مثول روحانى أمام البرلمان مساءلة أم رسالة؟.. المتشددون ورقة "الملالى" لابتزاز الغرب والمتظاهرين فى الداخل لتخفيف الضغوط على الحكومة.. وتناقضات الخطاب الإيرانى تعكس هزلية الإجراءات الإيرانية فى مواجهة التحديات

الثلاثاء، 28 أغسطس 2018 06:00 م
مثول روحانى أمام البرلمان مساءلة أم رسالة؟.. المتشددون ورقة "الملالى" لابتزاز الغرب والمتظاهرين فى الداخل لتخفيف الضغوط على الحكومة.. وتناقضات الخطاب الإيرانى تعكس هزلية الإجراءات الإيرانية فى مواجهة التحديات روحانى أثناء مساءلته أمام البرلمان الإيرانى
كتب - بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم يكن مثول الرئيس الإيرانى حسن روحانى أمام البرلمان الإيرانى، ليقف تحت صورة المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، حدثا استثنائيا بسبب كونه فقط انعكاسا للأوضاع الاقتصادية التى تشهدها البلاد فى المرحلة الراهنة، وإنما يمثل فى حقيقته لعبة تبادل الأدوار فى الداخل الإيرانى، حيث كانت الجلسة التاريخية بمثابة رسالة للعالم الخارجى أكثر منه مساءلة لنظام أخفق فى التعامل مع تحدياته الاقتصادية، خاصة فى ظل تزامنه مع التصعيد المتبادل بين الإدارة الأمريكية ونظام الملالى الحاكم فى طهران، منذ الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى، وما تلا ذلك عقوبات أمريكية على الحكومة الإيرانية فى الأسابيع الماضية.

ولعل مساءلة روحانى أمام البرلمان الإيرانى، والذى يسيطر عليه التيار الإصلاحى الذى ينتمى إليه الرئيس الإيرانى وحكومته، تمثل امتدادا لإجراءات أخرى اتخذها مؤخرا، وعلى رأسها إقالة مسؤولين كبار، من بينهم وزراء، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول ما إذا كانت مثل هذه الإجراءات تهدف إلى معالجة الوضع فى الداخل أم أنها تتجاوز الحدود الإيرانية، لمخاطبة العالم الخارجى، فى ظل التصعيد الأمريكى الإيرانى على خلفية الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى الإيرانى، بالإضافة إلى العقوبات التى فرضتها إدارة ترامب مؤخرا على النظام الإيرانى فى الأسابيع الماضية.

روحانى يتحدث أمام البرلمان تحت صورة خامنئى
روحانى يتحدث أمام البرلمان تحت صورة خامنئى

خطاب متناقض.. العقوبات والتظاهرات شماعة إيران

وربما كان التناقض هو السمة الأبرز التى ميزت خطاب روحانى فى حديثه أمام البرلمان، حيث سعى الرئيس الإيرانى إلى استدعاء مشهدى العقوبات والتظاهرات، ليكونا بمثابة الشماعة التى حاول تعليق فشله فى إدارة الملف الاقتصادى عليها، حيث ألقى باللوم تارة على العقوبات الأمريكية فى انهيار الأوضاع الاقتصادية التى تشهدها البلاد فى المرحلة الراهنة، وهو ما يجافى الحقيقة تماما، خاصة وأن المواطن الإيرانى ربما لم يشعر بفارق كبير إثر قرار رفع العقوبات الأمريكية على طهران، وهو ما دفع إلى تظاهرات عنيفة شهدتها البلاد منذ ديسمبر الماضى، أى قبل الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى بنحو 5 أشهر كاملة.

التناقضات هيمنت على خطاب روحانى
التناقضات هيمنت على خطاب روحانى

بينما عاد مرة أخرى لإلقاء اللوم على التظاهرات التى شهدتها البلاد احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية المتهورة منذ شهر ديسمبر الماضى، فى تشجيع الرئيس الأمريكى على الانسحاب من الاتفاق النووى، وهو ما أسفر عن العقوبات الأخيرة، التى فرضتها الولايات المتحدة على بلاده، وهو ما يعكس حالة التناقض التى يبدو عليها الخطاب الإيرانى، جراء الرفض الكامل للاعتراف بالأخطاء التى ارتكبها النظام منذ إبرام الاتفاقية النووية فى يوليو 2015.

خطيئة الملالى.. الميليشيات أولوية طهران على حساب المواطن

فمنذ أن وقعت طهران على الاتفاقية النووية، مع القوى الدولية الكبرى، برعاية أمريكية، وما تلا ذلك من إجراءات تمحورت حول اندماج الدولة الفارسية مع محيطها الخارجى بعد سنوات من العزلة الدولية، ورفع العقوبات الدولية المفروضة عليها، كانت الأولوية لدى نظام "الملالى" فى تقديم الدعم المالى للميليشيات المسلحة فى منطقة الشرق الأوسط على حساب تحقيق التنمية الاقتصادية فى الداخل، وهى الخطيئة التى دفعت الألاف إلى للخروج إلى الشوارع احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية التى تشهدها البلاد.

البرلمانيون الإيرانيون يعربون عن امتعاضهم جراء خطاب روحانى
البرلمانيون الإيرانيون يعربون عن امتعاضهم جراء خطاب روحانى

وتعد الأنشطة التى تمارسها الميليشيات الحوثية فى اليمن المدعومة من طهران، دليلا دامغا على الكيفية التى تعاملت به الدولة الفارسية مع عائدات الانفتاح على العالم، وهو الأمر الذى أدركته إدارة ترامب، وربما تجلى بوضوح فى إصرار الرئيس الأمريكى على إبرام اتفاقية جديدة بحيث لا تقتصر على الحد من الأنشطة النووية الإيرانية، وإنما تمتد لاحتواء الدور الإيرانى المتنامى الذى يمثل فى جوهره تهديدا لاستقرار المنطقة وكذلك للمصالح الأمريكية بها.

تبادل أدوار.. المتشددون ورقة طهران لابتزاز المجتمع الدولى

وعلى الرغم من أن البرلمان الإيرانى يحظى بأغلبية مما يسمى بـ"التيار الإصلاحى"، إلا أن خطاب روحانى، والذى تعامل معه أوباما باعتباره رمزا للاعتدال، لم يكن مقنعا بالنسبة لهم، ربما ليطرح تساؤلات حول ما إذا كان التلويح بعزل الحكومة الإيرانية الحالية هو بمثابة ورقة "الملالى" للضغط على الإدارة الأمريكية، أو على الأقل لابتزاز الغرب الأوروبى، والذى رفض منذ البداية قرار الانسحاب الأمريكى من الاتفاقية النووية.

الرئيس الإيرانى حسن روحانى
الرئيس الإيرانى حسن روحانى

فعندما وقعت طهران الاتفاقية النووية، مع القوى الدولية الكبرى، برعاية إدارة أوباما، كان الهدف الرئيسى وراء ذلك هو دعم "الإصلاحيين" فى مواجهة المتشددين، حيث اعتبرت القوى الدولية الموقعه على الاتفاق أن النتائج الإيجابية التى حققها الإصلاحيون فى انتخابات البرلمان فى ديسمبر 2016، وفوز روحانى بفترة رئاسية ثانية، هو بمثابة أحد أهم ثمار الاتفاق النووى، وبالتالى فربما تكون الرسالة من وراء مساءلة روحانى هى أن عودة التيار المتشدد للسيطرة على مقاليد الأمور فى البلاد هو البديل إذا ما استمرت الضغوط الدولية التى تواجهها طهران فى المرحلة الحالية.

روحانى أثناء خطابه أمام البرلمان الإيرانى
روحانى أثناء خطابه أمام البرلمان الإيرانى

 

ولعل اللجوء إلى المتشددين فى طهران يمثل فى حقيقته امتدادا للعبة تكامل الأدوار فى السياسة الإيرانية، فعندما بدأت الحرب الكلامية بين الرئيس الأمريكى وطهران، عبر مواقع التواصل الاجتماعى، ظهرت حالة من التناغم بين تصريحات الرئيس "المعتدل"، وقيادات الحرس الثورى الإيرانى المعروف بموالاته للتيار المتشدد الذى يرأسه المرشد الأعلى للثورة الإيرانية على خامنئى، خاصة عندما هددت طهران بوقف الملاحة فى البحر الأحمر إذا ما نجحت أمريكا فى إقناع المجتمع الدولى بالامتناع عن استيراد النفط الإيرانى، وهو الأمر الذى ترجمته الميليشيات الحوثية فى اليوم التالى بالهجوم على ناقلتى نفط سعوديتين.

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة