د. حسن صادق هيكل يكتب : عرفات الله

الإثنين، 20 أغسطس 2018 08:00 م
د. حسن صادق هيكل يكتب : عرفات الله حجاج - صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يوم عرفات هو يوم الحج الأكبر عند المسلمين كما أنه يوم الجائزة الكبرى ويوم الرحمة والمغفرة العظمى من الله سبحانه وتعالى لحجاج بيت الله الحرام ومن شاركهم من المسلمين أداء المشاعر المقدسة , كما أن الحج هو الوقوف بعرفة وأرض عرفات كلها موقف للحجيج , كما أن جبل عرفات يقع على الطريق بين مكة والطائف , وجبل عرفات هو ذلك البقعة المباركة والمقدسة والمكان الأعظم للبشرية جمعاء , وسمى جبل عرفات بهذا الإسم نسبة لالتقاء واجتماع وتعارف آدم وحواء عليهما السلام على بعضهما البعض على هذا الجبل بعد أن أنزلهما الله تعالى من الجنة إلى الأرض في مكانين مختلفين ومن جبل عرفات بدأت مسيرة ورحلة البشرية فى التناسل والتكاثر وإعمار الأرض , وكذا نسبة إلى طواف جبريل بسيدنا إبراهيم عليهما السلام فى هذا الجبل يعلمه المناسك ويقول جبريل أعرفت ويرد إبراهيم عرفت , وكذا نسبة إلى اجتماع سائر البشر والأجناس على هذا الجبل وتعارفهم على بعضهم البعض , وكذا نسبة إلى اعتراف الناس بذنوبهم على هذا الجبل وطلبهم الرحمة والمغفرة من الله عز وجل .

ان الوقوف بعرفات الله يشابه في رمزيته وقدسيته ودلالاته وقدسيته الوقوف أمام الله سبحانه وتعالى يوم القيامة مع الفارق اللانهائي بينهما في الحشد والمهابة والأهوال والعظمة والذهول والموقف الذى تبدل فيه الأرض والسماوات غير الأرض والسماوات وقيام الناس للحساب أمام رب العالمين , من هنا فإن الوقوف بعرفات الله هي منة إلهية وربانية من الله سبحانه وتعالى لعباده من البشر لمحاكاة يوم الحساب وقيام الناس والوقوف أمام الله سبحانه وتعالى يوم الحشر الأعظم , كما أنه منة أخرى من الله سبحانه وتعالى لعباده لطلب الرحمة ومغفرة الذنوب والتعرف على شعائر الله العظمى , كما أن عرفات اليوم وفى كل يوم يجب أن تكون هي اليوم الذى يتعرف ويتقرب ويتوب ويعود فيه كل إنسان إلى إلهه وخالقه سبحانه وتعالى .

عرفات هو اليوم الذى يتعرف فيه كل إنسان على أخطائه وذنوبه ومعاصيه ومذلاته ومساوئه وإخفاقاته ويتبرأ منها ويقومها , كما أنه اليوم الذى يجب أن يعود ويتعرف فيه كل مغترب وكل مهاجر وكل لاجئ وكل أسير وكل مفقود على أسرته وأهله وأرضه ووطنه , وهو اليوم الذى يعرف ويأخذ فيه كل مظلوم حقه المغتصب واخيرا يجب أن يتعرف فيه العالم العربي والإسلامي على عوامل وعناصر تفرقهم وتشرذمهم وتناحرهم ويتوحدون في محاصرتها ووأدها في مهدها , كما يتعرفون أيضا على عوامل وعناصر ومظاهر تقربهم ووحدتهم وقوتهم ويسارعون في بناء وتأسيس دولهم المنشودة عليها , كما أنه اليوم الذى يتعرف فيه كل إنسان على الحقيقة الأبدية الدامغة وهى الله وحده لا شريك له رب عرفات ورب الخلائق أجمعين  .

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة