منذ نوفمبر الماضى، حيث صنفت دول الرباعى العربى، الاتحاد العالمى للمسلمين، ضمن قائمة الإرهاب تحول فرعه فى تونس إلى صداع فى رأس الحكومة التونسية، وطوال الشهور الماضية بدأت الشكوك تحوم حول فرع الاتحاد بالخضراء، والذى تأسس فى العام 2012 تزامنا مع حكم الإخوان، وسط دعوات متكررة بإغلاق هذا الفرع درءا للشبهات.
فرع الاتحاد فى تونس يعقد على فترات دورات تكوينية للتأهيل الشرعى، يتم الإعلان عنها عبر صفحتها بمواقع "الفيسبوك" تستقبل من خلالها الشباب والفتيات لتلقينهم دروسا فى العلوم الشرعية، ومنذ تأسيسه يمارس نشاطه بعيدا عن الضوء، ولا يُعرف الكثير عن نشاط الفرع الذى انطلق منذ تأسيسه ومصادر تمويله لتلك الأنشطة.
فالمعروف فى تونس أن الراغبين فى الالتحاق بدورات الاتحاد يدفعون مبلغا قدره 75 دينارا مع إمكانية تقسيطه، ليس هذا فحسب بل إن الاتحاد يقدم بعض الدورات المجانية مثل تلك التى نظمها فى 2016 امتدّت على ثلاثة أسابيع تحت عنوان ”الأحوال الشخصية بين الشريعة والقانون"، لتزداد الشكوك أكثر بعد أن تفجرت مفاجأة مؤخرا حول عزم الاتحاد توسيع نشاطه بتونس وافتتاح فروعا فى صفاقس والقيروان وقفصة قريبا لمواصلة نشر أفكاره.
وجاء إدراج الاتحاد العالمى للمسلمين فى قائمة الإرهاب ليثير الشكوك حول دور فرعه فى تونس، وارتباطه بحركة النهضة الإسلامية – إخوان تونس – التى تشارك فى تسيير شئونه، حيث أن المدير التنفيذى للفرع عبد المجيد النجار عضو مجلس شورى حركة النهضة، وكمال الصيد عضو الحركة الذى يشغل خطة أمين المال للاتحاد.
وفى ظل دعوات السياسيين التونسيين بإغلاق الفرع قام موقع نواة التونسى بتجربة خاصة داخل الاتحاد لحضور المحاضرات التى يتلقاها الشباب والفتيات فى قاعاته، ونقل الموقع بعضا من الوقائع التى تحدث فى أروقة الاتحاد والتى عكست مجموعة من الحقائق المريبة حول نشاط المحاضرين فى الداخل، حيث أكد الموقع أن أغلب المحاضرين هم من تلاميذ يوسف القرضاوى الأمين العام للاتحاد، فى مقدمتهم يوسف بن سليمان و على بوعون.
وأشار الموقع فى تحقيقه، الى أن محاضرات الاتحاد للشباب مثلت "منابر متحرّكة" ضدّ العلمانيّة وشحنهم ضد الرموز فى تونس، ومحاولة تلقينهم رسالة مفادها أن اليسار التونسى يريد ضرب الدين والنصّ الدينى بالاعتداء على اللغة العربية، وإنّ العلمانية هى السبب فى ابتعاد الناس عن دينهم والدليل الفنادق المُختلطة التى يمارس فيها الناس الموبقات".
ارتباط حركة النهضة بفرع الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين واضح ولا يحتاج الى الرهان السياسى والمجتمعى - هكذا أكد موقع نواة، مشددا على أن الحركة الإخوانية تنشط تحت خيمته، وتراهن عليه لتكوين طلبة سيكونون بعد التخرّج منابر متحركة ينطقون باسم أفكارها ومرجعيّاتها.
واعتبر عدد من السياسيين البارزين فى تونس نشاط فرع الاتحاد، واعتبروه تعليم موازى خطر على الفكر فى تونس، ودعوا إلى غلقها خاصة بعد تصنيف المنظمة من قبل الرباعى العربى بالإرهابية، وكشف كاتب عام الجامعة العامة للتعليم العالى والبحث العلمى حسين بوجرة انه لا يجوز للمنظمة أن تقدم دروسا خاصة للحاصلين على الباكالوريا، وإسناد شهادات لهم إلا بترخيص من وزارة التعليم العالى.
وأضاف ان وزارة الإشراف نفت أن تكون قدّمت ترخيصا للاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، لمباشرة التعليم العالى الخاص فى تونس، واعتبر أن على الجهات المعنية التحرك لوقف نشاط هذه المنظمة فى التدريس، مطالبا بالحذر من نشاط هذه المنظمة التى عليها شبهة تكوين «ارهابيين» خاصة وان خدمات التعليم فيها تكاد تكون مجانية وتساءل عن مصادر تمويلها وأسباب مواصلة نشاطها فى تونس.
ووقع عدد من الأكاديميين والمثقفين طلبا وجهوه الى رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ومجلس نواب الشعب لغلق فرع الاتحاد، اعتبروا من خلال " العريضة" ان أنشطة المنظمة خطرا على ابناء الشعب التونسى، خاصة وان يوسف القرضاوى المصنف ضمن قائمة الارهاب يتراس الاتحاد العالمى للعلماء المسلمين، وهو مرجع فرع تونس فى كل شؤونه، وتساءلوا عن دور الدولة فى مراقبة هذه الدورات التى تستهدف الشباب.
الغنوشى والقرضاوى
كما أكدت هذه العريضة - التى لازالت فى أدراج الحكومة التونسية - "ثبوت تورط قيادة هذا الاتحاد فى تشجيع التونسيين على الحرب فى سوريا، محمّلة إياه مسؤولية التغرير بهم ورميهم فى بؤر الصراعات، وختمت العريضة "بأن هذا الاتحاد يعدّ محظورا فى عديد البلدان العربية وغير العربية، وأن لنشاطه فى تونس إحراجا كبيرا للتونسيين وللديبلوماسية التونسية".
فيما قالت مصادر تونسية أن قضية غلق فرع الاتحاد فى تونس كانت مدرجه ضمن زيارة وزير الداخلية التونسية " لطفى براهم"، للسعودية فى مارس الماضى، حيث تم بحث امكانية تحرك الحكومة التونسية لغلق الفرع بعد أن تم إدراج الاتحاد على لوائح الارهاب، حيث تم إطلاع وزير الداخلية على قرائن ارتباط الاتحاد بأنشطه ارهابية، فيما لم تُصدر الحكومة التونسية بيانا رسميا فى هذا الشأن.
ودعت رئيسة الحزب الدستورى الحرّ عبير موسى إلى غلق فرع الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين الناشط بتونس وتتبع علاقاته وتمويلاته، وأوضحت فى بيان أن المسئولين فى هذا الفرع هم قادة أحزاب مشاركة فى الحكم مؤكّدة وجود " شخصيات فى الحكم لها علاقة واضحة جدا بهذه التنظيمات وأن الحزب يطالب بالتحقيق فى علاقة الأطراف السياسية الموجودة فى الحكم بالتنظيمات والشخصيات الإرهابية".