د.محمد سعيد حسب النبى يكتب: القطار

الإثنين، 21 مايو 2018 04:00 م
د.محمد سعيد حسب النبى يكتب: القطار د.محمد سعيد حسب النبى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

 

ركب الأب القطار فَرِحاً مع ابنه الشاب البالغ من العمر 25 عاماً، وبدت البهجة والفضول على وجه الشاب الذى جلس بجوار النافذة، أخرج الشاب يده من النافذة وشعر بالهواء يمر بين يديه ثم صرخ قائلاً: انظر يا أبى إن جميع الأشجار تجرى عكسنا، تبسم الأب لابنه مجاملاً، فاندهش رجل كان يجاورهما من هذا الشاب الذى يشبه الأطفال فى كلامه، ثم صرخ الشاب مرة أخرى قائلاً: يا أبى انظر إلى بركة الماء والطيور ترشف منها، انظر إلى الغيوم تسير مع القطار.. استمر تعجب الرجل من حديث الشاب، ثم بدأت الأمطار تسقط.. فصرخ الشاب إنها تمطر والماء يلامس يدي..فما كان من الرجل إلا أن عاجل الأب سائلاً لماذا لا تذهب لطبيب يعالج ابنك؟! فقال الأب: إننا بالفعل قادمون من المستشفى، إذ إن ابنى قد صار بصيراً لأول مرة فى حياته.

 

كثيراً ما تمرح الأوهام والظنون فى أذهان بعضنا، تغدو وتروح دون رقيب أو محاسب، ولعلنا نرى آلاف المواقع الإخبارية التى تموج بها الدنيا..لو أمعنت النظر فيما تعرضه.. ما وجدت الحق إلا قليلاً، إنه حق يلمع فى صفحة السماء هنيهة ثم ما يلبث أن يختفى فى الليل.

 

وجدير بالإنسان أن يجتهد فى تحرى الحقائق، وأن يأخذ بها وأن يرجع إليها كلما شدته تيارات الظنون..إن الحقائق هى المنهج الأقوم الذى ينبغى للمرء أن يتبناه فى حياته، والصراط الذى يلتمس فيه الصواب والخير. عليه أن يستمسك بأحبال الحق فيما يراه من مشاهدات، وسيرى أنه سيضحى أدنى إلى جلية الأمر بعيداً عن التخبط فى شتى المنعرجات والمنحنيات.

 

والاهتداء إلى الحق والثبات على الصراط يحتاج إلى دأب وجهد..بل واستلهام من العناية العليا، يسلم به المرء من خداع البصر الذى يلون الحقائق فيقلبها وهماً، بعيداً عن التصورات المتعجلة للمواقف والأحداث التى تنقل المرء من ضلالات إلى ضلالات أشد، فلا يحسن التصرف إزاء واجب يناط به، أو أزمة يقف أمامها، وقد تغشى الحواس عن الحقائق، فيأتى الفكر معيناً للوصول إلى حق اليقين الذى ينأى عن التخرصات والظنون.

والملفت أن بعضنا قلما يهتم بالحقائق، وإذا ما بحث عنها تراه يتصيد منها ما يعضد فكره الراسخ فى ذهنه ولا يبالى بما يناقضه، أى أنه يسعى إلى ما يسوغ ظنه، ويؤيد أمانيه، ويتفق مع الحلول السطحية التى يرتجيها.

إن كل ما يتفق وميولنا وظنوننا يبدو معقولاً مقبولاً فى عيوننا، وما يناقض رؤيتنا فإنه يشعلنا غضباً، فلا نندهش عندما يصعب علينا أن نحل مشاكلنا وأن نصل إلى حلول واضحة لها.







مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

طارق

نوع جديد

موضوع المقال مثير شكرا لكم

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة