منذ أن أبصرت عيونى ضوء الحياة، وأنا لا أكف عن الاستمتاع والتعلم والضحك والتأمل والجرى.. لا أتذكر أن يوما ما كان ذهنى خال من الأحلام، قد تعرضت لكبوات كثيرة، تيقنت من رحمة الله عز وجل كثيرا وعلى لطفه بعباده، ونصرته لعبد ألقت به الأيام فى معارك لم يخترها بمحض إرادته.
سقط الفتى ونهض مرات ومرات..
طوقه اليأس حتى بدا له أن لا أمل..
وجاءه الأمل معانقا حتى ظن أن لا خوف..
فجأه الخوف فأرهب قلبه وأربكه..
دروس فى فن العيش، جعلت من الشاب الصغير محترف حياة..
علمته الحياة حينذاك أن لا شىء بالمجان، فدفع ثمن تلك الدروس عن طيب خاطر، ولا يزال...
لم يشتكِ من غلاء الثمن.. ولا صعوبة الاختبار..
بدأت معركتى مع الحياة منذ أن بدأ الوعى فى وجدانى يتكون ومنذ أن عرفت قدماى طريق المكتبة وأمسكت يدى أول كتاب، وأن أحد أهم الدروس التى تعلمتها من الحياة هو أنك إذا أردت أن تقوم بعمل جديد عليك أن تعد له إعدادا جديدا بالكامل. على الرغم من أن كل مشروع مميز قمت به فى حياتى قد عزز قناعتى بهذا المبدأ إلا أنه من السهل نسيانه.
سَلْنِى عن الحياة، ودعنى أخبرك أنها الفاتنة اللعوب التى لم يسلم من إغوائها إلا المعصومون من البشر.. وقد ذهبوا ! بريقها أخّاذ فلا تملك أمامه سوى أن تُفتن، أو تدركك رحمة من ربك، فتعود إلى جادة الطريق المستقيم.
تنفس فى أجوائها حمى التصارع والتنافس، فيركض المتسابقون، ويتخبط الجمع، والجائزة متعة فانية، ليس لها فى صندوق الحسنات مستقر.
وهذا النقطة التى نقف فيها التى وصلنا إليها بشق الأنفس استطعنا أن نرى شيئاً لم نكن نراها من قبل، أشياء لا يمكن رؤيتها إلا من قمة ذلك المرتفع، وهكذا وجهنا أنظارنا إلى الجبل الحقيقى وبدأنا التسلق من جديد.
لقد مررنا بهذه التجربة عشرات المرات، فى كل مرة كنا نعتقد أننا أخيرا قد وصلنا إلى الذروة ، فى كل مرة كنا نحسب أننا انتهينا من عملنا بنجاح، وفى كل مرة كنا ندرك بتواضع أننا ارتقينا إلى مستوى جديد ومهم من مستويات الرؤية وأن هناك جبلا آخر علينا تسلقه.
إن أعظم الإنجازات التى حققها متسلقو الجبال عبر التاريخ وأكثرها إلهاما لم تكن قصصا عن انجازات شخصية، وإنما قصص عن القوة الخارقة التى يمتلكها الفريق عندما يكون موحدا وموهوبا ومستعدا، وعندما يظل كل فرد فى الفريق ملتزما حتى النهاية بالولاء لزملائه وللرؤية التى يشتركون فيها جميعاً.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة