سارة سامى حامد تكتب: أيها الغد

الثلاثاء، 19 يونيو 2018 07:00 م
سارة سامى حامد تكتب: أيها الغد فتاة تنظر للسماء - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

حلمت بأنى أركب على ظهر طائر أسود غريب الملامح، لم أرى مثله من قبل، يحوطه الظلام فلا أكاد أرى إلى أين يمتد جناحيه، صوته كالإنذار يحذر كل ما يقف فى طريقه، سرعته كالبرق لا ينظر حوله وكأنه متأكد من وجهته، كتوم لا ينظرلى أو يتحدث معى، لا يشبهنى ولا أشبهه بشئ سوى أنى أملَه حينا  وملَ منى هو الآخرحينا، حتى أنى أخذت أصرخ فى هذا الحلم المزعج، أهو حلمى أم أنى بداخل عقل هذا الطائر الموحش، ولكنى سرعان ما استسلمت لطالما هذه الرحلة إجبارية، سأحاول أن أكتشف الطريق وحدى وأنا استمتع بهذا الفضاء من حولى، فقد كانت النجوم تبدو أكبر حتى أنى لم استطع أن أرتبها وأكون منها تلك الكوكبات المشهورة التى كنت استطيع أن أتعرف عليها بسهولة من على سطح بيتى وأرتبها شمالا وجنوبا، كانت هذه الليله ليلة تمام للقمر لذا لم تستطع ضخامة النجم من أن تسرق من القمر هيبته، فقد كان يبدو كرجل مسن لم يترك الزمن له سوى الشعر الأبيض، جباله تكومت فى جانبيه وكأنها عينان يحرس بهما هذا الفضاء ويتحكم بكل شئ، كانت سلطته تفرض نفسها على الكون بأكمله، ولكنها لم تكن تكفى لايقاف هذا الطائر.

كانت الأمور أغرب مما توقعت، ففى هذا المكان المطلق لا أشعر الا بالعجز، عقلة اصبع ملفوف بتلك الأسرار وحده.لاخلاص له سوى محاولة السقوط من على سطح هذا الطائر، لذا حاولت الوقوف على ظهره وأخذت أغنى الأغنيه التى علمتنى اياها أمى وأنا صغير، مهدئا نفسى:

"حين تخاف، اغمض عينيك

وخبئ النجوم بين كفيك

مهما كبر هذا العالم فى عينيك

فالآن هو صار بين يديك "

حين انتهيت من تمتماتى تمنت بداخلى أن ينتهى كل شئ قبل أن أنتهى أنا، ولكن مطبات الهواء الساخنة التى احتككت بها أثناء سقوطى كانت هى الخط الفاصل بين الواقع والأمانى الكاذبة، بل بين عقلة الاصبع وهذا الرماد الذى تحولت اليه _من شده السخونة _.

كان القدر بطيئا، ولكنه كان بصفى فى النهاية، فقد أوصلنى لسطح محيط، سرعان ما انتشرت عليه واختلطت بأشعة الشمس المنعكسة فكنت مبهجا، فرحا، أشاركه ألوانه السبعة، حتى أتت موجة غاصت بى فى ظلمة المحيط وبرودته، وهكذا مضى الطائر إلى قدره وأنا إلى أجلى المكتوب.

فى تلك اللحظة كل ذرة منى صارت تائهة، مششتة، بعضى يظن بأنه قد لقى مصيره النهائى، والجزء الآخر يردد أنها بالتأكيد ليست أنفاسه الأخيرة.

ربما هو الايمان أو ربما هو الخوف من المجهول، فهل نستقبله بالمغناطيس الحزين بداخلنا، لنجد أننا علقنا بين ظلام الماضى ومخاوف المستقبل، أم نستقبله بأملنا وايماننا والعقل الراسخ فى قلوبنا منتظرين الوقت المناسب لوقوعه فلا نتعجل الاشياء ؟.

فيا أيها القدر، لتدق أبوابنا ببطء لعلنا نستطيع أن ندرك ما يحدث لنا، فلا ننبهر ولا نقلل من شئ فتزيد خيباتنا.

ويا أيتها الحياه، لقد أقمنا فيكى عمرا أكثر مما كتب لنا، حين دق الحزن أبوابنا كان يومه كمائة عام، فلتأخذى منه قليلا علَ يقل عمره، وان يوم فرحنا كان يمضى كساعة، فلتتركيه قليلا علنا نكمل ما كتب لنا من أيامه.

أيها الغد، لا تأتى الآن فان مازال لنا فى اليوم الكثير من الاحلام التى لم نكتشفها بعد، وكثير من الابتسامات التى لم نوزعها، والكثير فى الحياة لم نجربه بعد، فنختار منه ما نحبه ونقربه منك.

أيها اليوم، ابقى ولكن لا تدم طويلا جدا، فربما لنا فى الغد ما يشبه روحك الطيبة، فتطيب الحياة لنا مرارا وتكرارا. 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة