أكرم القصاص - علا الشافعي

حكايات الأمن والقضاء.. حاوى أخرج "كتكوت" من ذقن القاضى فحصل على البراءة

الإثنين، 11 يونيو 2018 06:56 ص
حكايات الأمن والقضاء.. حاوى أخرج "كتكوت" من ذقن القاضى فحصل على البراءة توفيق الحكيم - ارشيفية
كتب أحمد الجعفرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

روى توفيق الحكيم فى كتابة "عدالة وفن" قصص قضائية عاشها حينما كان فى مقعد النيابة العامة، بإحدى محاكم الأقاليم فى ثلاثينيات القرن  الماضى، وكانت من ضمن القصص القضائية التى رواها جنحة "تشرد"، كانت تنظرها المحكمة فى ذلك الوقت، وكان لها تاثيراً طريفً عليه.

يقول "الحكيم"، فى سرده للقصة التى جاءت ضمن مجموعته القصصية، أن القاضى وجه للمتهم الماثل أمامه تهمة التشرد، مستنداً إلى عدم وجود وسيلة مشروعه لعيشه، وإنذاره من قبل البوليس عدة مرات، وهو الأمر الذى نفاه الرجل باستنكار واحتجاج قائلاً:"أنا متشرد؟..عيب !".

وقلب القاضى صفحات الملف الذى أمامه وقال:"وارد فى محضر البوليس أنه ليست لك وسيلة مشروعة للعيش، فقال الرجل باعتزاز: أنا حاوى يا سعادة البك، فباغته القاضى بسؤال، وهو الحاوى يعتبر صاحب صنعة مشروعة؟، فأجاب:"طبعاً يا سعادة البك.. وكل وأحد يقدر يكون حاوى؟!..أنا ضيعت عمرى كله فيها..وتعلمتها وأنا صغير ابن عشر سنين..تحب أفرج سعادتك؟؟.

تعجب القاضى من المتهم الماثل أمامه قائلاً:"تفرجنى"، فباغته المتهم بقوله:"لما تشوف الشغل يا بك تحكم أنها صنعة ولا كل صنعة..صنعة شطارة وحداقة!، وقبل أن ينتظر رأى القاضى شمر الحاوى عن كم ساعده الأيمن واقترب من المنصة قائلاً:"بسم الله الرحمن الرحيم ثم مد أصابعه إلى ذقن القاضى فأخرج منها كتكوتاً أصفر، وإذا به يقفز فوق المنصة.

 

عدالة وفن
عدالة وفن

 

 

ضج جمهور الحاضرين بأصوات يختلط فيها الإعجاب بالضحك، وعلا التهليل والتكبير، فدق القاضى بقلمه دقاً شديداً لى المنصة، أمراً بالسكون التام، فخيم الصمت فى الحال على القاعة، وصوب نظرة نارية إلى الـ"كتكوت" وعندئذ فطن الحاوى إلى الموقف فمد يده، وسرعان ما اختفى "كتكوته" واستأنفت الجلسة سيرها الجاد الوقور كأن شيئاً من هذا لم يحدث.

التفت القاضى إلى الحاوى قائلاً:"اقتنعنا أنك بارع وأن براعتك فى خفة اليد..ولكن هل كل خفة يد تعتبر صنعة شريفة؟..النشال أيضاً بارع فى خفة اليد، فقال الحاوى محتجاً بقوة: وأنا نشال لا سمح الله؟!.. النشال خفة يده فى جيوب الناس!.. لكن أنا يا سعادة البك بخفة يدى عمرى ما سرقت .. خفة يدى تدهش الناس وتسرهم .. وكل وأحد يدفع لى ما فيه القسمة عن طيب خاطر .. أنا فنان يا بك..أنا فنان."

بعد مدوالة بين القاضى وممثل النيابة العامة، رفع القاضى رأسه بقوة وصاح فى المتهم: رح يا رجل .. براءة.

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد صالح

العظماء

توفيق الحكيم استاذ عظيم ومدرسة كبرى فى الفكر والادب رحم الله هولاء العباقرة الفلتات التى لا تتكرر اعتقد ان الشباب يحتاج الى قراءة هولاء الادباء للارتقاء بالذوق العام ممكن روايات زى عودة الروح ومسرحية اهل الكهف تتقرر على اعدادى يقوم الشباب يدور على باقى الروايات ويرتفع مستوى تفكيره

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة