د. ناهد زيان تكتب : شهريار الملك الأجوف!!

السبت، 07 أبريل 2018 10:00 م
د. ناهد زيان تكتب : شهريار الملك الأجوف!! د. ناهد زيان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

 

شهريار من منا لا يعرف هذا الملك السفاح الذى لا يذكر اسمه إلا مقترنا بقتل النساء وقطع رؤوسهن فى صباحاته المتوالية ؟ ذلك الرجل الذى مع الزمن غدا أيقونة للرجل النافذ السلطة القوى الذى لا يستعصى عليه شيء، ولا يرد له أمر، ولا تعوزه لتحقيق رغباته وسيلة.

غير أن كل تلك الهالة العظيمة التى أحيطت بشهريار على مر الزمن صارت جزءا من الماضى وحديثا من أحاديث الذكريات ليس إلا، فثمة محاولات لقراءة جديدة وتفسيرات مستحدثة لتاريخ شهريار وقرينته شهرزاد تلك المرأة الداهية التى حولت شوق الملك –الطفل- لقصصها لحاجز يحول بينه وبين محاولة المساس بها أو فقدها. شهرزاد التى أعطت لشهريار شهرة ومهابة فلا يذكر هو إلا واقترنت باسمه، ولا تذكر هى إلا ومقرون بها كيف روضت تلك الأنثى الناعمة الذكية هذا الأسد الجائع المتعطش لدماء النساء! .

 فعلى إحدى قنوات الأطفال التى يتابعها صغيرى تناولوا الحديث عن شهريار ذلك الملك اللاهى الكسول الذى يقضى ليله ساهرا يستمع لحكايات شهرزاد بينما يقضى يومه نائما من أثر السهر تاركا أمور مملكته وشئون رعاياه للوزير الفاسد الذى أمعن فى استغلال انشغال الملك فأساء استعمال سلطته منفردا بالحكم دون الملك الذى لا يشغله غير تلك الحكايات التى ترويها شهرزاد حتى ساعات الصباح الأولى.

كان همّ الوزير أن تتابع شهرزاد حكاياتها للملك حتى يتمكن من جبى الإتاوات وفرض الضرائب وتكوين ثروة من خلال منصبه . أما شهرزاد فكان همها ألا تنضب حكاياتها للملك حتى لا تتعرض لسيف مسرور كمن سبقنها من النساء ، وهنا يأتى دور أخيها "لص بغداد" الذى كان يسرق لها كتب القصص والحكايات من دار الحكمة ببغداد –أعظم مكتبة فى العالم فى حينها- ليعطيها لأخته شهرزاد حتى تتمكن من مواصلة حكاياتها للملك الطفل المتشوق دائما لقصة جديدة لاهيا عن أمور مملكته.

 

وبعيدا عن كونها قناة للأطفال فإن لص بغداد فى لقطة قوية يقول أنه حين يعم العدل وينتبه الملك للرعية ويرفع عنهم ظلم الوزير فإنه سيتوقف عن السرقة التى لجأ لها كحل لحالة الفقر والعوز التى يعانيها كل الناس بالمملكة التى هى بغداد نتيجة انصراف الملك لملهاته ونزواته تاركا الساحة للوزير.

وفى قراءة أخرى لحكاية شهرزاد وشهريار تذهب الجميلة عزة شلبى صديقتى الجامحة المختلفة لتقول أن شهريار كان يلجأ لقتل النساء فى الصباح دائما ليخفى أمرا شديد المساس برجولته وصورته كرجل وأن ثمة أمر كان شهريار حريصا على دفنه مع كل أنثى فى صباح يوم جديد مغلفا كل ذلك بكونه الرجل الطاغية الذى يكره النساء نتيجة تعرضه للخيانة من إحداهن يوما ما. وتزيد عزة فى قراءتها المختلفة لحكاية شهريار فترى أن مسرور كان حريصا على أن يستمر سيده فى إصدار أوامره لقتل النساء ليحافظ هو الآخر على وظيفته كسياف الملك ويده الباطشة والمتعطش هو الآخر للدماء، فبدون قتل النساء تسقط مهابة مسرور ويصير متعطلا عن العمل خاملا لا يخشاه أحد ولا يأبه لسيفه.

بطريقة ما تقول عزة أن شهريار هذا القوى ظاهريا الذى تخشاه النساء هو رجل تستدعى حالته الأسف عليه والتعاطف معه وهو العاجز قليل الحيلة المهدد بكشف سره وسقوط هيبته وهالة العظمة المحيطة به، ورغم كونه يطيح برؤوس النساء زاعما أنه ينتقم من زوجته الخائنة فى شخص كل امرأة وصورتها إلا أنه حقيقة رجل بائس مهزوم جريح تدفعه حالته لدفن سره مع كل أنسى تقترب منه وتكشف حقيقته. ترى صديقتى أن الطغاة أمثال شهريار هم فى حقيقتهم تماثيل جوفاء قليلة الحيلة ربما يصدق عليهم قول القائل: أسدٌ على وفى الحروب نعامة.

لم يكن يخطر ببال أحد أن يتعرض شهريار لكل هذا التجاسر على تاريخه كطاغية تخشاه النساء وباقى الرعية غير أننا نعيش فى زمن محاربة تلك الأصنام التى بنيت منذ زمن لنقدسها جيلا بعد جيل، فثمة أجيال قرأت وفكرت وتأملت ثم ثارت على كل تلك التابوهات الجامدة والمسلمات المفروضة. ثمة قراءات جديدة وتأويلات وتفسيرات متعددة لابد من اعتمادها حتى بالنسبة للأطفال لتنشأ أجيال تفكر ولا تقدس الخمول والكسل، ولا تتخذ من حكايات ألف ليلة وليلة بملكها الخامل وجاريتها القاصة المرفهة التى تجاهد فقط لتحيى حتى لو كانت حياة داخل أسوار عالية حال كونها مكبلة بأغلال ذهبية نموذجا للطموح والسعادة.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة