بعد قيام أمجد من نومه فى الصباح كالعادة وتناوله إفطاره البسيط وبعد أن أكمل حلاقة ذقنه وارتدى ملابسه، حمل مفاتيحه وارتدى ساعته ولم ينس بالطبع المحفظة والهاتف الذكى الذى لا يفارقه، فقد تعود أن ينظر إليه وهو ينزل درجات السلم يتابع آخر الأخبار والتعليقات على الفيس بوك الذى أدمنه فصار جزءا من حياته اليومية، وعندما نظر إلى الهاتف وجد شيئا غريبا جدا، وجد أن الشاشة مقلوبة ظن فى بداية الأمر أن الهاتف به بعض الفيروسات أو يحتاج فقط إلى ضبط الشاشة لتعود الى طبيعتها، ولم ينتبه له كثيرا، وقرر الانتظار حتى الوصول للعمل ووقتها سيكون أكثر هدوءا للتعامل مع هذه الشاشة المقلوبة.
وعندما وصل أمجد لعمله ودخل بعد أن سلم على الجميع سريعا وجلس وأمامه الهاتف، ونظر إليه مبتسما بعض الشىء واختفت تلك الابتسامة وتحولت تجاعيد وجهه إلى تجاعيد ملاكم يتصبب عرقا، فالهاتف لا يستجيب الى أى ضبط، وعند محاولة ضبطه تظهر هذه الرسالة (يعمل الهاتف بالوضع المقلوب ولا يمكن ضبطه الآن)، نصحه بعض الأصدقاء بزيارة مركز الصيانة المجاور للعمل فصاحبه ماهر جدا فى صيانة هذه الأنواع الحديثة، ترك عمله ومكتبه مفتوح وانطلق اليه وفعلا حاول الرجل إصلاحه، وقام بتوصيله بالكمبيوتر، ولكن كان رده الذى أصابه بالإحباط أن الهاتف جيد جدا وحالته لا تحتاج أاى إصلاح، فيبدوا أنه عيب تصنيع ونصحه بالاتصال بالشركة لتغييره فما زال داخل فترة الضمان كما هو معروف للجميع، أثناء عودته من عمله ذهب الى مقر توزيع الشركة، وطلبت الشركة منه مهلة للرد عليه قد تمتد لثلاثة شهور، وأعادت إليه الجهاز، أصيب بالإحباط فهو لا يمتلك المال اللازم لشراء هاتف جديد، فهذا الهاتف أخذ كل ما كان يدخره منذ عام تقريبا وقرر التعامل مع الجهاز بهذا العيب الخطير وذلك الى أن تتصل به الشركة خلال ثلاث شهور.
أثناء هذه الثلاثة شهور تغيرت نظرته كثيرا للجهاز وأصبح متعودا على استعماله وشاشته مقلوبة لدرجة أن أصدقاءه بدأ كل واحد منهم يعرض عليه أن يستبدل معه الجهاز المقلوب بآخر حديث وسليم وجديد، ولكن أمجد كان يرفض وبعد مرور الأيام وجد أن هذا الجهاز مناسب تماما له وإلى الوقت الذى يعيش فيه، فالأمور كلها مقلوبة ولم يعد أى شىء كما هو، نعم انقلبت أحوال البلاد والعباد فالصادق يكذبه الناس والكاذب يصدقه الناس والمجتهد فى العمل يُحَمِّلُونه كل الأعباء، والمنافق المهمل فى عمله يحصل على حقوقه وبعد كل هذا أليس هذا الهاتف مناسبا للوضع الحالى، وفى هذه الأثناء اتصلت به الشركة التى تنتج الهاتف تهنئة بوصول جهاز جديد سليم وعليه أن يسلم هاتفه المقلوب لفرع التوزيع من اجل استلام الهاتف الجديد، وكان رده بالرفض قائلا: لن أحمل جهازا سليما حتى تصبح الأمور سليمة هى أيضا، فالجهاز مناسب تماما لما أراه من الأوضاع الحالية وأغلق المكالمة فى وجه موظف الشركة المصنعة للهاتف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة