين، وفضح تلك المظاهر، فى صفوف المؤمنين بمختلف المعتقدات، الذين عليهم امتلاك الوعي، بخطورة أدلجة أى معتقد من المعتقدات، وخاصة، الدين الإسلامي، حتى يتحملوا مسؤوليتهم، فى التصدى للمؤدلجين، المحرفين لمختلف المعتقدات، وإقامة سد أمامهم، حتى لا ينفذوا إلى عمق مجتمع المؤمنين بمعتقد معين.
ز ـ إخضاع من يثبت أنه سا هم بشكل، أو بآخر، فى تحريف أى معتقد، وخاصة، عندما يتعلق الأمر بالدين الإسلامي، للمحاسبة، والمساءلة، والمحاكمة، باعتباره ممارسا للسطو على المعتقدات، التى هى للمؤمنين بها، وليست لمن يستغلها أيديولوجيا، وسياسيا، من أجل الوصول إلى السلطة، والعمل على محاكمتهم، من أجل ما اقترفوه من سطو على أى معتقد، بما فى ذلك الدين الإسلامي، الذى هو لمن يؤمن به، وليس لمن يستغله أيديولوجيا، وسياسيا، واتخاذ ما يجب فى حق المؤدلجين.
ح ـ تجريم اتباع، أو الانخراط فى التوجهات المؤدلجة لأى دين، بما فى ذلك الدين الإسلامي؛ لأن الانتماء إلى الأحزاب، لا يتم على أساس تدين تلك الأحزاب، بل على أساس الاقتناع بأيديولوجية الطبقة التى يمثلها ذلك الحزب، سواء كانت إقطاعية، أو بورجوازية، أو بورجوازية صغرى، أو عمالية.
فالأساس الأيديولوجي، هو المعبر عن المصالح الطبقية، كمحدد للانتماء إلى طبقة معينة، من الطبقات المتصارعة فى المجتمع، وبالتالي، فإن الصراع القائم على أساس الانتماء إلى التوجهات المختلفة، المؤدلجة لمختلف الأديان، بما فى ذلك الدين الإسلامي، لا يمكن أن تنتج لنا إلا الصراع بين المعتقدات، وبين الطوائف المختلفة؛ لأن كل طائفة لها مصالح معينة، وكل واحدة تريد أن تصل إلى الحكم، باسم الله، على البشر الذين يؤمنون بيوم القيامة، وبالجنة، والنار، وبالحور العين، وغير ذلك، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، سواء تعلق الأمر بالجنة، أو بالنار، أو بالحور العين، وهو ما تم تصويره فى سورة الواقعة:
(وأصحاب اليمين، ما أصحاب اليمين، فى سدر مخضوض، وطلح منضود، وظل ممدود، وماء مسكوب، وفاكهة كثيرة، لا مقطوعة، ولا ممنوعة، وفرش مرفوعة، إنا أنشأناهن إنشاء، فجعلناهن أبكار عربا، أترابا لأصحاب اليمين، ثلة من الأولين، وثلة من الآخرين، وأصحاب الشمال، ما أصحاب الشمال، فى سموم، وحميم، وظل من يحموم، لا بارد، ولا كريم، إنهم كانوا قبل ذلك مترفين، وكانوا يصرون عل الحنث العظيم، وكانوا يقولون أإذا متنا، وكنا ترابا وعظاما...إلخ).
وهذا التصوير، يحدد لنا أهداف الصراع بين الطوائف الدينية، مهما كانت هذه الطوائف، إلا أن القادة الذين يديرون الصراع بين الطوائف، لا يهتمون لا بالجنة، ولا بالنار، إنهم يعملون على إدراك ذلك، فى الحياة الدنيا، عن طريق الوصول إلى الحكم، واستغلال مختلف الموارد المالية، لتحقيق كل أشكال المتع، والملذات، فى هذه الحياة، وما بعد هذه الحياة، يترك للمضللين، الذين يضحون بأنفسهم، من أجل الوصول إلى الجنة، والشروع مباشرة فى التمتع بالحور العين، وبكل الخيرات التى حرموا منها فى الحياة الدنيا.
وعلى خلاف الانخراط فى الصراع الطائفى / الطائفي، باعتباره صراعا دينيا / دينيا، لا يسعى الصراع الدينى / الديني، إلا إلى تحقيق الأهداف الغيبية، التى لها علاقة بالجنة، أو بالنار، فإن الصراع الطبقي، على عكس ذلك، يجعل كل من ينخرط فيه، يسعى إلى تحقيق أهداف محددة على الأرض، من قبل فرض دستور ديمقراطى شعبي، ومن قبل تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، التى لا تعنى إلا التوزيع العادل للثروة، وتقديم مختلف الخدمات، وتمتيع جميع أفراد المجتمع، بكافة الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، فى حالة جعل ميزان القوى، لصالح الجماهير الشعبية الكادحة، أما إذا كان ميزان القوى لصالح الإقطاع، أو البورجوازية، أو لصالح التحالف البورجوازى الإقطاعى المتخلف، يبقى على ما هو عليه، إلى حين.
وانطلاقا مما رأينا، فإن محاصرة التوجهات الأعرابية المؤدلجة للدين الإسلامي، لا تتم إلا بإنتاج ممارسة سليمة، لا تمت بأى صلة لممارسة الأعراب، ولفكرهم، ولأدلجتهم للدين الإسلامي، ولاستغراقهم فى تلك الأدلجة، ولجعلها متطرفة، تقف وراء رغبتهم المتواصلة، فى التخلص من البشر، من المؤمنين المتمسكين بالدين الإسلامي، فى حقيقته، حتى لا يبقى فى هذه الحياة، إلا الموالون للأعراب، من مشارق الأرض، ومغاربها، من أجل أن يتفرغ الحكام الأعراب، إلى التمتع بالحياة الدنيا، فى الشرق، وفى الغرب، وفى الشمال، وفى الجنوب، وغير ذلك، مما يمكن اعتباره من خير الأمور، كما جاء فى الحديث.
ولذلك، نجد أن إنتاج الممارسة النقيضة، هو السبيل إلى جعل الأعراب الحكام، يعيدون انظر فى فكرهم، وفى ممارستهم، التى يعتقدون: أن الباطل لا يأتيها، لا من بين يديها، ولا من خلفها، مع أن ممارستهم، وفكرهم، وكل ما يصدر عنهم، يعتبر باطلا، ومواجهتهم تقتضى العمل على نفيهم، من واقع البشرية؛ لأنهم يشكلون مصدرا لكل أشكال الفساد، التى تعانى منها البشرية، على وجه الأرض؛ لأن الأعراب (أشد كفرا، ونفاقا، وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله)، وما داموا أشد كفرا، فإنهم لا يؤمنون بالدين الإسلامي، ولأنهم أشد نفاقا، فهذا النفاق هو الذى جعلهم يدعون الإيمان بالدين الإسلامي، من أجل استغلاله أيديولوجيا، وسياسيا، فى أفق تضليل المؤمنين به، وتجييشهم، لتتشكل منهم قنطرة، يمر عليها الأعراب، إلى السيطرة على الحكم، فى أى بلد، من البلاد العربية، ومن باقى بلدان المسلمين، من أجل توظيفه فى التمتع بمختلف الملذات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة