إيمــــان فايد تكتب : فى وداع العـــراب

الثلاثاء، 10 أبريل 2018 03:00 م
إيمــــان فايد  تكتب : فى وداع العـــراب  الأديب الدكتور أحمد خالد توفيق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لقد كانت التاسعة والنصف مساء.. فى يوم قدر له بأن يكون الإثنين الثانى من أبريل لعام2018.. حينما اجتاحت موجة تناقلت خبر وفاة الكاتب الروائى والطبيب المصرى الدكتور أحمد خالد توفيق..

دقائق تلاشت تلو بعضها.. بين نفى وتأكيد.. وضربات قلبك تعلو وتهبط.. وتتمنى بأن يكون ذلك الخبر أقرب إلى الكذب منه إلى الحقيقة..

وفى تلك اللحظة.. إن العقل قد يرفض الحقيقة ويقدس الكذب.. ولكنها كانت الحقيقة..!

ومثلى مثل هؤلاء ممن يعرفونه..كيف ألا يغمرنا حزنا عميقا وتنذرف دموعنا رغما.. وتبكى وقد لا تفعلها أشد المواقف بك..

ولكن.. ما الذى قد يجعلنا نحزن لأجل هؤلاء دون غيرهم..؟!

 لابد أن أحدهم قد ترك بصمات بدواخلنا.. ولما كان أغلب قرائه من الشباب فلا تكاد تجد أحدا لن يحزن عليه..

وقد شرفت أنا وزملائى بكوننا طلابه هذا العام.. وقد تلقينا إحدى محاضراته كونه أستاذا بقسم طب المناطق الحارة والحميات بكلية طب طنطا..

أذكر ذلك اليوم جيدا.. إنه فى ديسمبر الماضى.. حينما تجمع زملائى من جميع القاعات كى يحضروا له..

 

أتذكر بأنه قد بدأ المحاضرة بصمت تام.. دون أى كلام  وسط الهمهمات إلى أن عم الصمت المكان.. والكل بدأ يترقب كلماته..

كان شخصية هادئة يخيم عليها الصمت قليلا.. كنت أرى خلف هذا الهدوء التعمق كله والتأمل.. وقليل من الحزن الغير مبرر..

هو كذلك بدا غامضا ..ولكن مع  بدء المحاضرة أخد يمرح مع طلابه ويلقى بعض من فكاهاته تلك التى اعتدناها فى رواياته..

لقد رأيت فيه بساطة وتواضعا..كما كان بشوشا وأكثر قربا إلى طلابه..هو كذلك لا يرد أحدا ..وقد كانت له إبتسامة مميزة لمن يعرف منهم ولمن لا يعرف..

وكان الطبيب لطيفا فى معاملته..ولكن المرض لم يكن كذلك ..مثله ممن ينطبق عليه قول الإمام الشافعي..قل للطبيب وقد تخطفته يد الردي..يا شافى الأمراض من أرداك..!

لقد إلتقيته مرتين ..وسأفخر دائما بأنى جلست يوما طالبة أمام تلك القامة العلمية والأدبية ..والتى يوقرها الجميع..

وفى كتاباته.. تكاد تحس أملا ممزوجا بألوان من السخرية.. وتلك السخرية كان يشوبها الفكاهة أحيانا..

ولكن.. الواقع يميل أيضا إلى السخرية التى لا تخلو من الأمل أبدا ...

وهنالك أيضا بعض الخيال الذى قد ينتقد ذلك الواقع.. ويكون الخيال أحيانا أقدر على وصف الواقع  أكثر من أى شىء آخر ..

أؤمن بأن لكل كاتب صورة من حياته لابد وأن تنطبع  فى كلماته.. إنها تتسلل دون دراية منه وتنعكس فى وقع كلماته على أوراقه.

ولابد أن أغلب تلك المشاعر صادقة .. ولربما تصادف  تلك الكلمات وقعا عند أحدهم قد مر بتلك الحالة التى قد مر بها الكاتب..فتتجاذبه الكلمات ..فتحس كأنما يخاطبك وحدك ..يصفك أنت.. يناجى شعورا داخلك .. فكأنما تقرأ نفسك على أوراقه..هكذا كان يفعل بقراءه..

ومن مقولاته..(سوف تعبر إلى الجانب الآخر وسوف ينساك الجميع..  ) ولكن..كيف يمكن لمثله أن ينسوا ولكل منهم أصابع ستشير إليهم دائما فى غيابهم ..ككلماتهم ...

ومن تلك الكلمات التى لن تنسى كصاحبها ..(ما أهون الموت حينما يكون خبرا فى مجلة أو سطرا فى حكم محكمة.. )

ولكننا الآن نقرأ خبر وفاته بكل صدمة وأسى.. ورحل بعد أن كان له أثرا فى كثير من الشباب..فنكست الروايات أعلامها.. وقد أعلنت الكتب حدادها..

ذلك يذكرك بقول أمل دنقل حينما قال.. كل الأحبة يرتحلون فترحل عن العين ألفة هذا الوطن شيئا فشيئا..

وحسبنا الآن وداعا فى عالم الكلام واللقاء ..ولكنه ليس بوداع فى عالم الأوراق..فعزاؤنا الوحيد تلك الكتب التى تتناثر هنا وهناك ..وستظل خير شاهد على صاحبها وذكرى خالدة كاسمه .. عطرة لن تموت أبدا  ..

 

جفف دموعك وقل وداعا أيها الغريب..كانت إقامتك قصيرة لكنها كانت رائعة.. وداعا العراب....

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة