قد يظن البعض أن الصيام سبب زيادة الجريمة فى نهار رمضان، وبخاصة المشاجرات التى تزداد يوميا منذ اليوم الأول فى الشهر الفضيل، إلا أن خبراء علم النفس والاجتماع، والأمن، أكدوا أن الصيام برئ تماما من الجريمة فى رمضان، مؤكدين فى الوقت ذاته أن معتادى الإجرام لا يتغيرون فى رمضان، ولكنهم يقبلون على الجريمة أيضا.
كما أرجع اخرون زيادة الجريمة فى رمضان والعصبية والتوتر بسبب الجهر بالإفطار وكذلك إدمان المخدرات لدى الشباب الذين يدفعهم دوما إلى المشاجرات بسبب عدم الوعى والغيبوبة الدائمة التى يعيشونها فيها.
معتادو الإجرام لا يتغيرون فى رمضان
من جهتها تقول الدكتورة إيمان عبد الله، أستاذ علم نفس وتربوى ورئيس مؤسسة الإيمان للإرشاد النفسى والتدريب والاستشارة، إنه على الرغم من أن شهر رمضان شهر الطاعات والعبادة والروحانيات، لكن هناك أشخاص يخرجون عن القواعد والقوانين، لتقع أبشع الجرائم فى نهار رمضان، ويرجع ذلك لعدة أسباب منها أن الأفراد الذين اعتادوا الجرائم ﻻيتغيرون فى رمضان للعوز المادى وافتقارهم للوازع الدينى ، بالإضافة إلى الفقر والبطالة التى تزداد فى رمضان بسبب الضغط المادى اعتقادا منهم بأن رمضان يزيد فيه الاستهلاك بسبب زيادة الإسراف والعزومات .
مشاجرات بسبب الصراع للوصول للمنزل قبل الإفطار
وأضافت أن الصراع اليومى حول سرعة الوصول للمنزل وقت اﻻفطار قد يتسبب فى المشاجرات بسبب زيادة الكثافة السكانية واﻻزدحام المرورى ، ووجود أجواء من التوتر والمشاحنات بسبب عدم اﻻنضباط فى العمل الذى يؤثر على مصالح الناس بحجة الصيام والإجهاد.
وأكدت أن هناك أسبابا أخرى هامة مثل عدم تقبل الآخر من الناحية السلوكية أو حتى أفكار الآخرين، فالتغافل عن فكرة العفو والتسامح يجعلهم فاقدين لروحانيات الشهر الكريم، بالإضافة إلى التنشئة اﻻجتماعية ودور اﻻسرة التربوى، وعجز الأسرة فى تلبية الاحتياجات اﻻساسية لأفرادها بجانب الجزء التربوى والاخلاقى والدينى، وأيضا التفكك الأسرى وسوء التنشئة.
نقص التدخين فى رمضان يسبب العصبية والتوتر وأحيانا الجرائم
وقالت إن هناك أسبابا نفسية أهمها اﻻضطرابات النفسية أو العنف، فالعنف الخارجى له أسباب داخلية مثل جلد الذات وتأنيب الضمير والعنف الداخلى والمشاكل النفسية يفرزان عنفا خارجيا فيركز على السلبيات والتشائم، فالأمراض النفسية والجرائم متواجدة فى العالم، وتختلف من مجتمع إلى آخر والمشاكل النفسية تؤثر على الفرد وتؤدى لظهور الأمراض السلوكية وبدورها تسبب الأذى للمريض والمحيطين به، كما أن العرض المتواصل والمستمر لمسلسلات الدراما فى رمضان التى تركز على الحزن والنكد والتشائم والسلبية تتسبب فى شيوع جو يشجع على الجرائم، وليست هناك جرائم مخصصة وﻻ مصنفة فى رمضان لكن تتبلور الفكرة فى أن بعض المدخنين وبعض الذين اعتادوا على الكافين والنكوتين فإن نقصه فى الصيام يسبب العصبية والتوتر ، مما يتسبب فى الشجار والخلافات وأحيانا الجرائم.
التوعية الأسرية والاعلامية والتعود على الصيام هو الحل
وقدمت استشارى علم النفس بعض النصائح لمحاربة الجريمة فى رمضان منها التوعية الأسرية والتعامل مع اﻻبناء كأصدقاء، وبث الأخلاق من خلال التعاليم والقيم الدينية ، والتعود تدريجيا على ضبط النفس فى الصيام من خلال صيام أيام قبل رمضان على مدار السنة ، وزيادة التوعية الاعلامية سواء البرامج أو الدراما ، بالإضافة إلى الترابط اأسرى وزيارة اﻻقارب والتصالح مع الذات واآخريين لكسر حدة العنف والجفاء.
محامى بالنقض: بعض الشباب فى غيبوية دائمة بسبب إدمان المخدرات
فيما يرى عادل معوض المحامى بالنقض أن الصيام فى شهر رمضان لا يعتبر سببا إطلاقا لزيادة العنف والجريمة ، و لكن سوء الأخلاق و البعد عن تعاليم الصيام و تزكية النفس هى السبب، خاصة أن هناك ظاهرة غريبة و هى انتشار الإفطار فى نهار رمضان بين الشباب مما يتسبب فى زيادة المشاجرات.
وقال المحامى بالنقض أنه يجب تجريم الجهر بالفطر فى نهار رمضان حيث إن الجهر بالفطر جريمة شرعية ، و لو تدبرنا هذه الظاهرة نجد أن مرجعها إلى إدمان الشباب للمخدرات التى لا يستطيعون الاستيقاظ و الإفاقة بغيرها، الأمر الذ ى يؤكد ضرورة محاربة المخدرات بشتى الصور بدءا من إحكام السيطرة على الحدود و منع تهريب المخدرات وكذا متابعة الفاسدين الذين يقفون وراء مافيا المخدرات و تغليظ العقوبة بدءا من عقوبة التعاطى حتى الاتجار و الجلب، و للأسف الشديد هناك تساهل فى قضايا تعاطى المخدرات فحوالى 99٪ من قضايا التعاطى يقضى فيها بالبراءة لقصور محضر الاجراءات.