علاء عبد الهادى

الدولة النجيبة

الأربعاء، 23 مايو 2018 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ماذا لو لم ينحز الرئيس عبدالفتاح السيسى للخيار الصعب والمر، ويقرر تنفيذ مشروع الإصلاح الاقتصادى؟
 
لماذا لم يأخذ بالطريق الأسلم والأسهل بالنسبة له كرئيس ويلعب على مشاعر الجماهير، ويمضى مدته ثم يترك التركة لمن يأتى بعده؟
 
سؤال وجهه له أحد المواطنين فى برنامج اسأل الرئيس، معلقا على قرار زيادة أسعار تذاكر المترو، وأضاف بقوله: «إن الإصلاح الصعب يمكن أن ينال من شعبيتك».
 
يجد الرئيس فى المؤتمر الوطنى للشباب فرصة ذهبية يسعى إليها، لكى يمارس نهجه الدائم الذى يستريح له فى الحديث بصراحة مطلقة مع الشعب، وتحديدا الشباب، التى تكون أحيانا مؤلمة، ولكنها مهمة وضرورية.
 
تقبل الرئيس السؤال، وغيره من الأسئلة بصدر رحب، وراح بصبر يحسد عليه يشرح، وقال: «من يقول إننا تعبانين بسبب الإجراءات، أقول له إننا لو لم نتخذها كنا سنتعب أكثر»، ببساطة لو لم تتم الإجراءات الأخيرة بالنسبة مثلا لأسعار المترو، كنا مهددين بخروج الخط الأول من الخدمة لأنه يحتاج لأكثر من 30 مليار جنيه.. من أين سيتم تدبيرها؟
 
لو لم نقم بالإصلاح كان تآكل احتياطى النقد الأجنبى سيستمر، إلى أن يختفى، وسوف تتفاقم ساعتها فاتورة الاستيراد، وتعود السوق السوداء للدولار، وتعجز المصانع عن تدبير مصاريف مستلزمات الإنتاج التى يتم استيرادها من الخارج، هذا الأمر يعنى أيضا ببساطة أن تعجز المصانع عن تدبير مرتبات العمالة التى لديها، فتضطر إلى الاستغناء عنها، يعنى المزيد من البطالة، ونعجز أيضا عن سداد مستحقات الشريك الأجنبى فى قطاع البترول، وهو ما يعنى توقف ضخ استثمارات جديدة فى قطاع البترول، ببساطة أكثر، كشف مثل كشف حقل ظهر الذى حققته «إينى» الإيطالية ما كان ليتحقق لو لم يكن لدينا ما نعطيه لها من مستحقاتها، الأمر ببساطة عبارة عن سلسلة متصلة، ولكن ما حدث نتيجة الإصلاح الجزئى تمكنت مصر من سداد 4 مليارات دولار من جملة 6 مليارات دولار مستحقات الشركات الأجنبية، إضافة إلى سداد الالتزامات الشهرية. 
 
لو لم ننفذ الإصلاح الاقتصادى، برؤية مصرية خالصة، ما كان من الممكن أن ننال ثقة المؤسسات الاقتصادية الدولية وموافقتها على منح مصر عدة شرائح من القروض، لكى يعتدل الاقتصاد المعوج إلى المسار السليم، ثم يتعافى، وبعدها يأتى يوم لينطلق، أما دفن الرأس فى الرمال، جيلا وراء جيل، فقد انتهى بنا إلى أوضاع كارثية، وأدى إلى تفاقم الداء الذى يعانى منه الاقتصاد.
 
الرئيس لخص سياسته «الجراحية» فى علاج الأزمات المتوارثة التى تعانى منها مصر بقوله معلقا على القرار الصعب برفع أسعار تذاكر المترو: «لو لم أتخذ هذه القرارات فلن يتخذها أى شخص آخر.. ولو ماخدتش القرار يبقى قصرت فى حقكم كلكم»، وشدد الرئيس السيسى على أن التحدى الذى يواجه مصر أكبر من أى حكومة وأى رئيس، «إذا كنتم عاوزين بلدكم تتبوأ مكانها وسط الأمم إوعوا تتصورا أن ده بييجى بسهولة».
 
لن يستطيع الرئيس لوحده، ولا الحكومة لوحدها أن تغير هذا الواقع الصعب والمركب والمتوارث، ولكن نستطيع «كلنا يا مصريين» تغيير هذا الواقع.. «عايزين تغيير يبقى لازم لا نغطى وجوهنا».
 
الآن العالم بدأ يغير نظرته لمصر، كدولة مستقرة سياسيا، وينظر إلى اقتصادها بكثير من الاحترام والإعجاب والرضى، كذلك كل التقارير الدولية المحايدة أصبحت تتحدث عن تحسن المؤشرات الاقتصادية لمصر، ومعدلات النمو التى فاقت حد توقعات الحكومة المصرية، وزف لنا الرئيس البشرى بأن المعدل ارتفع إلى 4، 5٪ فى الربع الثالث من العام المالى الحالى.
 
نعود إلى السؤال: هل كان أمام الرئيس خيار آخر؟ 
إجابة الرئيس القاطعة لم يكن أمامنا خيار آخر، وما تم ويتم الآن من إجراءات يهدف إلى تحويل مصر إلى «الدولة النجيبة» التى تسعى الى تغيير واقعها إلى واقع أفضل.. واقع يليق بدولة السبعج آلاف سنة حضارة.   
 
أكاد أسمعك وأنت تقول: خلاص يعنى الدنيا وردى.. والناس متحملة؟
- لا أنا ولا الرئيس نفسه يقول ذلك، هو مدرك لحجم المعاناة التى يعانيها المواطن، بدليل أنه اعتبره البطل الحقيقى، وليس من قام بإعداد إجراءات الإصلاح الاقتصادى، وأى تحدٍ يهون ما دام المصريون إيد واحدة، ولكن حقائق الأمور تقول إن الواقع بدأ يتغير، فى الكهرباء وفى تحسين وتطوير البنية الأساسية لتليق بالانطلاقة الاقتصادية المنشودة، والعامين القادمين نستطيع أن نقول أنهما سيشهدان بداية جنى الثمار، حيث نستشعر أكثر تأثير المليونين والنصف مليون فدان على أسعار الخضر والفاكهة، وينزل إنتاج الصوب الجديدة إلى الأسواق وتأتى مشروعات الثروة الداجنة ومشروعات الثروة الحيوانية ثمارها، وتدور عجلة 4600 مصنع، إضافة إلى 540 مصنعا تنشئها الصين.. كل هذه الأمور، مع الاستقرار السياسى واكتمل اقتلاع جذور الإرهاب سيتغير الواقع من صعب مرير إلى محتمل ومنه إلى واقع مشرق ننشده جميعا، بشرط أن نكون يدا واحدة. 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة