"العرضحالجى" محامى الغلابة يحمى المواطنين من الروتين الحكومى وجشع المحامين

الثلاثاء، 19 يونيو 2018 08:00 ص
"العرضحالجى" محامى الغلابة يحمى المواطنين من الروتين الحكومى وجشع المحامين محكمة- أرشيفية
كتب سليم على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"العرضحالجى" أو الكاتب العمومى أو محامى الغلابة أو المحامى البديل.. كل هذه مسميات لمهنة العرضالجى، الذى يقدم خدماته أمام المحكمة، حيث يرتدى ملابس بسيطة، وأحيانا بأكمام إضافية يرتديها فوق ملابسه يجلس فى إنصات بنظارته الطبية الكبيرة يدقق السمع ويكتب كل ما يسمعه دون تدخل منه أو إبداء رأى، ويجب أن يكون شخصية معروفة ومصدر ثقة، يجلس على كرسى خشبى، أمام المحكمة أو قسم الشرطة، أمامه "ترابيزة" خشبية صغيرة بجوارها شمسية، عليها مجموعة من الأوراق وقلم جاف وحبارة للبصم، وكرسى إضافى لزبائنه.

تلك المهنة التى اقترن وجودها بوجود المحاكم فى مصر، واستحدثت من العدم لإنقاذ المواطنين البسطاء والأميين من البيروقراطية التى تترسخ داخل أروقة الجهات الحكومية.

بدأت هذه المهنة فى مصر وانتشرت فى مختلف البلدان العربية لارتفاع نسبة غير المتعلمين بتلك الدول، وسميت بـ"العرضحالجى" لأنها كانت تعتمد على - عرض حالة الشخص - غير المتعلم على الورق سواء كانت شكوى أو توكيل أو غيرها من أوراق لتقديمها للجهة المعنية سواء الشهر العقارى أو المحكمة أو القسم.

ويعتبر مصطلح "العرضحالجى” مصريا خالصا، كما أن بعض الدول العربية تستخدمه، فهو يعنى الشخص الذى يكتب "العرضحال" أو رسالة عرض المشكلة، وهو الذى يقوم بالكتابة نيابة عن الغير الذى إما لا يجيد القراءة أو الكتابة أو ليست لدية الخبرة والدراية الكافية لكتابة ما يريده بالطريقة الإدارية أو القانونية المطلوبة منه.

ومهنة العرضحالجى معروفة منذ قديم الأزل إلا أنها مازالت متواجدة خاصة فى دول العالم الثالث، والتى ينتشر فى أكثرها الأمية والجهل والبيروقراطية والتعقيدات الإدارية، وبعض الدول تقنن تلك الوظيفة وتخضع ممارستها لشروط معينة وذلك نظرًا لحاجتها الأساسية والضرورية لتلك المهنة، كما أن البلدان العربية تعتبر من أكثر الدول استخدامًا لتلك المهنة "العرضحالجى”.

يقول أيمن، فى الأربعينات من عمره، حاصل على بكالوريوس حقوق، يعمل بتلك المنهة منذ 10 سنوات، وتوارثها عن والده، أن هذه المهنة وجدت منذ إنشاء المحاكم فى مصر، لمساعدة الغلابة والأميين من المواطنين من فخ الوقوع فى شبكة الروتين وأجور المحامين المبالغ فيها لتخليص الأوراق التى تثبت حقوقهم.

وأضاف "أيمن"، أن المهنة كانت تتمتع فى الماضى بأصول وتقاليد، وكان الممتهن تلك المهنة ملم بجزء كبير من القانون المصرى على عكس اليوم "كل من هب ودب بئا بيشتغلها.. بئيت شغلانة اللى ملوش شغلانة"، يأخذ ايمن نفس من سجارته ويستكمل الحديث قائلا:"عم عاشور أول من اشتغل هنا قدام محكمة تاج الدول وكان طبال فى شارع محمد، بس كان متعلم وعارف القانون وبيساعد الناس الغلابة فى تخليص المستندات، بمقابل زهيد، لغيط ما ناس كتير ابتدت تقلده ووصل العدد لـ60 كاتب عمومى”.

وأشار "أيمن"، إلى أن المهنة اوشكت على الانقراض، معللا ذلك للتقدم التكنولوجى وربطه بالمؤسسات الحكومية والتوسع فيه خلال الفترة الحالية، لافتا إلى أن كل من يعمل بالمهنة حاليا لا يحصل على تراخيص.

وطالب "أيمن"، الجهات المعنية بضرورة عمل نقابة للعاملين بتلك المهنة واعتمادهم وأن من يعمل بتلك المهنة يجب أن يكون حاصل على "كارنيه" النقابة ويتم عمل تدريبات للراغبين فى العمل بتلك المهنة، مشيرا إلى أنهم يتعرضون لمضيقات من مباحث الأموال العامة نظرا لعملهم دون الحصول على رخصة لمزاولة تلك المهنة.

يسحب منه أطراف الحديث عم "سيد" موظف بإحدى المحاكم وخرج على المعاش وعمل بتلك المهنة، قائلا: "أنا اللى بعملة لـ"الزبون" هو نفس اللى بيعمله المحامى، بس هو لو رحله هياخد منه فلوس كتير، أنا باخد من 10 لـ50 جنيه حسب الورق اللى هيعمله".

وأضاف "سيد"، أن المحاكم المصرية ستستمر فى عملها بالأوراق وأمامنا الكثير حتى نكون مثل الجهات الحكومية الخارجية، فهذا يحتاج إلى تأهيل جيل جديد من الموظفين على استخدام التكنولوجيا داخل الحكومة وتمكين المواطنين من انهاء مطالبهم فى وقت قياسى ودون الخوض فى مراحل لا تنتهى مثلما يحدث حاليا، لافتا إلى أن المهنة أمامها الكثير حتى نستطيع أن نقول أنها اوشكت على الانقراض.

من جانبها قالت نادية، فى الخمسينات من عمرها، ربة منزل، تستعين بـ"العرضحلجى" فى انهاء أوراقها، إنهم يساعدوها بشكل كبير فى إنهاء أوراقها لعدم ايجادتها القراءة والكتابة، مشيرة إلى أنهم يرشدوها إلى الطريق الصحيح لإنجاز أورقها فى أسرع وقت، على عكس بعض المحامين الذين يقومون بتخليص الأوراق فى فترة زمنية طويلة لطلب مبالغ مالية كبيرة.

من جانبه قال المحامى محمد الحدق، أن مهنة العرضحلجى من المهن القديمة فى مصر، وظهرت نتيجة انتشار الأمية فى فترة ما بين الطبقات الفقيرة، إلا أنها بدأت منذ عهد الفراعنة من خلال شكاوى الفلاح الذى كان يجهل الكتابه فلجأ إلى أحد الأشخاص ليكتب له شكاويه.

وأشار الحدق، إلى أنه يعتبر محامى الغلابة حيث يقوم تقريبا بدور المحامى فى النزاعات وكتابة العرائض القضائية ولكن بأجر أقل من المحامى مما جعل هذة المهنة لا تزال موجودة فى بعض المناطق الفقيرة، لافتا إلى أن الشكاوى تتنوع لتشمل جميع انواع النزاعات على الأراضى الزراعية أو العقارات وقد تكون الشكوى تجاه شخص يمارس البلطجة أو تجاه مؤسسة حكومية.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة