صالح المسعودى يكتب: مروءة امرأة

الأحد، 05 أغسطس 2018 01:00 م
صالح المسعودى يكتب: مروءة امرأة سيدة حزينة - صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كم كانت سعادتى وأنا استمع لقصة هذه المرأة التى ضربت المثل فى المروءة، بل فاقت الكثير من الرجال، ولما لا ؟ وقد خرجت من بيئة كانت مصنع الرجال ومن تركوا تراثاً وطنياً تتباكى عليه الأجيال الحالية، أنها من سيناء وما أدراك ما سيناء وأهلها، التى أراد بعض المغرضين والأفاقين تلويث ثوبهم الناصع البياض ووصمهم بالإرهاب ودعمه رغم أنهم من تصدوا له وتحملوا توابعه وآثاره التى أنهكتهم فى الوقت الذى يتشدق البعض من (المتنطعين) بالوطنية (عن بعد)

 

فما صنعته تلك المرأة ليس تصرفاً فردياً بل هو أمر جُبلت عليه عندما تخرجت من أسرة وبيئة علمتها معنى الفداء وكيف أن الإنسان يجعل مصلحة غيره مقدمة على مصلحته فكيف لا تجعل مصلحة وطنها مصر مقدمة على كل شيء فى حياتها حتى حياتها هى نفسها ؟، ولم تكن سعادتى بالموقف الذى صنعته تلك المرأة بشكل تلقائى وطبيعى بل سعادتى تكمن فى أن هذا التصرف أصبح عملة نادرة بعدما ظهرت أنصاف الرجال وتوارى أبناء الأصول فى خلل مجتمعى تسببت فيه خلل انفلاتى أظهر أسوء ما فينا

 

ونختصر قصة تلك المرأة فى سيدة تذهب خلف زوجها إلى محكمة شمال سيناء لتقوم بدفع (كفالة) له عن قضية (تبديد) وكان مبلغ قليل إلى حد ما على من يستطيع جمعه ولكنه عند بعض الأسر التى تشتكى الفاقة كثير (وما أكثرهم) فى سيناء الغالية وهو مبلغ (ثلاثمائة جنيه) وأثناء انتظارها للموظف المختص جلست بجوار سيدة فى منتصف العمر تبكى بصوت يحمل أنين السنين فتسألها ما بكِ يا أختاه ؟ فتقول لها (حضرت من ضيق الوادى إلى رحابة سيناء منذ سنوات وقام زوجى بشراء بعض الأدوات الكهربائية البسيطة عن طريق (القسط) ولكنه تعثر فتم الحكم عليه وتم (حبسه)

 

وتكمل المرأة وتقول (فذهبت للتاجر صاحب المحل الذى اشترى منه زوجى البضاعة سبب سجنه وتوسلت إليه حتى يتنازل لزوجى حتى أخرجه من محبسه فوافق الرجل بشرط أن أقوم أنا بتوقيع (إيصالات) جديدة على نفسى تضمن حقه وبالفعل خرج زوجى فطلبت منه أن يقوم بتسديد المال للرجل حتى لا يعرضنى للعقوبة فرفض وتركنى كما ترى أنتظر السجن، فقالت المرأة صاحبة القصة كم المبلغ الذى بسببه تدخلى السجن ؟ قالت (ألف جنيه) قالت لها هونى عليك يا أختى العزيزة واتت بطرف (قناعها) كما تسمى فى سيناء أى (طرحتها) ووضعت فيه الثلاثمائة جنيه كفالة زوجها ثم قامت إلى بهو المحكمة ومرت على الموظفين ومرتادى المحكمة تروى لهم قصة المرأة المسكينة وتجمع منهم المبلغ حتى أتمت جمع (الألف جنيه) قيمة الدين الذى على المرأة

 

قامت صاحبة قصتنا (بنت الرجال) بدفع المبلغ عن تلك السيدة المسكينة حتى تنقذها من السجن ومن غدر زوجها وعندما سؤلت عن زوجها (المحبوس) وكيف هى فرطت فى كفالته لتنقد شخص آخر ؟ قالت (هو رجل يتحمل السجن عن تلك السيدة فهل أتركها حتى يقول الناس أنه (ماتت المروءة فينا) ؟، وبالفعل عادت لبيتها، ثم جمعت مبلغ زوجها بعد أيام وسددت ما عليه لتعيده لمنزله وأولاده

 

لم يكن ما صنعته تلك المرأة مندرجاً تحت ما يقصد به القيمة المادية بل ما صنعته تلك المرأة لابد أن يسجل بحروف من نور فقد ضربت مثلاً رائعاً فى الإيثار والمروءة رغم ما تعانيه من فاقة، ورغم ما تعانيه من ضيق ذات اليد، ولكنها اجترت تاريخ أهلها المشرف لتسطر تاريخاً جديداً يضيء سجلهم المشرق دائماً وتعيد للاذهان كيف وقف أبناء سيناء بكل مروءة مع وطنهم مصر الغالية عندما كانوا تحت وطأة الاحتلال وعندما وُعِدوا أن يُمنحوا ما يردون لو هم تخلوا عن مصريتهم، لكنهم كانوا رجالاً أصحاب مروءة، فلم تكن تلك المرأة إلا نتاج هذا التاريخ المشرف (أنها سيناء وأهلها يا سادة)










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة