حكايات الأمن والقضاء..

كيف أدى السادات دور هارون الرشيد فى مهرجان ترفيهى داخل السجن؟

السبت، 02 يونيو 2018 10:25 م
كيف أدى السادات دور هارون الرشيد فى مهرجان ترفيهى داخل السجن؟ السادات
كتب احمد الجعفرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بعد اغتيال أمين عثمان وزير المالية الوفدى فى حكومة مصطفى النحاس، عام 1946، نتيجة علاقته الوطيدة بالحكومة البريطانية، وجد الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، نفسه واحداً من المعتقلين على خلفية تلك الحادثة، وكان حينذاك ما زال برتبة "يوزباشى" فى السابعة والعشرين من عمره؛ ليقضى عامين ونصف العام داخل السجن، حتى حصل على حكماً بالبراءة.

وكعادة أيام السجن تمر بطيئة متكاسلة، فتخلق فى نفوس المساجين، الرغبة الملحة فى كسر مللها، سواء بالقراءة أو الكتابة والإبداع، فأصدر السادات رفقة أصدقائه جريدة "الهنكرة والمنكرة"، والتى طبعوها بالأقلام الرصاص، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل وجد الرئيس الأسمر دور البطولة داخل أروقة السجن، حينما أدى دور "هارون الرشيد" فى مشهد مسرحى بصحبه باقى السجناء.

كان المهرجان عبارة عن مشهد تمثيلى لسهرة فى قصر "هارون الرشيد"، واشترك جميع السجناء فى وضع السيناريو والتمثيل والإخراج، بل والمشاهدة والاستمتاع أيضاً، ووزعت الأدوار بينهم فحظى "أنور السادات" ببطولة العرض ليقوم بدور الخليفة "هارون الرشيد"، والبعض قام بأداء دور السياف والقهرمانة وكبير الحجاب وشهر زاد الراقصة المغرية وإسحق الموصلى ومحمد كريم وبائع اللب، ورئيس وفد الفرنجة.

بدأت السهرة بإشارة من يد الخليفة لتشتعل الأجواء بالطرب، وفقاً لما رواه "السادات" بنفسه فى كتابه "ثلاثون شهراً فى السجن"، فتغنى القهرمانة أحدث ألحان الموصلى بناء على توصية الخليفة "هارون الرشيد"، بعدما أشار إليها قائلاً:"أطربينا يا قهرمانة وابعثى فى الجو أشهى الألحان، ولتغن القيان وليحرق البخور فى أرجاء المكان"، فتغنى القهرمانة والتى أدى دورها أحد السجناء"جانا الخليفة جانا والسعد أهو ويانا.. فى مجلسه حيانا وبخمرته سقانا".

يقطع كبير الحجاب مشهد الرقص والغناء، مستأذناً بدخول وفد الفرنجة ليقدم الهدايا، فيأُذن له ويدخل رئيس الوفد، ويقدم للخليفة هداياه النفيسة من السجائر_التى تعتبر عملة صعبة داخل السجون_، ويطلب باسم عاهل الرومان عقد معاهدة تحالف واخاء، هنا يتدخل السياف معارضاً التعاون مع الأجانب باعتبارهم لا يحفظون العهود ولا يحترمون الحدود، مطالباً بقطع رقبة رئيس وفد الفرنجة، وتتداخل الموسيقى مجدداً وتغنى القهرمانة.

سرعان ما يعود الوقار إلى المجلس ويهدئ الخليفة "هارون الرشيد" ويؤكد أنه لا يقبل التعاون مع الأجانب إلا ندا لند على أساس الأحترام، فيهدأ السياف، وينصرف رئيس وفد الرومان مودعا بالشتائم والسباب، ليعود الخليفة ويطلب من القهرمانة أحدث مواويل الموصلى فتنشد مع القيان "نامت عيونك وعين الله ما نامت.. وما فى ولا شده على مخلوقها دامت.. وأن دامت الشدة ما يدوم صاحبها.. راحت ليالى الهنا ياليتها دامت".

يطرب الخليفة ويصيح من فرط النشوة قائلاً:"هدهدونى هدهدونى.. أطربونى أطربونى"؛ فيردد الجميع كلمات الخليفة، ويضج المكان بمختلف الألحان، فينتهز بائع اللب هذه الفرصة؛ فينادى على بضاعته بصوت نشاز، فيأمر الخليفة بإخراجه من المكان. حل وقت العودة إلى الزنزانات فينتهى الحفل وسط ضحكات الجميع وغضب السجانين وصك الأقفال.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة