كان على عهد مع عبد الناصر بأن تكون الدولة المصرية سندا للقارة السمراء فى حربها ضد القوى الاستعمارية وأن تكون أفريقيا سندا لمصر، استحق محمد فايق، رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، لقب "مهندس العلاقات المصرية الأفريقية" وممثل مصر فى القارة السمراء، وكان همزة وصل هامة بين القيادة المصرية فى الخمسينيات وبين كل حركات التحرر والاستقلال فى أفريقيا.
كانت مصر قبلة القارة الأفريقية لما تقدمه لدول القارة من دعم سياسي واقتصادي وعسكري، ونظرا لكفاءة فايق وإخلاصه وإيمانه بأهمية العمق الأفريقى كدعامة أساسية للأمن القومى المصرى، وبالتأكيد كانت تلك رؤية القيادة السياسية وقتها، عينه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وزير الدولة للإعلام والشأن الخارجى وبقى فى منصبه حتى تقدم باستقالته فى عهد الرئيس السادات لاختلافه مع سياساته وقتها.
وبعد الاستقالة مباشرة تم تقديم محمد فايق للمحاكمة فى قضية "مراكز القوى" والتى أطاح فيها السادات برجال ناصر فى السلطة وزج بهم فى السجون لخلافات سياسية، وظل فى السجن 10 سنوات دفعها ضريبة من عمره ورفض العفو الرئاسى الذى عُرض عليه وظل فى محبسه بإرادته حتى انتهت مدة السجن.
بدأ فايق حياته المهنية ضابطا بالقوات المسلحة المصرية، وعقب ثورة 23 يوليو توجه إلى الملف الأفريقى الذى برع وأثبت كفاءة فيه، وأصبح مبعوثا مُباشرا لجمال عبد الناصر فى الأزمات الأفريقية.
قصص فايق فى أفريقيا لا تنتهى، إلا أنه من أبرز وربما أغرب وأطرف القصص كانت فى الصومال، عندما استغاث رئيس الصومال بالزعيم عبد الناصر، مؤكدا أنه يواجه موقفاً سيطيح به من السلطة، عندما رفضت الشركات الإيطالية شراء محصول الموز، وهو المحصول الوحيد لديهم، وهو ما يهدد المحصول بالفساد والدولة كلها بالفشل، وكانت الشركات الإيطالية هى المستورد الوحيد للمحصول.
ووفقا لرواية فايق عن الواقعة فقد وجهه الزعيم ناصر بأن يُعلن فى مؤتمر صحفى أن مصر سوف تشترى المحصول الصومالي كاملاً، وهو ما يفتح الباب أمام تعاون غير مسبوق بين البلدين، وكانت المفاجأة أن الشركات الإيطالية ذهبت للصومال مرغمة واشترت المحصول كاملاً بأعلى سعر قبل حصول مصر على محصول الموز.
كما يذكر فايق دوره فى أزمة الكونغو عام 1965 بعد اغتيال زعيم الكونغو الراحل وأول رئيس لجمهوريتها بعد الاستقلال عن بلجيكا باتريس لومومبا على يد مويس تشومبى الانفصالى الكونغولى الموالى لبلجيكا وقتها، فقد أرسل الرئيس الأوغندى رسالة لعبد الناصر عبر محمد فايق ليبلغه أن تشومبى أغار على الحدود الأوغندية أثناء ملاحقته الثوار ويقصف بعض المواقع الأوغندية، وطلب الرئيس الأوغندى مساعدة مصر.
فى هذا الوقت صدرت تعليمات لفايق بإرسال نصف سرب طائرات ميج بالطيارين المصريين لوقف العدوان الكونغولى على أوغندا، وكانت تفاصيل الخطة لدى محمد فايق، وعندما ذهب فايق إلى أوغندا بصحبة الطيارين المصريين فوجئ بوجود طيارين إسرائيليين فى أوغندا، وهو ما رفضه تماما وأكد للرئيس الأوغندى أن هذا الوضع لن يستمر طويلا، وبالفعل استجاب الرئيس الأوغندى لفايق وأصدر تعليماته بمغادرة الطيارين الإسرائيليين لأوغندا.
لم تنته علاقة محمد فايق بالقارة السمراء بعد دخوله السجن فى عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، أو باتجاهه لملف حقوق الإنسان، فحتى الآن لا تزال أفريقيا ذات مكانة خاصة فى قلب فايق، كما أن لمحمد فايق مكانة خاصة فى قلوب زعماء أفريقيا لما قام به تجاه هذه الدول ودعمها فى التحرر من الاستعمار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة