وقع الصبى بغرام تلك الجريدة وأصر على قراءتها وهو دون العاشرة , ربما بحثا عن تميّز واختلاف عن أقرانه أو سعيا وراء مصدر معرفة , أو تقليدا للكبار من حوله خاصة أولئك القابعين على ناصية الزمن بعد بلوغهم سن التقاعد .
شقّ عليه الأمر وتاه بين طيات وصفحات الجريدة , فى فترة كانت تزخر بأسماء رنّانة وقامات فكرية , إذ كانت المعارك الفكرية تنشب بمناسبة أو بدون فتشتد أوار الحرب الفكرية ويقع المسكين بين رحى الآراء المتباينة وتناقضات الهوى والميل , فغمُضت عليه المعانى واستغلقت عليه قضايا كثيرة , بحث عن معين فلم يجد سوى صدى الريح وأنواء قادمة من كل صوب كل يسعى لاستمالته .
وقتها تذكر حكيم يكبره بسنوات , كان يجد لديه دائما تفسيرا لكل غامض , سأله عن حالة تيه تنشب مخالبها فى أعماق عقله , أفصح عن ميل وتصديق لكل رأى يقرأه , لم يعد يتبيّن الخيط الأبيض من الأسود من الفجر .
استمع إليه الحكيم كثيرا وعلت وجهه ابتسامة وقال قولته الخالدة : عش حياتك على حافة الشك , فليس كل ما يٌقال صدقا تاما , وليس كل ما تسمعه حقيقة مطلقة .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة