ذكرنا سابقاً العديد من الفضائل الهامة التى يجب أن نتعلمها من حياة السيد المسيح على الأرض، ونستكمل اليوم حديثنا مجدداً عن تلك الفضائل.
الفضيلة الحادية عشرة: "الصبر والاحتمال" تأتى كلمة صبر فى قاموس المعانى بمعنى الاحتمال فى هدوء دون تذمر أو شكوي، روى أحد الأشخاص فى كتابه مثل عن الصبر فقال: تخيل معى أن رئيس الجمهوريه كان شخص غير صبور يُستَثَار ويغضب من أقل المواقف، حينها ستقوم الكثير من الحروب بين الدول والبلاد، فالصبر والإحتمال من الصفات الحميده التى تجلب الراحه والهدوء للإنسان لتجعله شخص محبوب ويُحترم من الجميع، أما الغضب فهو صفه مصاحبه للتسرع وصديقه للجاهل كما ورد فى سفر الجامعه حيث قال الحكيم لا تسرع بروحك إلى الغضب لأنه يستقر فى حضن الجهال.
بينما كان السيد المسيح مُجتمِعاً بتلاميذه ليقدم لهم بعض التعاليم عن طريقة العتاب السليمه تقدم إليه بطرس ليسأله كم عدد المرات التى يجب على أن أغفر وأحتمل فيها من يخطأ فى حقى ويُغضبنى فكان رد السيد المسيح ليس هناك عدد محدد من المرات، لإن من يستطيع أن يصبر أكثر يحصد ثمار أعظم.
ولقد إستخدم السيد المسيح فضيلة الصبر والإحتمال كثيراً فهو كان يعَلَم مسبقاً أن يهوذا سيُسلمه مقابل الثلاثين من الفضه فبينما كانوا جالسين معاً أعلَمَهُم قائلاً أن أحدكم سيُسلمنى وبالرغم من ذلك فقد إحتمله دون شكوى لكى يستقيم قلبه وسلوكه، وحتى وقت أن خانه يهوذا وأسلَمه كانت لكلماته الرقيقه واللطيفه الهادئه بدون غضب تأثير لاذع عليه فطرح يهوذا الفضه فى الهيكل وانصرف ثم ذهب وشنق نفسه، أيضاً قد صبر السيد المسيح وإحتمل قلة نضج وجهل نيقوديموس والذى كان رئيس لليهود عندما أتى إليه ليلاً لكى يتعلم منه، وبصبر السيد المسيح عليه جعله أكثر جرأه وشجاعه ليدافع عن السيد المسيح أمام مجمع اليهود حيث كان يتمتع بسُلطه بينهم.
إختبر الرسول تلك الفضيله فأراد أن يُخاطِب كل ذى فهم ووعى فقال: المحبه تحتمل وتصبر على كل شيء فإختبروا محبتكم بالإحتمال، وبطول أناة وبصبر إحتملوا بعضكم بعضاً، أن كان لأحدكم شكوى على الأخر فتذكروا كيف إحتمل السيد المسيح، فهكذا أنتم أيضاً تمثلوا به،
الفضيله الثانية عشر: "فضيلة الإحساس بالأخر" من المؤلم جداً للنفس أن لا تجد من يشعُر بهمومها وأحزانها فتسقط من إعتبارات الأخرين فى وسط زحام الحياه الشديد، الإحساس بمعاناة الأخرين هو فن قد لا يُجيده الكثيرين، فن مواساة الروح المنهكه والمملوءه حزناً.
سأصحبكم فى جوله فى حياة السيد المسيح إلى منطقة الجليل وبالتحديد فى قرية صغيره بداخلها تُدعى نايين حيث كانت هناك جنازة لشاب وحيد وكانت اُمَهُ أرمَله وبينما كان الرجال يحملوه للدفن كانت الأم تبكى كثيراً، وما قد ابهج قلبى فى هذا المشهد الحزين هو تصرُف السيد المسيح، فلم يطلب منه أحد فى هذا المشهد أن يتدخل ليفعل شيئاً، ولكنه حين رأها تحنن قلبه عليها وقال لها لاتبكى من فضلك ثم تقدم ولمس النَعش وأقام ذلك الشاب وهنا قد دمج السيد المسيح فضيله اُخرى وهى المبادره، فقد كان مبادر بالسؤال وكان رحيم على أرمله ليس لها إلا إبنها الوحيد، نذكر أيضاً أن السيد المسيح بكى عند قبر لعازر قبل أن يقيمه عندما رأى مريم اخته واليهود الجالسين معها يبكون وهو دليل عملى على شعوره بألام المُتعبين، استوقفتنى جمله على لسان أحد أصدقائى ولكنها قد احزنتنى كثيراً حين قال: توقف عن العطاء بإستمرار لكى لا تنتهى دون أن يشعروا بك، الكثيرين منا يريدوا أن يروا النتيجه الفوريه لعمل الخير، تذكر الفلاح الذى يبذر زرعه عالماً أن الحصاد لا يأتى سريعاً، ولكنه سيأتى بالخير المضاعف لفاعله فى وقته.
فإن قمت بتقديم خدمة ما لشخص آخر ورأيت النتيجه مخالفه لما تنتظره، فتذكر خطاب الرسول بولس إلى أهل غلاطيه حين قال لهم: إذا حسبما لنا فرصه فلنعمل الخير للجميع لأننا سنحصد الخير فى وقته أن كنا لا نمل، فهناك موسم للحصاد والذى سيجمع فيه الإنسان ثمر ما قد فعله من أعمال خير ومساندة للأخرين، فطوبى لمن يشعر بالأخر لأنه سيجد من يرحمه ويشعر به.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة