يوسف القاضى يكتب: فى التأنى السلامة

الأحد، 08 يوليو 2018 08:00 ص
يوسف القاضى يكتب: فى التأنى السلامة صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مع أن كل مولود فى العالم يحتاج عدة أيام حتى يجف من ماء الولاده لكى يمكن أن نميز ملامحه، إلا فى مصر، فبعد خروج الجنين من بطن أمه بثوانٍ، حتى تؤكد (الداية )أو (الممرضة )بأنه (واد تقيل)، ويشبه (حسين فهمى)، أما إذا كانت أنثى فتؤكد بأنها (سندريلا) وتشبه (سعاد حسنى )!

هكذا تجد (الدايه)أو (الممرضة)منذ تاريخ ممارستها مهنة التوليد، بشرت جميع الأمهات وجبرت بخاطرهم.

ومع أن أكثر دول العالم تقدما وتطورا لا تستطيع أن تحدد قدرات الطفل العقلية أو ميوله المستقبلية، إلا فى مصر نجد أن والدى الطفل إذا صوروه بنظارة جده الطبية يقسمون بأغلظ الأيمان بأنه سيكون طبيبًا مثل (مجدى يعقوب)، وإذا قام بالغناء أمامهم أو قام بتقليد تاجر الخردة وهو ينادى: (حديد قديم، ألمونيوم قديم، نحاس قديم للبيع) بصوت عالى يتوقعون بأنه سيصبح مثل (عبدالحليم حافظ)، وإذا قام بالشخبطه على الورق توقع الأهل أنه (عبقرى زمانه) وسيصبح وزيرا للفن!

أيضًا فى مصر، كم من عروس قالوا إنها ملكة جمال، وفى الصباحية فوجئوا بأنها تشبه (توتو وسوسو) عرائس إسماعيل يس وحسن فايق فى فيلم (ليلة الدخله)!

وكم من عريس قالوا عنه إنه (لقطه وابن حلال)، وبعد أسبوع يجدوه وقد باع الذهب لتسديد أجرة قاعة الأفراح!

وكم من حماة قالوا عنها أنها (ملاك)، وبعد شهر وجدوها (قنبله ذرية)!

هكذا نحن، سرعان ما نحكم على الأمور بالشكل والعواطف فقط، وهكذا نحن نسبق الأحداث دوما" ونستعجل بالحكم على كل ما هو جديد، وخير مثال تعاملنا مع الحكومة الجديدة، التى لم يجف الحبر الذى كتب به أسماء أعضاءها وحكمنا عليها بنفس طريقتنا فى الحكم على المولود بعد ولادته بثوانى!

وأصبح كل مواطن خبيرًا فى السياسة يدلى بدلوه ويقول رأيه كما يحلو له، وهو لا يعرف بعد من هم الوزراء الجدد وما هى أسماءهم، ومن أين أتوا !

وكان من المفروض أن يؤجل المواطن الحكم على حكومته لحين استمرارها فى أداء أعمالها ومعرفة توجهات وزرائها، لا أن يؤكد أنها تشبه (حسين فهمى )أو (سعاد حسنى )!

أخاف من أن ما نتحدث عنه اليوم، نجده فى المستقبل القريب العكس!

فالكلام فى الناس بغير علم جرم عظيم، والله عز وجل يقول :

﴿إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾ (النور:15 ).







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة