الشخص الناجح، هو من يقوم بعمل دراسة جدوى لكل أعماله، وأغلب تصرفاته، ولكن، هل يمكن أن ينطبق هذا الفكر أو هذا المبدأ على الإطلاق؟ أظن أن الإجابة بالقطع ستكون بالنفى؛ لأن هناك أمور تكمن لذة الشعور بها فى أن تفعل ما تشعر به دون عمل دراسة جدوى، ولا تُفكر فى النتائج؛ لأنها مضمونة بلا شك، فهل يمكن أن تُحاول إسعاد غيرك، وتجنى الشقاء، وهل عمل الخير يحتاج إلى تفكير، وهل الحب يمكن ألا يُقابل إلا بالحب .. للأسف ، هناك أشخاص يُفكرون وبعمق، قبل أن يأتوا بأى سلوك من هذه السلوكيات، فمثلاً، هناك من يُفكر ألف مرة قبل أن يُقْدِمَ على عمل الخير؛ ليس لأنه ليس شخصًا خَيِّرًا، ولكن لأنه يريد أن يضع الخير فى موضعه الصحيح، ولكنه لو فكر قليلا، سيُدْرِكُ أن مُتعة الخير، أن تُقْدِمَ عليه بمجرد أن تشعر أنك بحاجة إلى الإقدام عليه، فهو إحساس يخطف الروح بدون مقدمات، لذا لابد للإنسان أن يُهرول على الإقبال عليه، بمجرد الشعور به، دون تفكير، وإلا فقد معناه ومذاقه.
فهناك قصة تحكى عن سيرك مشهور ، قَدِمَ إلى قرية فى الريف، فهرع أكثر سكان القرية مع أطفالهم ليزوره.. وكان من بين أفراد الصف الطويل، الذى تشكَّل أمام نافذة بطاقات الدخول، مُزارع مُتواضع المظهر، وقف فخورًا بزوجته وأطفاله الأربعة، الذين كادوا يطيرون تشوقًا وفرحًا، بهذه المناسبة السعيدة، ولما جاء دوره فى شراء التذاكر، طلب المُزارع بطاقات له ولعائلته، إلا أن ما ذكرته البائعة عن ثمن البطاقات، جاء كوقع الصاعقة على رأسه، إذ كان الثمن أكثر مما توفر لديه من مال، وظل بُرْهَة واقفًا، لا يعرف ماذا يفعل .. وكانت يده تتحسس النقود فى جيبه، والعرق يتصبب من جبينه، وزوجته خافضة الرأس، وأولاده يتطلعون إليه بتساؤل وجزع، ولاحظ الرجل الذى كان يقف خلفه لما يحدث، وبالرغم من أنه لم يكن يبدو أيسر حالاً من المُزارع، إلا أنه أخرج خفية بعض النقود من جيبه، وتركها تسقط على الأرض، ثم ربت على كتف المُزارع قائلاً: "عفوًا سيدى.. فقد وقع منك مبلغ من المال"، ثم انحنى ليلتقط النقود ويُعطيها له، فنظر المُزارع إلى الرجل، والدمعة تسقط على وجنته، نظرة حملت كل معانى التقدير والامتنان، وهو يقول: "شكرًا يا سيدى.. شكرًا جزيلاً.. لن أنسى لك هذا الفضل ما حَييت".
فلو كان هذا الرجل فكر كثيرًا، أو أنه حسبها بـأن الخير لا يكون فى الأمور الترفيهية، كمشاهدة السيرك، ما كان أسعد هذا المُزارع، ولكن لأنه هرول خلف إحساسه، وأيقن أن الخير هو أن تُساعد غيرك فيما يحتاجه، ويجد فيه لذته وسعادته، وليس فيما يخضع لتقديراتنا الشخصية، فلو كان سأل هذا المُزارع، أيهما يفضل، أن يشترى بطاقات السيرك، أم يشترى طعامًا بدلاً منها، لكان اختار الأولى بدون تفكير؛ لأن سعادته هو وعائلته، كانت تكمن فيها فى تلك اللحظة. لذا، فهناك أمورا تكون أفضل كثيرًا بدون الخضوع لدراسات الجدوى.
عدد الردود 0
بواسطة:
Hazem
لما تقولون مالاتفعلون
كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعــــــــــــــــــــــــــلون.
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد أبوفرحة
كلام جميل يحمل معاني أجمل
نادرا ما بعلق على المقالات لكن فعلا المقال ده رائع ولفت نظر الناس لمعاني كانت غايبة عن ناس كتير . شكرا د . داليا