محمود حمدون يكتب: تركة ثقيلة

الجمعة، 27 أبريل 2018 08:00 م
محمود حمدون يكتب: تركة ثقيلة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أكملت الخادمة مهمتها، نظرت للمائدة نظرة رضاء بعد أن رصّت أطباق بمختلف أنواع الأطعمة، ثم انسحبت فى هدوء، نظر الصبى للأصناف الموجودة أمامه، وجد أن معظمها لا يعرفه، لم يرها من قبل، غمره إحراج، فعزف عن الطعام بينما معدته تنقبض بشدة من جوع شديد، تذكّر أنه لم يذق طعم الزاد منذ يوم كامل، جال بخاطره فى المكان، فخامة تلفّه من حوله، أشبه بقصر، وإن لم ير قصورا من قبل، لكن تخيّلها هكذا  . 
 
قطع عليه حبل أفكاره، حديث عمّه العجوز : مالك ؟ ألا يعجبك الطعام ؟! أم ترغب بصنف معين ؟!
=  أفطرت قبل مجيئى  .
 
استحسن المسن عبارة الصبى  فلم يُصّر على كرم ضيافة فاترة، أعقب : لماذا أتيت ؟ أقصد لم أرك منذ سنوات طويلة، صح؟! أظن أنك أتيت لزيارتى لعلّة!
 
أتيتك، وورائى تركة ثقيلة، جئتك بحثا عن حق سعيت وراءه ، لا سواك يمكن أن أقايضه، أعلم أنك ستكون من الفائزين فى تلك الصفقة .
 
تنحنح العم، يبدو أن غصة أصابت حلقه، تناول جرعة من زجاجة مياه معدنية أمامه، نظر للصبى بعمق : الأزمة الاقتصادية أمسكت بخناق الجميع، حقيقة لا أملك سوى هذه الدار، بضعة جنيهات تعيننى على الحياة بالكاد، لكن لقد هديتنى لفكرة جيدة : ابحث لنا عن مشتر يقيلنا من عثرتنا سويا، أنا على استعداد لبيع نصيبى له، أو لك إن استطعت تدبير الثمن  .
غيظ تملّك الفتى فاندفع  : لم أسع إليك إلاّ بعد أن انقطعت السُبل أمامى، ثم أنت الآن كبير العائلة، وذاك إرث ينبغى أن تحافظ عليه أنت .   
     
قاطعه الشيخ بحدة : لقد اعتزلتكم منذ عشرات السنين، لماذا  أهتم الآن ؟! أنا أكثر حرصا منك على التخلص مما يربطنى بالماضى، نهض من على المائدة، نظر فى ساعة يده شارداً، رسالة وقعت فى فؤاد الصبى فأدرك مغزاها، نهض بدوره معتذرا للانصراف لموعد وراءه، غمغم العم كأنما يخشى أن يفهم الصبى خطأ أنها دعوة للبقاء: يا ولدى لا يخاف الفقر إلاّ من طابت له الحياة.
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة