تقول اتفاقية حقوق الطفل ( المادة 32-1) : " تعترف الدول الأطراف بحقّ الطفل فى حمايته من الاستغلال الاقتصادى ومن أداء أى عمل يرجّح أن يكون مضراً أو أن يمثّل إعاقة ليتعلّم الطفل أو أن يكون ضاراً بصحة الطفل أو بنموه البدنى أو العقلى أو الروحى أو المعنوى أو الاجتماعي" يُمكننا تعريف عمالة الأطفال على أنّها الأعمال التى تضع أعباءً ثقيلة على الأطفال وتُهدّد صحتهم وسلامتهم ورفاهيتهم أى الأعمال التى يُستغل بها ضعف الأطفال وعدم مقدرتهم على الدفاع عن حقوقهم والأعمال التى تعيق تعليم الأطفال وتُدمّر مستقبلهم.
طبقا لإحصائيات دولية فإن الكوارث والحروب تضيف 100 مليون طفل سنويا إلى عداد عمالة القاصرين وارتفاع عدد الأطفال الذين اضطروا الى العمل فى وظائف تشكل خطرا على نموهم البدنى والذهنى وتحرمهم من الدراسة وهى العوامل التى تعزز بدورها دورات الفقر بين الأجيال وتكرسها وتقوض الاقتصادات الوطنية وتعرقل التقدم باتجاه تحقيق الأهداف الإنمائية إنها ليست سبباً لذلك فقط ولكنها أيضاً نتيجة لعدم المساواة الاجتماعية التى يعززها التمييز فالأطفال من الطبقات الدنيا هم أكثر عرضة للتسرب من التعليم للعمل وللعمالة الخفية وغير المشروعة ما يستدعى وجوبا أن يقوم صناع القرار ووكالات الإغاثة الدولية ب بذل جهود أكبر للحيلولة دون تفشى هذه الظاهرة على نحو يستحيل معه احتواؤها.
هناك ملايين الأطفال يعملون لمساعدة أسرهم بطرق لا تنطوى على ضرر أو استغلال ومع ذلك تشير تقديرات اليونيسف إلى أن هناك حوالى 150 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 أعوام و14 عاماً فى البلدان النامية وحوالى 16 فى المائة من جميع الأطفال فى هذه الفئة العمرية ينخرطون فى عمالة الأطفال وتقدر منظمة العمل الدولية أن هناك نحو 215 مليون طفل دون سن 18 عاماً يعملون ويعمل كثير منهم فى جميع أنحاء العالم وفى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يعمل واحد من كل 4 أطفال تتراوح أعمارهم بين 5 أعوام 17 عاماً مقارنة بواحد من كل 8 أطفال فى آسيا والمحيط الهادى وواحد من كل 10 أطفال فى أمريكا اللاتينية .
وعمالة الأطفال هى أحد أخطر الظواهر التى تهدد المجتمع المصرى فقد بلغ حجم عمالة الأطفال فى مصر وفق تقديرات منظمة العمل الدولية نحو ما يقرب من 2.2 مليون طفل بنسبة تصل إلى 26%، ووفقا لإحصائية الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء الصادرة سنة 2013 حيث بينت أن حجم عمالة الأطفال يبلغ نحو 1.6 مليون طفل منهم 83% يعملون فى الريف مقابل 16% فى المدن وأن 46% من إجمالى هؤلاء الأطفال العاملين يتراوح بين 15 و 17 سنة وأن 78% منهم من الذكور و 21% من الإناث وأن عدد ساعات العمل التى يقضيها هؤلاء الأطفال فى العمل تتعدى أكثر من 9 ساعات يومياً فى المتوسط وأكثر من ستة أيام فى الأسبوع.. أى أن عدد ساعات العمل بالنسبة للطفل قد تتجاوز عدد ساعات عمل الكبار.
مصر صدقت على اتفاقيتين دولتين لمحاربة عمالة الأطفال وقامت بوضع الاستراتيجية الوطنية الخاصة بها فى هذا الشأن، مبينا أن الحكومة المصرية تأخذ بزمام الأمر ومنظمة العمل الدولية تساندها فى ذلك وتايلا أعلنت منظمة العمل الدولية إن مؤشرات تدعو إلى التفاؤل بشأن الحد من عمالة الأطفال فى مصر - والذى بلغ فى عام 2016 نحو5 .1 مليون طفل .
مشكلة أخرى أكثر حدة المرتبطة الواجب مواجهتها وتحديدها والاعتراف بها هى حقيقة أن مشكلة الأطفال العاملين فى مكان العمل ممن يتعرضون إلى إساءة المعاملة والعنف اللفظى أو الجسمى والجنسى وغيرها من صور العنف ، تعد مشكلة غير مرئية بسهولة ويصعب حصرها وضبطها وأنها غالباً ما تنطبق على الأطفال العاملين فى المناطق الريفية والقروية أن مثل هذه النزاعات وأوضاع عدم الاستقرار أدت إلى دخول أعداد من الأطفال لسوق العمل سواء من يمتهنون مهن طبيعية مثل الزراعة والصناعة .
النائبة ايناس عبد الواحد سبق وتقدمت بطلب إحاطة للحكومة بشأن عمالة الاطفال مشيرة إلى أن الكثير من الأطفال العاملين أصابتهم أمراض وتشوهات جسمانية تتنوع ما بين أمراض العيون وتشوهات فى الجسم من جروح وحروق والأمراض الصدرية مبينة أن سبب انتشار هذه الأمراض هو غياب التفتيش الدورى على أصحاب الأعمال وغياب التأمين على الأطفال العاملين.
أننا ملزمين بمنع تلك الممارسات على مبدأ احترام سلامة وحق النشوء والتطور لكل طفل و وضع قانون يمنع عمل الأطفال وعلى الحكومة والسلطة التشريعية أن تتحمّل مسؤوليّاتها فى القضاء على هذه الظّاهرة فى مهدها وذلك من خلال تشريع القوانين التى تجرّم تشغيل الأطفال ومخالفة أماكن العمل التى تشغّل الأطفال وكذلك على الحكومة وضع سياسة تضمن الحياة الكريمة لجميع أفراد المجتمع بعيداً عن غائلة الفقر والبطالة التى تدفع لهذه الظّاهرة وكذلك على مؤسسات المجتمع مسؤوليّة توعية النّاس بخطورة تشغيل الأطفال فى سنٍ صغيره وما قد يسبّبه ذلك من مشاكل اجتماعيّة وأمراض نفسيّة.
********
"اقترف البشر أخطاء كثيرة ولكن أسوأ جريمة اقتُرفت على الإطلاق هى التخلى عن الأطفال، وإهمال ينبوع الحياة. ويمكن إرجاء الكثير من الأمور إلى وقت آخر. الكثير نعم، ولكن باستثناء الرعاية بالأطفال. فمرحلة الطفولة هى المرحلة التى تنمو فيها كل خلية من خلايا جسم الطفل وكل حاسة من حواسه . وبالتالى علينا أن نتصرف " اليوم " وألا نترك الأمور إلى " الغد"".
- غابرييلا ميسترال
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة