صفاء فوزى تكتب : انهيار

الأربعاء، 30 مايو 2018 03:00 م
صفاء فوزى تكتب : انهيار زوجة مكتئبة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مرهقة هى ، تحاول أن تكف عن التفكير ، وتخرج من دوامة الاكتئاب ، تعمل كثيرا إلى حد الإرهاق فتعود للبيت متوترة ومنهكة .

تجد زوجها وأولادها عادوا من المدرسة تبتسم إليهم ببرود ، وتدخل المطبخ تجهز الطعام كعادتها .

 

 يتناولون الطعام ثم حوار بارد مع زوجها عن العمل، حوارات متكررة ومملة، لا تنصت إليه ، لأنها فى عالم آخر ، وصراع الأولاد اليومى حول اللعب .

تعلو أصواتهم ، تتوتر أكثر ، تحاول أن تتناسى وتهدأ من روعها ،تنتظر زوجها ليفك الاشتباك ، وكالعادة لا يفلح.

 هى تختنق ،ولسان حالها يردد:

لقد أفسدت أخلاقهم بتدلليك ودلعك لهم ، ولا جدوى منك أو منهم ، سئمت العيش معكم ، وتتمنى الموت- كعادتها منذ فترة - وهذه المرة تتمادى و تدعو على أولادها وزوجها لا على نفسها فقط.

 أصبحت تتمنى الموت لعلها ترتاح من دوامة الاكتئاب ومن التوتر هنا وهناك.

 لم تعد تحتمل أبدا هذه الصراعات ،خارجها وداخلها ،كلما قررت أن تخرج من حزنها، وتحاول أن تعيش، وتتناسى كل ألم بداخلها ، وأى حزن مرت به خلال حياتها ،وخاصة أخر عامين كانا ممتلئين بأحداث لا تنسى ، خذلان وألم لا يغتفر، تحاول أن تعيش غير أنها فقدت لذة الحياة.

أصبحت لا تشعر بشيء ،ماتت رغبتها فى كل شيء ،سرحت قليلا ،ولم يوقظها سوى أصوات اطفالها ،يتعالى صوتهم، والشجار يحتد تتدخل بعد صبر منها .

 وينالها من أولادها كلام بذيء ،وتعلو بصوتها تربية فاشلة، أفسدهم تدليلك ، تتهم زوجها بإفساد كل شيء، وتدمير حياتهم ،يضرب الولد أخيه بعنف ، تنهار وتكسر العصا نصفان ، كادت تكسر زجاج النافذة ثم تبكى وتصرخ ، للمرة الثالثة يحدث لها ذلك .

 تتسأل مع نفسها ماذا يحدث لى ؟!!

 تخاف أن يصيبها الجنون .

 هو يعلو صوته ويعنف الأولاد، وهى تصرخ ، لقد دمرتوا نفسيتى ، تعبت كثيرا، يزداد خفقان قلبها، تكاد تموت ويضيق صدرها ،يحضر لها زوجها الماء،تشرب بصعوبة من صعوبة تنفسها .

تهدأ قليلا تحاول أن تنام ولكن لا تستطيع ، بينما هو ينام ، و كأن شيئا لم يكن ، تنظر له بحزن وندم، وتنظر للصغار وتحتضنهم، وتتعجب مما حدث ومن دعائها عليهم وتبكى .

تحاول مرارا أن تنام ، ولكن هيهات أن تنام ، ترتدى ثيابها ،وتخرج للحديقة ،تحاول أن تستنشق هواء نقى، فى ذلك الفجر الذى كاد أن يطلع، عله يزيل ظلمة حياتها .

 تفكر بمن تتصل ومن سيسمعها الآن ؟

فتقرر السير خارج البيت قليلا، علها تستريح تخرج ،والشارع خالى تماما ، لا تخاف ولا تشعر بأى شيء تسير، حتى تصل أمام بيت والدها تتردد هل تدق الباب أم لا ؟؟

ولكنها تتراجع فقد ماتت أمها -فلا احد سيسمعها - فهنا أبا لا يأبه الا بنفسه ومرضه، وراحته فقط ، وأخت لن تفهم ما يحدث وستقابلها ببرود أو عصبية وهى لا تتحمل أى صراعات .

 تراجعت وظلت تسير حتى شروق الشمس، اتصلت بأختها لا ترد ، اتصلت بإحدى صديقتها وتحدثت قليلا ، فهى فى رحلة قصيرة لأيام، وعلى عجل من أمرها كالمعتاد فلم تسمعها.

 خافت على صديقتها المقربة من الألم فلم تتصل بها، كانت تود فقط أن تسمع صوتها، قبل أن تذهب ولكن إلى أين تذهب ؟؟!!

 تشعر بخنقة رهيبة، و ألم لا يتوقف ،لا تريد العودة لمنزلها أبدا ،ظلت تسير دون أن تشعر، حتى وجدت نفسها ،فجأة أمام قبر أمها ،تحدثت إليها وبكت كثيرا ، شعور غريب لأول مرة لا تخاف ، وتجلس وحدها هنا ، تتساقط دموعها.

 تبكى وتناجيها لماذا تركتينى يا أمى ؟؟

لا أحد يحبنى مثلك ،الكل يؤلمنى ليتنى أموت ،وأعود لحضنك ، إشتقت إليكى كثيرا ،فجأة كأن أحدهم يربط على كتفها، تقف لا تجد أحدا.

 لكن شعور غريب يتملكها، تمشى سريعا ، فجأة تجد نفسها أمام النيل ، تصعد الكوبرى، شيئا ما يدفعها، لتلقى نفسها به ، لا تقاوم وتشرع لتلقى نفسها !!

 فجأة تسمع صوتا من بعيد ، أنه زوجها !!

يهزها ويردد استيقظى لقد تأخرتى بالنوم كثيرا.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة