أين ذهبت النكتة فى زمن السوشيال ميديا

الثلاثاء، 22 مايو 2018 02:52 م
أين ذهبت النكتة فى زمن السوشيال ميديا الضحك - أرشيفية
كتبت هدى زكريا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"شعب ابن نكتة" هكذا كان يُعرف المصريون فور ذكر جنسيتهم فى الخارج، الكل يتطلع ليسمع منهم أحدث نكتة متداولة فى الشارع المصرى، سواء كانت سياسية أو اجتماعية، فهذا يطلق كلمات ساخرة على منطقة بعينها معروف عن أهلها الطيبة وخفة الروح، أما ذاك فيتهكم على الأزمات التى نمر بها بطريقة مضحكة.

 

وقبل أن نرصد مراحل تطور النكتة وأسباب اختفائها بالشكل المعتاد الآن خاصة بعد ظهور مواقع التواصل الاجتماعى، علينا أولا أن نعرف ما هى النكتة، فوفقا لما هو متداول عنها هى نوع من الأدب الشعبى تسرد تفاصيل قصة أو موقف بطريقة معينة بهدف التأثير فى المتلقى وإضحاكه. وقد ظهرت أنواع عدة للنكتة فمنها النكتة السياسية، الاجتماعية، التاريخية وحتى النكات الجنسية.

 

وفى كتابه "قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية" يقول الكاتب أحمد أمين إن النكات متنوعة، فمنها ما يستخرج الضحك القوى العميق، ومنها ما يبعث على التَّبَسُّمِ فقط، ومنها ما يدعو إلى الإعجاب فقط من غير تَبَسُّمٍ ولا ضحك، وأكثر ما يثير الضحك هو النكت التى تبنى على السخرية بالغير والاستهزاء به وتحقيره، أما النكت التى لا تشتمل على نقد لاذع ولا على سخرية حادة فتبعث على التبسم أو الإعجاب.

 

بداية ظهور النكتة

يؤرخ البعض لبدايات ظهور النكتة لعصر القدماء المصريين، فالفراعنة أول من عرفوا الكلمات المضحكة، حيث كان يتم تداول النكات الساخرة على الفرعون نفسه، وجاءت بعد ذلك مرحلة تدوين تلك الكلمات المسلية على البرديات لحفظها، وبمرور الوقت أصبحت النكات واحدة من فنون الأدب الشعبى الذى تم تسجيله أيضا فى كتابات ساخرة أو حتى فى كتابات الهجاء والدعابة والمسرح الشعرى والفكاهى والتمثيليات المرحة والمقامات الخفيفة، ثم عرفت النكتة بعد ذلك طريقها إلى الصحافة عن طريق رسومات الكاريكاتير، حيث يذكر أن الصحفيان الكبيران مصطفى أمين وعلى أمين كانا يلتقيان فى مجلس النكت بمؤسسة أخبار اليوم بعدد من رسامى الكاريكاتير ليضعوا سويا أفكارا للرسومات والتى كانت تقوم على الأخبار الغريبة التى تثير السخرية، وكان بناء النكتة بالنسبة لهم عمل فى غاية الجدية يستغرق بضعة ساعات ليفكروا فى بناء الكلمات القائمة على التناقض والمفارقات والمبالغات واللامنطق.

 

ومنذ أن بدأ تداول النكات بين الناس خاصة السياسية كان رؤساء مصر هم الأكثر حرصا على جمعها والإنصات لها، لدرجة أنه قيل عن الرئيس الراحل أنور السادات إنه كان لديه جهاز خاص لجمع النكات التى تقال عنه فى الشارع المصرى، وكان يبدأ يومه بقراءة التقارير الخاصة بتلك النكات ويسميها "نكات الصباح"، أما الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فكان يخشى النكتة لكنه يحرص على سماعها، ليعرف ما الذى يفكر فيه المصريون.

 

وتعد علاقة المصريين بالضحك قديمة وممتدة على مر العصور، فهو سلوك فُرض عليهم نتيجة الظروف المحيطة بهم وهذا النوع من الفكاهة لا تظهر فى اوقات معينه بل طوال الوقت كجزء من السلوك اليومى، واحتار الباحثون فى تفسير هذه الظاهرة ولكنهم أجمعوا فى النهاية على كونها أداة للسخرية من المحن ووسيلة للتنفيس حتى يحتفظ الناس ببساطة طباعهم وصفاء نفوسهم.

 

النكتة فى التليفزيون والمسرح

وبمرور الوقت ظهر عدد من فنانى الكوميديا "المونولوجست" والذين اعتادوا على إلقاء "الإفيهات" والكلمات الساخرة على الحضور، سواء فى التليفزيون أو على خشبة المسرح، وكان من أشهرهم حلمى المليجى، وحمادة سلطان، سيد الملاح، أحمد الحداد، وثريا حلمى، إسماعيل ياسين، محمود شكوكو، فكرى الجيزاوى، أحمد غانم، نبيل فهمى، فيصل خورشيد، عادل الفار، محمود عزب شو، ولكن بدأ هؤلاء الفنانون يتوارون عن الأنظار تدريجيا سواء بفعل الزمن أو نتيجة تغير الظروف المحيطة وتراجعت شعبيتهم بعد ظهور مواقع التواصل الاجتماعى، حيث أصبح بإمكان الشباب المغمورين تحقيق شهرة واسعة عبر فيديوهات لم تتجاوز مدتها دقائق معدودة يقدمون خلالها "اسكتشات" ساخرة.

 

هذا بخلاف عشرات الصفحات التى يدون عليها مريدوها كل ما يصادفهم من نكات، وبالتالى أصبح كل من يرغب فى الضحك زيارة تلك المواقع دون الحاجة لتبديل قنوات التليفزيون أو أن يبذل هؤلاء الفنانين السابق ذكرهم مجهودا لتوصيل رسالتهم للمتلقى بأداء صوتى أو حركى، ومن أشهرهم الخليل كوميدى.

 

وعن اختفاء زمن إلقاء النكتة بالطريقة التقليدية يقول الدكتور خالد أبو الليل، أستاذ الأدب الشعبى بجامعة القاهرة، مفهوم النكتة بشكلها التقليدى بدأ فى الاختفاء جزئيا بسبب وسائل التواصل الحديثة، مما أثر على النكتة بمعناها التقليدى، ففى المجتمع المصرى والمجتمعات المحيطة هناك بعض الدوائر الثقافية أخذت تتراجع وتختفى حتى العلاقات الاجتماعية وحلقات السمر بين الأهل أو الأصدقاء أثرت عليها وسائل الاتصال الحديثة بالسلب.

 

وأضاف أبو الليل: فى البداية كانت النكتة بشكلها التقليدى تحقق رواجا كبيرا قبل انتشار السوشيال ميديا عندما كان هناك تواصل مباشر وجها لوجه بين الناس، أما الآن فنجد أسرة كاملة يتواصل أفرادها بالرسائل النصية واستبدل الناس النكتة بالنصوص الساخرة المكتوبة فى تلك الصفحات أو بصورة "كوميكس" يتم تداولها.

 

وتابع أبو الليل: طالما أننا لن نستطيع أن ننقل النكتة بشكلها المعروف للناس فى هذا العصر على الأقل نحافظ على قدر من التفاعل بين الناس والشخص ملقى النكات، عن طريق إنشاء قنوات خاصة بهم عبر الـ youtube وإطلاق فيديوهات ساخرة لمواكبة التطور.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة