يؤكد الرئيس عبد الفتاح السيسي دوما في خطاباته على ضرورة تفعيل المسؤولية المجتمعية بإعتبارها ذراعا لتحقيق التنمية المستدامة وركيزة أساسية لتحقيق التكافل والتوافق المجتمعي، ومع إنطلاق الملتقى السنوي الرابع للمسؤولية الاجتماعية، طلت علينا قامات رائدة في مجال التنمية تحكي لنا عن تجاربها المثيرة و الهامة في دفع عجلة التنمية في مصر إلى الأمام ، ولكن ظل السؤال الأبرز والسرمدي ماهي المسؤولية المجتمعية ؟
يظل مفهوم المسؤولية المجتمعية من المفاهيم الحديثة في مجتمعاتنا العربية مصطلحًا وتنظيمًا، نتيجة لإحتياج المجتمع المدني له، فالمسؤولية المجتمعية واحدةً من دعائم المجتمع الهامة ووسيلة من وسائل تقدم الشعوب، حيث تقاس قيمة الفرد في مجتمعه بمدى تحمله للمسؤولية تجاه نفسه وتجاه الآخرين .
وعرفت مسودة الأيزو المسؤولية المجتمعية، التى سميت بمواصفة 26000 ISO SR، "بالأفعال التي تقوم بها المؤسسة ، لتحمل مسؤولية آثار أنشطتها ، على المجتمع والبيئة، حيث تكون هذه الأفعال متماشية مع مصالح المجتمع والتنمية المستدامة، وتكون قائمة على السلوك الأخلاقي، والإمتثال للقانون المطبق والجهات العاملة فيما بين الحكومات، وتكون مدمجة في الأنشطة المستمرة للمؤسسة".
ومع تقلص دور القطاع العام، في التنمية المجتمعية، أصبح للقطاع الخاص دورٌ هام في المشاركة الجادة؛ لإحداث تلك التنمية على عكس ما كان راسخاً في الأذهان، عن الدور غير الحيوي لمؤسسات القطاع الخاص، فأصبحت المسؤولية المجتمعية من المبادىء التنموية الهامة التي يدعو إليها الكثيرون، والتي أصبحت بمثابة شراكة قائمة بين مؤسسات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المختلفة لتحقيق التنمية المستدامة في الجوانب التعليمية والصحية والإجتماعية والإقتصادية والبيئية.
ومن أجل أن نطور مفهوم المسؤولية المجتمعية يجب علينا أن نهتم بتنميتها في مكونات المجتمع الرئيسية و على رأسها الأسرة إذ تعد الركن الأول في غرس قيم المسؤولية المجتمعية لدى الأبناء، وتشير الدراسات بأن الطفل تتشكل بنسبة 80٪ من قيمه داخل محيط الأسرة.
وتلعب مؤسسات التربية بعمومها دورا هامًا وبارزًا في تنمية مفهوم المسؤولية المجتمعية في إطار بناء قيم المجتمع الاجتماعية والوطنية والبيئية والصحية من خلال الكتب المدرسية والبرامج التعليمية والأنشطة الطلابية.
اما على المستوى العالمي، وفي الدول الصناعية والتجارية الكبرى، أصبح هناك هدف لتحقيق تعاونٍ متوازنٍ ما بين كل من الدولة، والقطاع الخاص، والمجتمع، في تحقيق التنمية، دون الاعتماد كليًا على جهة واحدة، والإعفاء الكامل من المسؤولية لجهة أخرى، وقد تجاوزت المسؤولية المجتمعية، في الدول الكبرى صفة العطاء العشوائي، غير المنظم، وغير المحدد الهدف، إنما أصبح للمؤسسات الكبيرة دورٌ تنموي أساسي، وأصبحت المشاركة في التنمية جزءًا لا يتجزأ من نشاطاتها.
وقد قمنا في المجلس العربي للمسئولية المجتمعية برصد عدة فاعليات في مجال التنمية المجتمعية خلال فترة نجد أنه بات جليًأ أن المسؤولية المجتمعية أصبحت تحظى باهتمام العديد دول منطقتنا، فمثلا نجد عددًا من الدول العربية على رأسها مصر والأردن تضع شروطا خاصة بالمسؤولية المجتمعية على المستثمرين الأجانب و أصحاب المصانع، حيث تشترط أن تقوم هذه الشركات بدورها المجتمعي في مجالات محو الأمية وتنمية القرى أو غيرها من البرامج التنموية بالمنطقة التي سيتم تدشين المشروع بها، وهو مثال حي على مدى أهمية المسؤولية الاجتماعية في تطوير و نهضة البلاد بالتعاون مع القطاع الخاص.
ويعد دور مؤسسات الإعلام في تشكيل وتنمية ونشر ثقافة المسؤولية المجتمعية فاعلاً وهاماً من خلال طرح مواضيع ذات علاقة بالمسؤولية المجتمعية وإبراز دور المؤسسات التي تساهم في هذا المجال، إضافة لدوره الكبير في نشر التجارب الرائدة في المجتمع .
في النهاية تحقيق عملية التنمية المستدامة بمفهومها الواسع وأبعادها المختلفة وكل ما يترتب عليها من تغيرات هو الدور الأصيل للمسؤولية المجتمعية والمسؤولية الوطنية، ذلك الدور الذي أذا ما تم بشكله الصحيح ستتحقق التتمية المرجوة في المستقبل القريب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة