أكرم القصاص - علا الشافعي

أحمد عزيز يكتب: صورة ثورة يوليو بين نجيب محفوظ وبهاء طاهر

الجمعة، 20 يوليو 2018 10:00 م
أحمد عزيز يكتب: صورة ثورة يوليو بين نجيب محفوظ وبهاء طاهر أحمد عزيز

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

انفجر فى الثالث والعشرين من شهر يوليو عام 1952 الحدث الأهم فى القرن العشرين بالقطر المصري، حيث قيام ثورة 23 يوليو بقيادة الضباط الأحرار برئاسة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.. قامت الثورة لتغير مسار البلاد، وكان للأدب كلمته ورؤيته، حيث ظهرت الأقلام المادحة والمعارضة وآخرى مستشرفة بالمستقبل، ونرصد هنا صورة ثورة يوليو فى عيون نجيب محفوظ من خلال رواية ثرثرة فوق النيل وبهاء طاهر من خلال رواية قالت ضحى للكاتب الكبير بهاء طاهر .

رواية قالت ضحى:

خرجت للنور فى عام 1985 وتناولت فترة ما بعد ثورة يوليو 1952 أنها رواية "قالت ضحى" للروائى بهاء طاهر الذى مثلت روايته رؤية خاصة كشفت ملامح لتفشى فساد داخل الدولة عقب ثورة يوليو، من خلال الخط السياسى الذى يحتل شق كبير من الأحداث، إلى جانب ضحى وعلافتها الرومانسية بمن حولها، وكذلك الرواى سيد قناوي.

تناول بهاء طاهر بكل حرفية أثر ثورة يوليو على أحوال المصريين بعيدا عن الخطابة ، حيث استعرض حياة الشخوص لاسيما ضحى البطلة التى يعشقها جميع الرجال ولا يقوى على نسيانها، ورغم زواجها إلا أنها تعبث كما تشاء .

ما يتضح فى الرواية هو الشق السياسى الذي، حيث تطرق إلى مفهوم الناس عن الثورة وكيف يمكن أن نثور ، فسيد قناوى الذى يسعى جاهدا للتعلم والتفتح وتحقيق الطموح، سلطان بيه الذى يتملق وينافق، ويعتبر معادل لما كانوا فى عهد الملكية من البكوات والبشوات .

يقرأ بهاء طاهر فى التاريخ ويستحضر فى عام 1985 ثورة يوليو التى مر عليها قرابة 23 عام، آنذاك، ليشير إلى أن الوجوه تختلف إلا أن الجوهر واحد وكما قال سيد قناوى "فإن الحية لا تموت"، كما يكشف طاهر بصورة أدبية خاصة عن خيبة الأمل التى أحاطت بالشباب ومثال على ذلك حاتم الذى كان يؤمن بالثورة ولكنها ماتت بداخله بعد أن عرف أن الحية لا تموت ويتولد منها حية جديدة، فالرأس يقطع لكنها تأتى برأس جديد.

ويقرأ طاهر ويستشرف الحال الذى وصلت له مصر بعصر مبارك، حيث سلبية المثقف والرخص وظل البطل والاحباط الذى يحيط بالشباب ويولد حالة من الكفر بكل ما يردد من شعارات.

وهو ما حدث وجاء على لسان ضحى ضمن ما قالته:” الظلم لا يبيد.. ما الحل ؟ – أن تحدث ثورة على الظلم. نعم تحدث تلك الثورة، يغضب الناس فيقودهم ثوار يعدون الناس بالعدل. ويبدءون بقطع رأس الحية، ولكن سواء كان هذا الرأس اسمه لويس السادس عشر أو فاروق الأول أو نورى السعيد، فإن جسم الحية على عكس الشائع، لا يموت، يظل هناك، تحت الأرض، يتخفى، يلد عشرين رأسًا بدلًا من الرأس الذى ضاع، ثم يطلع من جديد. واحد من هذه الرءوس اسمه حماية الثورة من أعدائها، وسواء كان اسم هذا الرأس روبسيير أو بيريا فهو لا يقضي، بالضبط، إلا على أصدقاء الثورة. ورأس آخر اسمه الاستقرار، وباسم الاستقرار يجب أن يعود كل شيء كما كان قبل الثورة ذاتها. تلد الحية رأسًا جديدًا، وسواءً كان هذا الرمز نابليون أو ستالين فهو يتوج الظلم من جديد باسم مصلحة الشعب. يصبح لذلك اسم جديد، الضرورة المرحلية.. الظلم المؤقت إلى حين تحقيق رسالة الثورة. وفى هذه الظروف يصبح لطالب العدل اسم جديد يصبح يساريًا أو يمينيًا أو كافرًا أو عدوًا للشعب بحسب الظروف.”

ثرثرة فوق النيل : يبدو أن أديب نوبل نجيب محفوظ لم يكن يحب أن يبقى بعيد عن الانظار طويلا، حيث أن موقفه من ثورة يوليو كان واضحا، إذ انتقدها على المستوى السياسي، رغم احترامه للتجربة فى مجالى الاقتصادى والاجتماعي، كذلك احترامه للرمز الممثل فى جمال عبد الناصر، مع هذا لم يتوقف قلم نجيب محفوظ عن توضيح ملامح النقص فى تلك التجربة الناصرية، وهو ما جل واضحا فى روايته "ثرثرة فوق النيل" الصادرة 1966، التى عرضته إلى غضب كبير من داخل مجلس قيادة الثورة.

ثرثرة فوق النيل رواية تدور أحداثها فى فلك "عوامة" تقف ولا تعرف مكانها وحينما تسير تتوه فى طريقها بالنيل المصري، لم يكن تشيبه محفوظ فى نظر معارضى الرواية مجرد رمز أدبي، بل هو إسقاط واضح على مسار الدولة المصرية فى العهد الناصري، ولمتابع التاريخ يجد أن توقيت صدور الرواية جاء عقب أزمات عديدة فى سياق الحريات وتحجيم الرأي، فضلا عن الاضطرابات السياسية، إذ سبقت الرواية بعام الهزيمة النكراء فى يونيو 1967.

وبحسب المحللين فإن الرواية، رغم قيمتها الأدبية، يمكن اعتبارها عادية إذا ما انتزعت من سياقها التاريخي، إلا أن إصدار تلك الرواية بهذا الوقت عرض محفوظ للعديد من المشكلات مع مجلس قيادة الثورة الذى لم يكن على وفاق معه فى أغلب الأحيان، وواجه أديب نوبل محاولات إيقاع به من قبل رجال الدولة ، إلا أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أنصفه، كما يشاع، واعتبرها رواية صادقة تقدم النقد الصحيح ، وأن نجيب محفوظ ينتقد من داخل الثورة ولا يحسب على أعدائها.

أمتازت رواية ثرثرة فوق النيل بجملها الحوارية الخاصة، بالرواية عالم خاص، يعتمد فى فكرته على الحديث واللغة التى تكشف أبعاد التشاؤم والتيه الذى يعيش فيه سته شخوص لكل منهم حكاية وحبكة خاصة، تتشابك الحبكات بلقائهم فى العوامة بصورة مستمرة، يدخنون المخدرات وتصدر من افواهمم الحكم المخمورة التى تكشف الواقع بما يحوى من قبح وخراب.

اختيار الشخوص وسماتها الشخصية بل ووظائفها أطفى على العمل قراءة خاصة، فجميع الشخصيات تتعامل مع الجمهور بشكل أو بآخر سواء من خلال الكلمة كالممثل "رجب القاضي، والمحامى مصطفى راشد، كذلك خالد عزوز الكاتب الذى يوجه قلمه للمجتمع، وكذلك الموظف أحمد نصر والآخر على السيد، كما أن هناك موظف يختلف عن غيره من الموظفين يحمل اسم "أنيس" وهو موظف بسيط الحال مثقف وغير مثقف يحمل كل شئ ونقيضه، وهو يعتبر الشخصية الأساسية والراويه للأحداث.

أنيس الذى نرى من خلالله حياة العوامة وما يدور بها، لا يحب أن يكون منتبه طوال الوقت ويفضل البقاء تحت سلطة "الكيف" حتى لا يرى قبح الواقع، رغم هذا يتفوق أنيس بكل ما له علاقة بالواقع عن طريق شفرات كلامية لا يفكها الآخرين ويعتبروها درب من السطلة بفعل المخدرات.

رواية ثرثرة فوق النيل كما يأتى فى الاسم تعبر عن ثرثرة والثرثرة فى الأغلب شئ لا يؤخذ على محمل الجد دائما، مع هذا وضعت الرواية نهاية لهذا المصير بالضياع والغياب وسط موجات النيل الهادئة التى تقتل ببطئ، كما كان حال المواطن فى هذه الفترة كما تصورتها الرواية.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة