سيف الإسلام فؤاد يكتب: المصرى فصيلة دمه الرحمة

الخميس، 22 فبراير 2018 02:00 م
سيف الإسلام فؤاد يكتب: المصرى فصيلة دمه الرحمة صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

من نعم الله على هذا الشعب الرحيم تلكَ الرحمة التى نزلت واستوطنت فيه حتى فى أشد أيامنا بؤس وأجملها عُرس نرى التراحم والتلاحم والشعور بالأخر أيا كان دينه أو فكره أو مبدأه أو عقيدته وبعيداً عن النظر فى نصف الكوب، وتلك الحكم التى تؤخذ بالمقلوب أننا فى الحقيقة شعب أحبه الله وأنزل السكينة والرحمة عليه حتى نرى إذا تشاجر أحدهما مع الآخر يصرُخ أحدهم ويقول صلى على النبى.. صلى على النبي، وكأنها الشمس الذى خرجت على جبل من الجليد فأذابتهُ كُلهُ ولم يبقَ إلا هذا الماء الصافى الذى لم يتعكر صفوه ويبقى لذةً للشاربين.

 

تلك المعانى والمشاعر التى نراها كُل يوم تُبشرنا أن القادم سَيكون بخير وأن تلكَ الأرض سَتظل فى سَكينة ونعمة ورغد وإن نهبها الناهبون وإن سَرقها السَارقون وإن تعدى عليها أبناؤها وخذلها المُنافقون سَتبقى قوية لأن فيها رجال يتمنون ويرجون من الله ما لا يرجون هؤلاء، ولأنهم قله وموجودون فى كُل بقعة من بقاع الأرض لكن الخير أكثر ولأن الأخيار فى هذا الشعب يأخذون على أيدى الأشرار ونرى ذلكَ رؤيا العين ومن لم يرَ فقط يرفع الحجاب عن عين قلبه ليرى أنوار الله تتجلى فى قُربه من هؤلاء الناس ولترميه بعد ذلكَ المُراقبه للمُشاهدة والمُشاهدة للمُكاشفة والمُكاشفة للمُعاينة والمُعاينة للمُشاركة والمُحادثة مع هؤلاء كيف كانوا وأصبحوا هكذا رُحماء يغفر لبعضهم البعض ما أساء، تلك النعمة التى أودت بنا وبشعبنا رغُم كُل المحن والابتلاءات إلى البقاء .

وعلى أصحاب الأقلام والكُتاب والمُفكرين وصُناع الرأى والعُلماء أن يبثوا روح الطمأنينة كما كان يبثها نبى الله يوسف وقال لأخيه "لا تبتِئس" ونبى الله شُعيب لموسى "لا تخفْ" وخاتم الأنبياء سيدنا محمد "ص" لأبى بكر "لا تحزن" نشر تلك الروح فى ساعة القلق منهج رائع ولذلكَ كانت نتائجه فلاح وحب وإرتياح وشوق الى المُستقبل وسعى بهمة مُوقدة ونجاح .

 

وسَتختفى بإذن الله تلكَ المشاهد والتعاتُب بين الإخوة، وكُل منهُم يطلب من صاحبه أن يكون معصوماً، أليسَ التغافر والتراحُم أولى وأبرد للقلب؟ أليس جمال الحياة أن تقول لغيركَ كُلما صافحتهُ رب إغفر لى ولأخى هذا؟ ثم يَسود الهدوء فى نفسكَ أنكَ غفرتُ لهُ تقصيره تجاهكَ ونسعى جاهدين أن لا نخدش وجه المحبة والرحمة التى أنعم الله علينا بها .

 

أحياناً أتخيل لو أن كُل إنسان علم عيباً فى غيره ونشره وأشاعهُ بين الناس، ما بقى إنسان سليماً على وجه الأرض، وإذا كانت العينُ بالعين فتلك القاعدة سَتورث العالم كُله العمى، فقط الرحمة هى التى تركتنا نتغافر ونعيش رغُمَ ما بنا وما حل فينا والإنسان يكون وفياً لنسبة السماوى إذا كان رحيماً وحكيماً وقت غضبه ويوم يُكرس قلبه وإرادتهُ أن يسعى ليكون خير مثال للنجدة وخير مثال للتغافر والتلاحُم .

ولقد أًصبحتُ مُقتنعاً كُل الاقتناع أن السيف والقوة لم تكُن الوسيلة التى من خلالها اكتسب الإسلام مكانته اليوم أو أى دين آخر بل كان ذلكَ من خلال بساطة ورحمة ورقة الرسول والنبى الذى حمل مشعل الهداية ودخل قلب كُل رجل بالكلام اللين الذى يغلب أحياناً الحق البين أو كما يقولون من لانت كلمته وجبت محبته وكسب القلوب أهم من كسب المواقف وتلك الصفات ولله الحمد يشهد بها من زار مصر وتعامل مع شعبها يقولون "المصرين يدخلون إلى القلب مباشرة دون استئذان" مما يتمتعون فيه من رقة ورحمة وحنان وعطف للغير.

 

ويجب أن لا نفقد العُنصر الذى يُميزنا والأمل فى الإنسانية وما نتحلى به من صفات ورثناها منذُ نعومة أظفارنا صغاراً وكبار، والإنسانية مُحيط وتلك المشاعر ما كانت فيه إلا بضع قطرات من المُحيط فإن وضعت قطرة سيئة فى المُحيط سَيغلبها الماء الصافى العنيد على أن تلوثه تلك القطرة التى حلت به لتشوه مائه وصفائه ومشهده الذى يُثير البعيد قبل القريب ويكونوا بذلكَ علينا شُهداء ونحن نموت فداء هذا شهيداً تلو شهيد .

 

حتى فى الحروب كانت تعم الرحمة فى تلكَ الأمة وشعوبها، لذلكَ من العظمة والتسامح والرحمة أن النبى عندما خرج صلى الله عليه وسلم فاتحاً وهو يتمنى ألا يحدث صدام مُسلح فى مكة والذى كان يدُل على صدق أمنيته هذه أنه اتخذ كافة التدابير لذلكَ، وعندما وقعت مواجهة من سيدنا خالد بن الوليد لبعض فرق مكة قال رسول الله صلى الله علية وسلم "اللهُمَ إنى أبرأ إليكَ من فعل خالد".

 

وبالعد والحصر تاريخياً أن عدد المقتولين من الفريقين فى جميع المعارك والسرايا والبعوث فى العهد النبوى كانت 1018 نفساً منهُم 259 من المُسلمين و759 من الكُفار وجميعهم عسكريون كما ذكر الكثير من المؤرخين  أما إذا جئنا فقط للحرب العالمية الثانية وحدها فى المُدة 1939 – 1945 فلم يقل عن 50 مليوناً من البشر أغلبهُم من المدنيين والنساء والأطفال والشيوخ وكانت الخاتمة لهذه الحرب بالقنبلتين الذريتين التى ألقتهُما أمريكا على هُيروشيما وناجازاكى شىء مُرعب عندما يحل الدمار محل الرحمة والإعمار.. شىء مرعب أن تكون النفوس بتلك الخراب ولم تكون حُب وإنجاب كُل ما يجعل الأرض تخضر والسماء تكون صافيه بلونها ولم يُعكر لها صفو.

 

وكُل أمنياتى أن نظل كمصريين أو كـعرب رُحماء فيما بيننا وأشداء على أعدائنا وأن تكون مظاهر الرحمة فى داخنا وخارجنا حتى لا يأتينا العذاب.. أن يرى الجميع الرحمة فى ما بيننا حتى إذا طلبناها من الغير جاءتنا ونحن كُفء لها أن يتسع صدرنا لغيرنا وأن نبقى على هذا العهد والوعد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها بعزم من حديد.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة