عباس شومان

زيد بن ثابت ترجمان الرسول

الأربعاء، 23 مايو 2018 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قال الأعمش: كان الرسول صلى الله عليه وسلم تأتيه كتب لا يشتهى أن يَطَّلِع عليها إلا مَن يثق به، فكان سيدنا زيد بن ثابت بن الضحّاك الأنصارى، من بنى النجار أخوال رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، ترجمان الرسول صلى الله عليه وسلم وشيخ المقرئين، ذاك الشاب الذى تم تكليفه بأخطر وأهم مهمة علمية بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم، فقد كان رضى الله عنه يتوهج ذكاءً ويتألق فطنةً ويقطر نجابةً وحمية، نشأ يتيمًا حيث كان عمره يوم وفاة والده حوالى ست سنوات، وأسلم صغيرًا حيث قدم النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وهو لم يتجاوز الحادية عشرة، وفى غزوة بدر الكبرى يُسرِعُ الغلام الصغير صاحب الثلاثة عشر عامًا حاملا السيف ليشارك جندَ الله فى المعركة، ويعرفه قومه بأنه غلام من الخزرج حفظ من القرآن الكريم ست عشرة سورة، فينظر إليه النبى صلى الله عليه وسلم وكأنه يعده لمهمة أخرى ويرى فيه النجابة والموهبة العلمية، فيشفق على سنه الصغيرة وجسده الغض ويُطيِّب خاطره ولا يسمح له بالمشاركة فى المعركة، فالنبى يدرك أن زيدًا يملك من الإمكانات ما لا يتوافر عند غيره، ومن الصعب أن يرهق هذا الشاب الصغير فى أمور لا قِبلَ له بها، وبعد انتهاء معركة بدر يقع عدد من كفار قريش فى الأسر؛ ولأنَّ الشورى من شيم الأتقياء، فقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يُكثِر مِن مُشاورة أصحابه فى القضايا المهمة؛ حتَّى قال سيدنا أبوهريرة رضى الله عنه: ما رأيت أحدًا أكثر مُشاورةً لأصحابه مِن رسول صلى الله عليه وسلم، فالشورى أنجح وسيلة لتوحيد الصفوف واستنباط الأفكار وحشد الجهود لتحقيق أهداف سامية، فيشير عليه سيدنا عمر بن الخطاب بأن يتخلص من هؤلاء المعتدين الذين ما حضروا إلا لاستئصال المسلمين والقضاء عليهم، ويشير سيدنا أبو بكر بالمن عليهم وقبول الفداء منهم، ويأخذ النبى صلى الله عليه وسلم برأى الصدِّيق، ويكون فداء من لا مالَ له أن يعلم عشرةً من أبناء المسلمين القراءة والكتابة، فيكون الفتى النجيب زيد بن ثابت ممن يقع عليهم الاختيار، إنه التأهيل النبوى للفتى ليصير بعد ذلك مثقفًا متنوع المواهب، ويتابع الفتى حفظه لكتاب الله، بل إن النبى صلى الله عليه وسلم يصطفيه ليكون من كتبة الوحى الإلهى، فتبرز مواهبه فى العلم والحكمة، لقد أصبح الآن على موعد مع مهمة جليلة لا يستطيع القيام بها إلا صاحب موهبة فريدة وذكاء فذ، يأمره النبى صلى الله عليه وسلم أن يتعلم بعض اللغات فيتعلمها فى وقت وجيز، يقول سيدنا زيـد بن ثابت: «قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعلّمْ كتاب يهـود، فإنّى ما آمنهم على كتابى، ففعلتُ فما مضى لى نصف شهـر حتى حَذِقْتُـهُ، فكنت أكتب له إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأتُ له» ويأمره صلى الله عليه وسلم مرة أخرى بتعلم اللغة السريانية فيتقنها الغلام فى سبعة عشر يومًا، فالأمم المتحضرة لا بد أن تتمتع بأفراد يتقنون اللغات الأجنبية ويخاطبون أصحاب الثقافات الأخرى بلغتهم ويعرضون الإسلام عرضًا صحيحًا ليواجهوا خطر الإسلاموفوبيا، لقد صار هذا الفتى الصغير مستشارًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فى أعمال الترجمة بعدما فطن النبى صلى الله عليه وسلم إلى موهبته منذ البداية، وحرص على تنمية هذه الموهبة وتوجيهها التوجيه السليم، لتأخذ فى النمو سبيلا سريعًا.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة