قيادات الكنيسة على رقعة شطرنج البابا.. جنود البطريرك يتقدمون نحو الصفوف الأولى فى “المجمع المقدس".. التيار التقليدى يتراجع للخلف و"تواضروس" يمضى فى اتجاه مشروعه التنويرى بالكاتدرائية

الأحد، 20 مايو 2018 07:00 ص
قيادات الكنيسة على رقعة شطرنج البابا.. جنود البطريرك يتقدمون نحو الصفوف الأولى فى “المجمع المقدس".. التيار التقليدى يتراجع للخلف و"تواضروس" يمضى فى اتجاه مشروعه التنويرى بالكاتدرائية البابا تواضروس
سارة علام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لم يكن المجمع المقدس دورة مايو 2018 ، حدثًا عاديًا في تاريخ الكنيسة القبطية بل ستكشف الأيام القادمة أن التغيرات التى أجراها البابا تواضروس فى تركيبة الكنيسة ومواقع القيادة فيها جزءًا من برنامج طويل المدى يعمل عليه البابا منذ يومه الأول على سدة كرسى مارمرقس ينقل المؤسسة الكنسية نحو عصر التنوير رغم ما يواجه هذا المشروع من عقبات أهمها اختطاف الكنيسة من قبل الأساقفة الصقور أو التقليديين، الذين كانت لهم الغلبة طوال السنوات الماضية فى عصر البابا شنودة ابن نفس المدرسة، بينما كانت مدرسة متى المسكين أو حمائم الكنيسة أبناء التيار المتاوى مبعدون ومستبعدون لا يعتلون المناصب الكنسية العليا ولا يخرجون من أديرتهم الصحراوية.

 

حين جاء البابا تواضروس لكرسى بابا الإسكندرية، شكل فريقه الخاص، رجال يثق بهم يتولون مهمة قيادة الكنيسة فى عصر الإنترنت، وكانت اختيارات البابا تنحصر بين عنصرين أساسين قوة الشخصية والشباب، فإن مال البابا لأحد الأساقفة فلا بد وإنه يتمتع بشخصية حاسمة كنموذج الأنبا دانيال أسقف المعادى الذى جرى تصعيده فى عصر البابا تواضروس أكثر من مرة، ما بين مسئولًا عن المجلس الأكليريكي للأحوال الشخصية ثم نائب باباوي يدير الكنيسة فى غياب البابا تواضروس خارج البلاد، وأخيرًا على مقعد سكرتير المجمع المقدس أى الرجل الثانى فى الكنيسة رسميًا.

أما الشباب فكان لهم نصيبا كبيرا من اختيارات البابا تواضروس، وعلى رأسهم الأنبا يوليوس أسقف الخدمات الاجتماعية، أربعينى شاب دخل الكاتدرائية من بابها الواسع، واعتلى مقعد الخدمات الاجتماعية وثيق الصلة بالفقراء وبعطايا الكنيسة بديلًا عن الرجل القوى الأنبا يؤانس سكرتير البابا شنودة الذى تم إبعاده نحو أسيوط أسقفًا على الإبراشية التى كان يشرف عليها أيام مرض أسقفها الأنبا ميخائيل، وتتوالى اختيارات البابا وتتعدد ويظل الثنائى"دانيال" و"يوليوس" محل ثقته وإعجابه فيحظى الأول بمنصب السكرتير، ويعين الثانى عضوًا فى لجنة السكرتارية، أما الاختيار الثالث فكان من نصيب الأنبا جابرييل، أسقف النمسا، الرجل الذى أدار الملف العلاجى للبابا وبنى علاقات واسعة مع الكنيسة الكاثوليكية هناك حتى أن الأخيرة أهدت الكنيسة القبطية كنيسة كبيرة فى قلب العاصمة فيينا، وهى الصفات التى يحرص البابا تواضروس عليها فى معاونيه ويشدد عليها "القلب المنفتح" والعلاقات الطيبة مع الكنائس الأخرى، أما الاختيار الرابع، فكان من نصيب الأنبا غبريال أسقف بنى سويف، وهو وجه جديد على الكاتدرائية، فلم يسبق له أن وضع فى اختبارات هامة وحاسمة سوى إدارته للدير المحرق عقب وفاة الأنبا ساويرس أسقف الدير وحتى تعيين رئيس جديد للدير نفسه.

 

منصب جديد استحدثه البابا تواضروس ضمن قرارات المجمع المقدس الأخيرة، وهو منصب المراقب الباباوى للحوار، إذ عين الأنبا أبفيانوس رئيس دير أبو مقار، أحد أشهر تلاميذ متى المسكين مراقبًا بلجنة الحوار اللاهوتى، وهى اللجنة التى يرأسها الأنبا بيشوى مطران كفر الشيخ والبراري منذ سنوات طويلة، وهو الأمر الذى أثار دهشة المتابعين، إذ يعتبر الأنبا بيشوى أحد أهم معلمى اللاهوت التقلديين في الكنيسة إن لم يكن أكبرهم على الإطلاق، بينما يأتى الأنبا ابيفانوس من مدرسة مغايرة، تتهم دائمًا بالخروج عن التقاليد الكنسية والبدع من أبناء المدرسة الأولى.

 

 "الأنبا هرمينا" أسقف عين شمس الشاب، اختيار جديد للبابا يتقدم نحو موقع المسئولية إذ جرى تعيينه رئيسًا للمجلس الإكليريكى للأحوال الشخصية بالقاهرة، وهو الملف الأسخن فى الكنيسة، بينما تم إبعاد الأنبا بولا عن رئاسة المجلس الإكليريكي باستراليا دون أن تعلن الكنيسة عمن يخلفه، وهو القرار الذى أثار ارتياحًا كبيرًا فى أوساط المتضررين العالقين فى زيجات فاشلة إذ تسبب سوء إدارة الأنبا بولا لملف الأحوال الشخصية طوال الـ30 سنة الماضية في الكثير من الأزمات.

كذلك فإن البابا وضع مادة جديدة تخص تشكيل اللجان الدائمة بالمجمع المقدس، فلكل لجنة مدة الثلاث سنوات يجرى بعدها الاقتراع السرى بين الأساقفة لاختيار رؤساء اللجان، وهو القرار الذى يفك احتكار بعض الأساقفة للجان سنوات طويلة ويعطى الفرصة لأخرين.

 

قرارات البابا تواضروس الجديدة تغير شكل الكنيسة مستقبلًا وتدفع نحو مشروعه التنويرى الذى يعتنى بالشباب وبالانفتاح على الكنائس الأخرى، ولكنه فى الوقت نفسه سوف يدخل البابا نفقًا من الأزمات والاتهامات التى تبدأ بالتفريط فى العقيدة ولن تنتهى بالمواجهات الفكرية المستمرة بين أتباع التيارات المتعارضة.

 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة