د.سمير محمد البهواشى يكتب: التدين الحقيقى بثمراته لا بشكله

السبت، 29 ديسمبر 2018 12:00 ص
د.سمير محمد البهواشى يكتب: التدين الحقيقى بثمراته لا بشكله شخص يساعد الآخرين لعبور الطريق ــ أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إن فوضى الطرق، وما ننكره من سلوكيات فى قيادة السيارات، ورغبة الجميع فى استباق غيرهم، وتخطى الرقاب فى المساجد، وما يحدث فى طوابير المصالح الحكومية من هرج ومرج وعدم نظام، وشيوع الفقر والجوع، ووجود الغش والجشع والاحتكار وغيرها من الأمراض الاجتماعية التى تعانى منها مجتمعاتنا نتيجة طبيعية لتفشى الأثرة والأنانية وحب الذات وعدم تفعيل خلق الإيثار الذى حثت عليه جميع الأديان، وعلى رأسها الإسلام، حيث قال تعالى فى كتابه الكريم : {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون } (9) سورة الحشر . 
 
فالإيثار ثمرة الجود الذى يجعلك تترك ما تحتاج إليه لغيرك، وأن تؤثر الخلق على نفسك بأن تقدمهم عليها فى مصالحهم فيما لا يحرم عليك دينا ولا يقطع عليك طريقاً ولا يفسد عليك وقتاً، والجود قد يكون بالنفس أو بالمال أو بالعلم أو بالراحة والرفاهية أو بالجاه أو ببسط الوجه أو بالعرض، كما كان يفعل أبو ضمضم أحد الصحابة رضوان الله عليهم، فقد كان يقول كل يوم إذا أصبح: "اللهم إنه لا مال عندى فأتصدق به على الناس، وقد تصدقت عليهم بعرضى فمن شتمنى أو قذفنى فهو فى حل"، فقال النبى (ص): "من يستطيع منكم أن يكون مثل أبى ضمضم؟"، والإيثار ضد الشح الذى يثمر البخل والأثرة عكسه ومعناها استئثار صاحب الشىء به عليك، وهى صفة غير محمودة فى الانسان عموما وفى المسلم على وجه الخصوص. 
 
وللأسف فإن حبنا الشديد لرسول الله صلى الله عليه وسلم والذى يتجلى كل يوم فى انتفاضتنا للرد على كل من يسيئ إليه أو يعطل سنة من سننه إنما ننقضه بسكوتنا على ما تفعله بعض الجماعات الدينية الآن من الاستقواء بمن أساءوا للرسول وبما نفعله من حرصنا على أداء مناسك وطقوس ديننا مبتعدين كليا عن السلوكيات العملية لثمرات هذه المناسك وتلك الطقوس وهذا التناقض أظهر مرضا آخر نعانى منه فى الدعوة الى الله وحب رسولنا ولا نبحث له عن علاج وهو الحب السلبى للدين المتجرد عن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم والاقتداء به فى السماحة والاعتدال والوسطية فلم يخير صلوات الله وسلامه عليه بين أمرين إلا اختار أيسرهما، والقرآن الكريم يقول فى سورة آل عمران : قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)، فكما كان رسولنا الكريم قرآنا يمشى على الأرض فلا أقل من أن نكون صورة عملية مصغرة منه صلى الله عليه وسلم تعيش وتمشى بين الناس بالعمل لا بالقول، فالدين والخلق بثمرته لا بالتشدق به.
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة