د.ماريان جرجس تكتب: التوزيع الجغرافى

الأحد، 27 مايو 2018 12:00 م
د.ماريان جرجس تكتب: التوزيع الجغرافى ماريان جرجس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تٌصاب الشعوب إثر الثورات الشعبية الناجحة بحالة من الكبرياء الشعبى، كبرياء من طراز خاص، غرور بنكهة العزة، وعزة بنكهة الكبرياء المشروع.

فيشعر لحظتها المواطن، أنه استطاع إزاحة نظام أو قام  بتغيير جوهرى بصوته، وحقه المشروع الذى كفله له الدستور.

ولكن برغم مشروعية تلك الحالة التى تنتاب الكتلة الشعبية التى أسقطت نظام ما أو أزاحته  تبقى هى السبب فى اللهفة التى تنتاب الشعب ليرى حصاد الثورات، ويرى تحقيق التغيير الحقيقى الملموس فى أقل من الوقت المنطقى لتلك التغييرات الجذرية.

فيصبح إيقاع أحلامه أسرع من الإيقاع الموضوعى للتغيير، ويصبح سقف طموحاته أعلى من متطلعات الحكومة القائمة التى من زاويتها ترى كم التحديات التى تواجهها بشكل موضوعى، وليس من وجهه نظر حماسية حالمة .

فمبالنا وقد أزاح الشعب المصرى نظامين من أعتى النٌظم فى عاميين: الأول كان  نظام يبلغ من العمر أكثر من ثلاثين عامًا ويبلغ من القوة قمته،ا والثانى نظام كان يبلغ من الحلم فى الحكم وعرش مصر اكثر من أربعة وثمانين عامًا !

لذا لا ألوم على الشعب المصرى اليوم الذى يعلى من سقف طموحاته يومًا بعد يوم ويرى التغييرات فى كل شئ تحدث بين ليلة وضحاها فهاهو الكبرياء الشعبى المشروع .

ولكن فى الوقت ذاته لابد أن يعمق النظرة فيرى التحديات الحقيقية التى تواجه الإدارة المصرية والحكومة من البنية التحتية لأى جهاز وحتى الخدمة المقدمة للجمهور .

ولأن الجهاز الإدارى هو عصب، وله دور مفصلى، فى كل الوزارات الأخرى، فعلينا أن نكثف من المقترحات لإصلاحه فهو العمود الفقرى لأى مؤسسة.

يُعد إعادة التوزيع الجغرافى مجرد حالة من النظام، والتى تعود بفوائد كثيرة، وهى ببساطة محاولة لتسكين كل الكتلة العاملة فى الجهاز الحكومى فى المؤسسات التابعة لنطاقهم السكنى، هكذا أيضًا متلقى الخدمة من الجمهور، وتوجيهه لأقرب فرع أو مستشفى أو مؤسسة تتبع نطاقه الجغرافى .

فلا أعلم لماذا طبيبً يقطن فى جنوب القاهرة، مثلا ولكن عمله يقع فى شمالها، ومهندسًا يقطن فى شمال القاهرة عليه أن يتوجه يوميًا إلى جنوب القاهرة !

ربما هناك معايير أخرى قد تتحكم فى ذلك التوزيع مثل التخصص الذى قد يكون متواجدًا فى أماكن بعينها عن دونها، ولكن موظفى الجهاز الإدارى بأكلمه والعاملين بالبنوك الوطنية، وكثير من المهن التى لا تتطلب التخصص، وتستطيع الحكومة إعادة توزيع الكتلة العاملة، كل فى أقرب فرع أو مؤسسة له طبقًا لنطاقه السكنى قدر الإمكان .

وهنا نعد الفوائد المرتقبة من ذلك:

الأولى: وهو عدم إهدار الكفاءات البشرية فى معاناة الطرق والازدحام المروى، وتوفير طاقة الفرد العامل لعمله، مما ينعكس على روحه المعنوية التى سترتفع بعد التخلص من أول شئ يقابله صباحًا، وهو المعاناة المرورية، وصراعه مع الوقت لكى يصل وقت توقيع الحضور ليتنفس الصعداء، وكأن توقيع الحضور هو المهمة الوحيدة المجدية فى عمله .

الثانية:- وهو تخفيف استخدام الوقود والتقليل من الازدحام المرورى والاختناق البشرى والتلوث الذى تعانى منه القاهرة بنسبة كبيرة وترشيد استهلاك المحروقات، مما يعود بالنفع على الحكومة والفرد فى أن واحدٍ.

 

الثالثة:- وهى سهولة حصر معلومات العاملين بكل المؤسسات والبيانات المطلوبة من متلقى الخدمة أو الجماهير، لتكوين قاعدة بيانات تصلح لإدخالها فى الحاسبات الآلية، تمهيدًا لتكوين قاعدة بيانات إلكترونية تمكن الحكومة فى المستقبل تيسير العلميات البيروقراطية والإجراءات، وإدخال التكنولوجيا والتخلى عن العامل البشرى فى بعض الإجراءات الروتينية كتجديد رخص المركبات وبطاقات الرقم القومى .

الرابعة: تسهيل عملية التعداد والإحصاء، ورصد أى مشاكل أو عراقيل بحى معين أو مدينة بعينها، حيث تظهر نقاط الضعف والقوى المشتركة بين كل الأحياء أو بين حى دون غيره، حتى فى إظهار المشاريع الصغيرة التى قد يشتهر بها حى معين.

الخامسة: وهو سلوك النظام والقانون الذى سيكتسبه المواطن والأريحية المجتمعية الحياتية، وعدم التشتت والتيه فى إجراءات كثيرة ينعكس على كل طبائعه فى مناحى الحياة المختلفة من نظام ونمق مكتسب.

فالتوزيع الجغرافى الجيد الإلزامى هو الذى يستطيع رسم خرائط مفيدة لمصر ورسومات بيانية تغذى الإدارات الأكاديمية بدراسات ميدانية حقيقية .










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة