فى تقرير حديث لصندوق النقد الدولى كشف عن التغير فى الصناعة التحويلية والانحسار فى وظائفها، فى عدد من الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية.
وتُعرف الصناعات التحويلية بأنها الصناعة التى تعتمد على تحويل المواد الأولية من شكل لشكل آخر، وحسب طريقة التحويل سواء كانت كيميائية أو فيزيائية أو هندسية، وذلك لإنتاج منتج جديد من تلك المواد الأولية.
التحول من الصناعة للخدمات
وبحسب التقرير فبدأت تتحول الزراعة إلى الخدمات وفى الاقتصادات المتقدمة عادة ما يأتى ارتفاع التوظيف فى قطاع الخدمات انعكاسا لاختفاء وظائف فى قطاع التصنيع بشكل تام.
ويكمن القلق هنا فى انخفاض وظائف الصناعة التحويلية فالناس يتخيلون أن تقلص القطاع معناه تباطؤ النمو الاقتصادى، وندرة الوظائف المجزية للعمالة ذات المهارات المنخفضة والمتوسطة، مما يسهم فى تفاقم عدم المساواة.
وبحسب التقرير تشهد نسبة الوظائف بالصناعة التحويلية تراجعا فى الاقتصادات المتقدمة، كما أنها ظلت منخفضة نسبيا فى الأسواق الصاعدة والبلدان النامية مع تحول العمالة من الزراعة إلى الخدمات .
التحول هنا يعنى مزيدا من العمل فى الخدمات بالبلدان الغنية التى يستهلك بها الناس الأكثر ثراء، خدمات متمثلة فى الصحة والأموال إضافة إلى الخدمات المرتبطة بالتقدم التكنولوجى.
أول المتأثرين بحسب التقرير بالتراجع فى الصناعة التحويلية هم الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، حيث سيكون من الصعب اللحاق بمستويات الدخل السائدة فى الاقتصادات المتقدمة .
عوامل القلق
ومن أهم عوامل القلق الخاصة بالصناعة التحويلية عدم المساواة فى توزيع الدخل واختفاء الوظائف عالية الجودة فى قطاع الصناعة التحويلية لدى عدد من الاقتصادات المتقدمة ، إضافة إلى أن إغلاق المصانع أبوابها يضطر العمالة ذات المهارات المتوسطة إلى قبول وظائف أقل أجرا فى قطاع الخدمات مما يسهم فى إحداث فراغ فى توزيع الدخل وزيادة عدم المساواة.
المساواة بالدخل
ويوجد بالفعل عدم مساواة فى الدخل فى عدد من الاقتصادات المتقدمة بحسب التقرير ويبلغ مستوى عدم المساواة فى دخل العمالة 70% بالصناعة التحويلية .
وتصل عدم المساواة فى الدانمرك حوالى ثلث عدم المساواة فى الولايات المتحدة بالنسبة لكل من الصناعة والخدمات. والعامل الأكبر وراء التغيرات في عدم المساواة الكلى فى الاقتصادات المتقدمة منذ ثمانينات القرن الماضى هو زيادة فروق الكسب فى كل القطاعات – وليس انخفاض وظائف الصناعة بحسب التقرير.
كما أن فكرة جذب القطاعات الخدمية عالية لإنتاجية كالإتصالات والتمويل وأنشطة الأعمال للعمالة بمعدل أسرع من القطاعات الأخرى أدى إلى زيادة إنتاجية العمالة الكلية فى الأسواق الصاعدة والبلدان النامية،فى كل المناطق وخاصة أفريقيا جنوب الصحراء بحسب التقرير.
وينبغى هنا تخفيض الحواجز أمام التجارة الدولية فى الخدمات ، وهى أعلى بكثير من الحواجز التى تواجه التجارة السلعية ، حتى لا يكن توسع القطاعات الخدمية عالية الإنتاجية مقيدا بنمو الطلب المحلى فقط.
حلول للأزمة
وينصح التقرير بتبنى منهجا شاملا لإطلاق نموا لإنتاجية على وجه العموم بما فى ذلك تعزيز رأس المال البشرى والبنية التحتية المادية وتحسين مناخ الأعمال والاستثمار .
ولتعويض فكرة تراجع الصناعة التحويلية خاصة فى المناطق التى نشأت كمراكز صناعية ، ولضمان انتفاع الجميع من التحول الهيكلى ، ينبغى أن تسهل السياسات وفقا للتقرير تعليم العمال المسرحين مهارات جديدة وتخفيض تكاليف إعادة توزيعهم ،وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعى وسياسات إعادة التوزيع الموجهة.
وأنهى التقرير فكرته حول الصناعة التحويلية أن تراجع الصناعة التحويلية كمصدر للتوظيف لا ينبغى أن يضر بالنمو أو يرفع عدم المساواة. لكن ما يضمن ذلك هو انتهاج السياسات الصحيحة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة