سلط الكاتب البريطانى كنان مالك فى مقال له بصحيفة "الأوبزرفر" البريطانية الضوء على نفاق الدول الكبرى التى تقدم مساعدات مالية لدول أخرى، وقال إن ما تفعله تلك الدول ليس سوى "خديعة"، لأنها المستفيدة الأولى منها.
وقال الكاتب، فى بداية مقاله، إن الدول الخمس الأكثر فقرًا في العالم، والتى يتم قياسها حسب الناتج المحلى الإجمالى للفرد، هى جمهورية الكونجو الديمقراطية وموزمبيق وأوغندا وطاجيكستان وهايتي، ومع ذلك تلك البلدان ليست من متلقى المعونة البريطانية، حيث تذهب إلى باكستان وسوريا وإثيوبيا ونيجيريا وأفغانستان، موضحًا أنه الدول العشر المتلقية للمساعدات البريطانية لا تتضمن أى من الدول الأفقر سالفة الذكر.
تيريزا ماى رئيسة وزراء بريطانيا أثناء زيارتها لافريقيا
وأضاف الكاتب، أن تيريزا ماى، رئيسة وزراء بريطانيا أعلنت قبل أيام خلال زيارتها لأفريقيا، أنه فى عالم ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، سيتم استخدام ميزانية المساعدات البريطانية لتعزيز التجارة البريطانية والمصالح السياسية. واعتبر أن هذا ما يحدث الآن، فالبلدان التى تتلقى معظم المساعدات البريطانية فى الوقت الحالى هى إما أسواق كبيرة، مثل نيجيريا، التى زارتها فى ماى من الأسبوع الماضى، أو تلك ذات الأهمية الجغرافية السياسية، خاصة بالنسبة "للحرب على الإرهاب" – مثل باكستان وأفغانستان وسوريا.
وأشار كنان مالك، إلى أن هذا ينطبق على أمريكا أيضًا، فلا توجد دولة من أفقر الدول فى العالم بيين صفوف أكبر الدول التى تتلقى المعونة الأمريكية، حيث لا توجه تلك المساعدات إلا لأسباب تتعلق بالسياسة الجغرافية والتجارة.
وأوضح الكاتب، أن الأمر لا يختلف كذلك مع المنظمات الدولية مثل البنك الدولى ومؤسسات المساعدة، حيث لا توجد كذلك أى دولة من أفقر البلدان بين الدول العشرة الأولى التى تتلقى تلك المساعدات.
ورغم أن الكثيرين بين صفوف اليمين فى الداخل سواء فى بريطانيا أو أمريكا، أوضح كنان مالك، أنهم يعارضون المساعدات الخارجية، ويصرون على أن المال يجب أن ينفق محليا. إلا أن نظرائهم فى اليسار يثنون على تقديم تلك المساعدات باعتبارها وسيلة لإعادة توزيع الثروة العالمية. لكن خلص الكاتب إلى أن المساعدات لا تُمنح كهبه خيرية، بل تُستخدم كسلاح لتعزيز التجارة والمزيد من الأهداف السياسية.
ولفت الكاتب، إلى أن نصف المساعدات الإنمائية الدولية "مربوطة" ، بمعنى أن البلدان المتلقية يجب أن تستخدمها لشراء السلع والخدمات من الدولة المانحة. وكما كان موقع USAID الإلكترونى يتباهى (حتى أصبحت الفقرة محرجة للغاية وتم حذفها فى عام 2006): "كان المستفيد الرئيسى من برامج المساعدات الخارجية الأمريكية دائمًا هو الولايات المتحدة. إن ما يقرب من 80% من عقود ومنح الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تذهب مباشرة إلى الشركات الأمريكية، مضيفًا أنه قد أنشأت المعونة أسواقًا جديدة للصادرات الصناعية الأمريكية، وكانت تعنى مئات الآلاف من الوظائف للأمريكيين".
واعتبر مالك، أن وكالة USAID كانت تضع قبل وقت طويل من دخول ترامب البيت الأبيض "أمريكا أولاً".
وأوضح الكاتب البريطانى، أن نسبة عالية من المساعدات الخارجية تكون فى شكل قروض، والتى تشل الدول النامية من خلال تراكم الديون، لافتا إلى أن العديد من الدول الغنية تتلقى مزيد من الأموال فى صورة فوائد من البلدان المتلقية أكثر مما تتلقاه تلك الدول فى صورة "مساعدات" .
واستغلت الحكومات الغربية قدرتها على اقتراض الأموال بأسعار منخفضة - خاصة منذ الانهيار المالى فى عام 2008 - من خلال وضع برامج مساعدات لإقراض الدول الفقيرة بمعدلات أعلى بكثير، ليصنعوا بذلك المزيد من الأموال على حساب الفقراء. ووصف الكاتب هذا بأنه "ليس معونة ، وإنما فضيحة."
وأضاف كنان مالك، أن المعونة لا تدعم اقتصادات الدول الغنية فحسب، بل تعزز أهداف سياستها الخارجية. وكما قال تقرير صادر عن خدمة أبحاث الكوندرس في الولايات المتحدة عام 2014، فإن المساعدات "يمكن أن تعمل كسياسة "العصا والجزرة" وهى وسيلة للتأثير على الأحداث ، وحل مشكلات محددة، وفرض القيم الأمريكية".
وخلال الحرب الباردة، استخدمت الدول الغربية المساعدات لدعم الحكومات المعادية للشيوعية. ومنذ 11/9 ، أصبحت أداة حيوية في الحرب على الإرهاب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة