د.داليا مجدى عبد الغنى تكتب : الأمان

الجمعة، 09 مارس 2018 12:00 م
د.داليا مجدى عبد الغنى تكتب : الأمان داليا مجدى عبد الغنى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كل البشر تسعى لتحقيق الأمان، ودائمًا ما يختلف مفهوم الأمان من إنسان لإنسان، ولكنه فى النهاية هدف كل البشر، يسعون إليه، ويحاربون من أجله، ويدفعون فى سبيله الغث والثمين، لاسيما لو دفعوا أعصابهم ثمنًا للشعور بلحظة أمان، فهل نختلف على أن هناك الكثير من الأشخاص الذين يَحيون دائمًا فوق فوهة بركان، أو على جمرة من نار؛ خوفًا من كل شيء فى الحياة، فهم يخشون الموت والمرض والفقر والضياع والغدر... إلخ، فلديهم رغبة قاتلة فى الوصول إلى الأمان التام الذى لا تشوبه شائبة، ولا خلاف على نُبل الهدف، ولكن السؤال، هل هناك أمان تام فى الحياة، فلو تفكرنا بعمق سنكتشف أن الحياة عبارة عن مغامرة كبرى، ورحلة غير محددة الأهداف، فكم من مرة خرج إنسان من منزله مُحددًا هدفه وطريقه، ولكنه غيره فى آخر لحظه، وكم من حلم سعى الإنسان إلى تحقيقه، ولكنه فى النهاية وصل إلى تحقيق حلم آخر لم يكن يتخيل أن يعيشه ولو للحظة واحدة، وكم من أشخاص كرهنا مجرد فكرة التعامل معهم، ثم أصبحوا شركاء الحياة والعمر والعكس، فهكذا الحياة لها حساباتها الخاصة، فهل يمكن أن نصل معها للشعور بالأمان الكامل التام؟ وبالقطع فسيكون البديل أن نعيش فى قلق وتوتر مستمر خشية تحقيق أى ألم تخشاه، ولو تعايشنا هكذا، سنصل إما إلى المرض المزمن أو الجنون، وبالقطع رغم قدسية الحياة، إلا أنها لا تستحق أن يفقد الإنسان من أجلها كل وأهم شيء فيها، لاسيما وأنها ستنتهى لا محالة، لذا فالحل الوحيد لكى نحقق التوازن بين تحقيق الأمان ومجاراة متغيرات الحياة، هو القناعة التامة بأن الأمان التام كامن فى الإيمان التام، نعم، فلو أننا آمنا أن كل شيء بيد الله، وأن الحياة ذاتها بمن وما عليها ملكًا له وحده، وأن مقدراتنا ليست فى أيدى بعضنا البعض، وإنما فى يديه، وأننا مجرد أدوات مُسَخَّرة لتنفيذ أوامر القدر، وأن الابتلاء ينزل ومعه اللطف، وأن المولى – عز وجل – أرحم وأحنّ علينا من أنفسنا، وأن خوفنا وهلعنا من المستقبل وغدره، ومن الحياة ومتغيراتها لن يصلوا بنا إلا إلى المتاهة، التى لا أمل فى الوصول منها، فهنا فقط ستهدأ أعصابنا، وستتحول حياتنا إلى رحلة تحوى فى طريقها كل أشكال المشاعر، وسوف نُؤمن أننا خُلقنا لنتذوق كل أنواع الأحاسيس ببرودتها ودفئها، بآلامها وأفراحها، بعذابها وسكينتها، فمن يظن أن حياته ستسير على وتيرة واحدة، وأنها لن تتغير أو تتبدل أو تختلف، فهو بلا شك مخطئ، فالأمان ذاته متغير، فقد يُحقق الإنسان الأمان المادى ويعجز عن تحقيق الأمان الصحى، وقد يحقق الأمان الاجتماعى، ويفشل فى تحقيق الأمان النفسى.

باختصار، الكُوب مستحيل أن يكتمل إلى نهايته، وهذه هى حكمة المولى – عز وجل - حتى تظل أيدينا مرفوعة إلى السماء، وتهتز أرواحنا من رحمة المولى – سبحانه وتعالى – بنا عن احتياجنا إليه . وأخيرًا لا يسعنى أن أقول سوى، إذا كنا نبحث عن الأمان، فلن نجده إلا فى الإيمان .










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة