"أقباط ومسلمين" كلنا معيدين.. الأقباط يحتفلون بعيد العذراء مع تكبيرات الأضحى.. ذبح آلاف الخراف نذورا في دير العذراء بدرنكة فى أسيوط.. والمسلمون يتسابقون لنيل بركة أم النور فى يوم عرفة

الثلاثاء، 21 أغسطس 2018 08:00 ص
"أقباط ومسلمين" كلنا معيدين.. الأقباط يحتفلون بعيد العذراء مع تكبيرات الأضحى.. ذبح آلاف الخراف نذورا في دير العذراء بدرنكة فى أسيوط.. والمسلمون يتسابقون لنيل بركة أم النور فى يوم عرفة البابا تواضروس
كتبت سارة علام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى صدفة زمنية قد لا تتكرر كثيرًا، يحتفل ملايين الأقباط بعيد العذراء صباح اليوم الثلاثاء بعد صوم استمر 15 يومًا حيث ترفع صلوات القداس الإلهى لعيد العذراء بالتزامن مع تكبيرات عيد الأضحى المبارك لتعم الأعياد بيوت المصريين مسلمين ومسيحيين.

جبل عرفة وجبل العذراء.. الكل فى محبة الله سواء

فى دير العذراء بجبل درنكة بأسيوط، واصل الدير استقبال آلاف المصريين مسلمين وأقباط ممن تسابقوا على نيل بركة أم النور فى مولدها السنوي، حيث ازدحمت الطرقات المؤدية للدير بعشرات السيارات الصاعدة صوب الجبل تتوقف عند بوابة التفتيش الأولى فيكون على الزوار الصعود مشيًا ناحية مغارة العذراء مريم التى كانت المحطة الأخيرة لرحلة العائلة المقدسة لمصر قبل أن تأخذ البحر وتعود مرة آخر ى لكنيسة أبو سرجة بمصر القديمة ومنها إلى فلسطين.

 

صعد الزوار إلى جبل درنكة لتوديع "العذراء" فى ليلتها الأخيرة بينما كانت فرشات المقاهى وأسواق العمال المسلمين فى الدير تنقل على الهواء مباشرة صعود الحجيج لصعيد عرفة يؤدون الركن الأعظم من أركان الحج، فازدوجت رحلة صعود الجبال جهادًا ومحبة لله وقديسيه بين المسلمين والأقباط.

 

على بوابات تفتيش الدير الذى تولت خدمته الكشافة الكنسية، ظهر فريق من النساء المحجبات يأخذن دورهن فى التفتيش، قالت كبيرتهن مروة محمد حسن وهى سيدة فى مطلع الأربعينات أنها اعتادت زيارة دير السيدة العذراء مريم منذ أن كانت طفلة ثم تزوجت ولم يرزقها الله بالذكور فما كان من جارتها القبطية إلا أن نصحتها بالعودة لزيارة الدير الذى انقطعت عنه بالزواج ونذر شيئًا للعذراء إذا ما منحتها الذكر، وقد كان فقد حملت بابنها الذى اطلقت عليه "عيسى" بعدما نذرت للعذراء مالًا، وقررت أن تصعد لجبلها فتقبلها سنويًا فى عيدها وتشكرها على وفاءها بعهدها

 

فى الطريق إلى كنيستها، افترش محبو العذراء الأرض وفى السماء تنبعث ترانيم تتغنى باسمها " السلام لك يا مريم يا بكر بتول وعروس، السلام لك يا مريم يا جنة ويا فردوس"، يردد البسطاء ولا تخذل العذراء من قصدها أبدًا، آلاف الشباب يتطوعون لخدمتها منهم من يختار الكشافة ومنهم من ينظم مرور السيارات ومنهم من يخدم فى مذبح النذور.

 

بين الجبل والكنيسة، استقرت سيارة ربع نقل تزدحم بالخراف، والنعاج خلفها سيارة أكبر تحمل عجلين صغيرين، كان المتطوعون يجرون الخراف الصغيرة نحو مذبح النذور الذى تطوعوا للخدمة فيه.

 

ستتعرف على المذبح من تلك الرائحة النفاذة للحوم، الدم يزكم الأنوف فى المذبح جزارون متطوعون بالخدمة، أشرف يعمل مدرسًا للغة الفرنسية ولكنه يتطوع بالخدمة فى مذبح الدير منذ 10 سنوات، أما ديفيد فهو طالب بكلية الحقوق ويتطوع فى المذبح منذ أن كان مراهقًا فى الإعدادية، «نترك كل أعمالنا فى فترة الدير ونأتى لنحصل على بركة العذراء كل عام» يقول أشرف، ويؤكد أن المذبح يستقبل عشرات الرؤوس من الماشية الحية يوميًا تذبح وتوزع على فقراء الكنيسة، أو تحتفظ بها إدارة الدير فى ثلاجات عملاقة لتمنحها لمن يستحق من إخوة الرب الفقراء، ويحصل الناذر على نصيبه من الذبح حسبما اتفق وحسبما يريد.

 

عم صدقى جزار المذبح يقول، أنه يذبح ما يزيد على ألف رأس فى آخر يومين حين يشتد الزحام بالدير، متبرعون من المسلمين والأقباط، يأتون للعذراء ويلبون النذر بعدما تحقق طلباتهم

 

فى السادسة مساءً، تبدأ دورة دير العذراء، من أعلى الجبل حتى سفحه، ينطلق قطار الشمامسة الطويل، يحوطه الناس من اليمين واليسار، شمامسة من كل الأعمار يرتدون «التونيا»، أو ملابس الاحتفالات الكنسية الأرثوذكسية، جلباب أبيض، وشرائط حمراء مرصعة بالذهب، القطار مزدحم بشمامسة من كافة الأجيال، شماس عجوز يقترب من السبعين، وأمامه حفيده لا يتجاوز الثلاث سنوات، شمامسة شباب جامعيون وطلاب مدارس، والأسقف فى منتصف القطار كدرة التاج.

 

يسير القطار، يطير الحمام أعلاه، تختلط الزغاريد بالابتهالات، السلام لك يا مريم يا يمامة يا جليلة، السلام لك يا مريم يا فاضلة وأمينة، السلام لك يا مريم يا رجاء كل القلوب، السلام لك يا مريم يا نجاة من الحروب، يهلل الناس على الجانبين، يرفع الشمامسة صور العذراء مريم، والصليب، ويرفع شمامسة آخر ون صورًا للعذراء تحتضن المسيح، يحاول الناس أن يحفوها بأيديهم طلبًا للنور والبركة.

 

فى منتصف دورة الشمامسة تمامًا، يسير الأسقف الأنبا يؤانس فى عيد العذراء، يطيّر حمامًا فى السماء، يسير فى منتصف الركب وسط حاجز حديدى أزرق يحمله الشمامسة، حفاظًا على النظام وخوفًا من إفساد عرس العذراء، يمنع الحاجز الناس من ملامسة الأسقف والهجوم عليه طلبًا للبركة، ولكن أياديهم تصل إليه أيضًا دون أن يعطله الزحام عن الدوران حول الجبل والقطار من أمامه ومن خلفه.

 

خلف الأسقف مباشرة، يحمل شمامسة آخر ون صورة أثرية للعذراء، يرجع تاريخها إلى 1500 عام وهى واحدة من مقتنيات كنيسة المغارة، بمجرد ظهورها، تلقى الحلوى عليها وعلى الشمامسة، من شرفات مساكن الدير المزدحمة بأحباب العذراء، ويرش آخر ون الركب بالعطر فتفوح روائحه لتضفى على الموكب جمالًا فوق جمال.

 

بعد مرور الأسقف يمر الأكليروس، الآباء الكهنة والرهبان والمكرسين، وأصحاب الرتب الكنسية كلها، يصل القطار لمحطته الأخيرة، أسانسير فى مبنى صغير متصل بقلاية «سكن الراهب» الأنبا يؤانس فى الجبل، يصعد إليه والناس تشير له بينما ينتقل الشمامسة لمبنى آخر .

 

فى المساء يبيت الزوار ليلتهم يستنشقون هواءا سرى فيه نسيم العذراء فوق جبلها ويودعون ديرها صباح الثلاثاء بقداس العيد فى كنيسة المغارة فى الوقت الذى يعود فيه المسلمون من صلاة العيد.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة