أكد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، أن الميثاق الغليظ يقتضى حسن المعاشرة بين الزوجين، والصدق، والتضحية، والبذل، والوفاء والحب، والتفاهم، وقالوا: صحبة عشرين يوماً قرابة، فكيف بما يجرى بين الزوجين من الاتحاد والامتزاج، وقد جعل نبينا "صلى الله عليه وسلم" الإحسان للنساء مقياساً للخيرية قال: "صلى الله عليه وسلم": "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلى".
وأضاف جمعة، فى مقال نشر على موقع وزارة الأوقاف وصفحته الشخصية، كل ذلك إنما هو تأكيد على أهمية تقوية عرى الروابط الأسرية، وضرورة رعايتها والحفاظ عليها، فالأسرة التى تبنى على المودة والرحمة والتفاهم والحوار الهادئ تكون أكثر سعادة واستقراراً وتثمر نباتاً حسناً، وأبناء صالحين، وتكون لبنة مهمة فى بناء مجتمع قوى متماسك، والأسرة التى تبنى على الأنانية والقسوة وتجف فيها المشاعر الإنسانية سرعان ما تحمل عوامل هدمها، وتكون لبنة قلقة بين لبنات البناء المجتمعى الذى يكون حظه من القوة أو الضعف وفق نسب قوة أو ضعف الأسر التى تشكل بناءه ومجمل.
وأشار الوزير، إلى أن الإمام الفخرى الرازى ربط فى تفسيره بين أخذ الميثاق الغليظ من النبيين وأخذه من الأزواج بما يؤكد أن الجامع بينهما هو الأهمية وضرورة مراعاة هذا العهد وتعهده والوفاء بحقه.
وقال الوزير: إن لفظ الميثاق الغليظ ورد فى القرآن الكريم 3 مرات، الأولى فى قوله تعالى: "وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً" "الأحزاب:7"، وهو ميثاق تبليغ الرسالة، فالله "عز وجل" أخذ من هؤلاء الأنبياء ميثاقاً عظيم الشأن بالغ الخطورة.
وأشار الوزير، إلى أن غلظ ميثاق النبيين "عليهم السلام" هو سؤالهم عما فعلوا فى الإرسال كما قال تعالى "فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين" "الأعراف: 6"، وهذا لأن الملك إذا أرسل رسولاً وأمره بشىء وقبله فهو ميثاق، فإذا أعلمه بأنه يسأل عن حاله فى أفعاله وأقواله يكون ذلك تغليظاً للميثاق عليه حتى لا يزيد ولا ينقص فى الرسالة. مما يدل على أنه عهد فى أقصى درجات الدقة والأهمية.
وأشار الوزير، إلى أن ذكر نبينا "صلى الله عليه وسلم" فى الآية الكريمة: "منك"، وذكر نوح وإبراهيم وموسى وعيسى "عليهم السلام" بعد ذكر النبيين من باب ذكر الخاص بعد العام. كونهم أولى العزم من الرسل وتحملوا ما لم يتحمله غيرهم فى سبيل تبليغ رسالات الله "عز وجل".
ووأوضح الوزير، أن المرة الثانية فى قوله تعالى عن بنى إسرائيل: "ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم وقلنا لهم ادخلوا الباب سجداً وقلنا لهم لا تعدوا فى السبت وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً" "النساء : 154". حيث غلظ الميثاق هنا لأنه كان شديداً قوياً فى معناه وموضوعه وما اشتمل عليه من أوامر ونواه وأحكام مع التأكيد على الالتزام بما حمله الميثاق، ولأنهم كانوا منغمسين فى الجحود والعناد والإنكار فكان المناسب فى الآية تأكيد العهد والميثاق وتغليظه عليهم مراعاة لطبيعتهم الناكثة للعهود.
ولفت الوزير، إلى أن رب العزة أسند "عز وجل" أخذ الميثاق إلى ذاته العلية فى قوله تعالى: "أخذنا" تنبيهاً على أهميته، فقد أخذ سبحانه وتعالى العهد والميثاق على اليهود أن يعملوا بما أمرهم "عز وجل" به وأن ينتهوا عما نهاهم عنه، إلا أنهم نقضوا عهودهم ومواثيقهم وكفروا بآيات الله ونبذوها وراء ظهورهم. حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: "ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم فى السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين" "البقرة: 65"، ويقول سبحانه: "فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين" "الأعراف: 166".
وقال الوزير: المرة الثالثة جاءت فى قوله تعالى: "وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبينا وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقاً غليظا" "النساء: 20 ــ 21". ووصف الميثاق بالغلظة فى هذه الآية الكريمة لقوته وعظمته ومدى أهميته فى بناء الأسرة، والميثاق الغليظ هو العهد الذى أخذ للزوجة على زوجها عند عقد النكاح. وما يتضمنه من حق الصحبة والمعاشرة بالمعروف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة