لا تحزن، عندما يقول لك أحد أنك شخص خيالى، ولا تظن أنه يتهمك باللاواقعية، حتى لو كان أسلوبه ينم عن ذلك، أو حتى لو أفصح عن ذلك صراحة، فالواقع أن الخيال نعمة، لا يُلْهَم بها إلا من يستحقونها، فالخيال هو واقع يخص صاحبه فقط، يهرب به من واقع مرير، ويخرج به من حقيقة مُؤلمة، ليدخل فى عالم خاص به، لا يعرف كلمة الحدود أو المنطق، ويأبى أن ينصاع فيه للتعليمات، ففى هذا العالم يحلم بكل ما يريد بلا حدود، ويُحقق أحلامه بلا قيود، ويتعايش مع صور يرسمها بداخل عقله، ويراه هو فقط بعينيه، لدرجة أنه يشعر وكأن هذا العالم خرج من إطار عقله وتجسد بالفعل على أرض الواقع.
ولو فكرنا بعمق، سنجد أن كل من سمح لخياله أن يسبح ويحلم، وترك له العنان هو فقط من حاول أن يُحقق أحلامه على أرض الواقع؛ والسبب ببساطة شديدة، أن من يتسع عقله للخيال والأحلام، يشعر بلذة خاصة، ويقرر أن يستمتع بهذا الخيال على أرض الواقع، فيسعى بكل جد وإخلاص ليحول هذا الخيال إلى حقيقة، حتى ينعم به.
فالاختراعات والاكتشافات والأعمال الأدبية والفنية، كلها أشياء، أو بمعنى أدق حقائق كانت فى أساسها مجرد خيال، ولكن أصحابها من شدة ما وجدوه من سعادة فى خيالهم، قرروا أن يُحولوها إلى واقع ملموس، يشهد عليه العالم بأسره.
فلا تحزنوا، لو نُعتم بصفة "الخيالي"، فهذا أكبر دليل على أنكم واقعيون للغاية؛ لأن بداية الحقيقة تكون دائمًا بالخيال.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة