وقف الطفل بجوار أمه أمام مكتب البريد , لقصر قامته الشديد كطفل دون الثامنة , شبّ على أطراف أصابعه ليرى الدنيا من أعلى مستطلعا موظف يختفي خلف ساتر من زجاج , بعصبية مستترة صاح الموظف : ماذا تريد ؟
- أن أرى ما تفعل .
بضجر ووعيد خفي , نظر الرجل للمرأة , فنهرت صغيرها , جذبته من يده ليتوارى خلفها .
طال الوقت , اشتد الزحام , لم يعتد الصبي الهدوء بمكانه كثيرا , فعاد سيرته الأولى يقفز ممسكا بحافة الساتر الزجاحي , تأرجح بلهو , اختلّ توازنه , ثانية واحدة , سقط بالحاجز الزجاجي , تناثرت أوراق وطاشت أقلام .
صرخت المرأة ملتاعة على صغيرها , اضطرب الطابور الطويل , محاولات لافاقة الصبي , صحا من غفوته وصفرة تغطي وجهه , نظرة رعب تستقر بأعماق عينيه , تبخّرت حينما رأى نظرة حنان تنساب من وجه أمه ,
فأمسك بيديها وتشبث بملابسها . بينما الموظف وبعض مساعديه يرفعون آثار الكارثة , تعليمات بانتظام الطابور من جديد وتهديد بوعيد أن الوقت قد أزف للانصراف .. دقيقة وكان كل شيء كالسابق , ضجر ثم ملل تسرّبا لنفس الصغير فتشبث بحافة الساتر الزجاجي ثم تأرجح لهوا ..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة