محمود بسيونى يكتب: لقب الدكتور

الأحد، 23 ديسمبر 2018 04:00 م
محمود بسيونى يكتب: لقب الدكتور صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ذات يوم ركب صاحبنا إحدى مشاريع وسائل النقل العامة متجهاً إلي جامعته في الإسكندرية، وكان هذا المشروع ممتلئ بأخلاط ممن ركبوا معه من الناس فأراد صاحبنا أن يتفاخر بأنه ملتحق بكلية الطب فأخرج هاتفه من جيبه وإذ به يجري مكالمة وهمية "ألو أيوة ي دكترة فينك عندنا سيكشن النهاردة .. إيه ده فين المشرحة !! أنا مجبتش البالطو هشرّح إزاى ؟ "

 

وتتداعي صاحبنا أنه يشرح لزميله جزءً من المنهج وقد أطلق لسانه يتحدث الإنجليزية بلكنة تكاد تنطق بأنها ليست بأجنبية علي الإطلاق، حتي يكاد طفل من إحدى مدارس اللغات يخبره أنه لا يجيد التفريق بين متي ينطق ال C  كأنها K أو كما هي C

ولكن كل من في السيارة حقاً منبهرون به إنه طالب في كلية طب وسوف يصبح طبيباً يوماً ما ياله من شاب نجيب، الكل حقاً يتملقه بنظرات الإعجاب والتقدير ها هو صاحبنا ينهي حديثه الوهمي مع زميله بعد أن أرضي غايته من نظرات الناس إليه .

إذ بجميع من في السيارة يرون بجانب الطريق جمعاً من الناس  قد التفوا حول سيارة يبدوا عليها حقاً آثار التحطم وها هو الزجاج الأمامي متبعثر علي الطريق والكل يتحاشي المرور عليه .

وأثناء تلك اللحظات البسيطة كل من في السيارة يشحون بنظرهم عن السيارة المحطمه ومن بها من ناس يحتضرون إلي ذلك الشاب النجيبK والكل يصيح ها نحن معنا طبيب وتتعالي الأصوات من الخارج " دكتور الحقنا يا دكتور الناس بتموت" وصاحبنا يسمع تلك الكلمات وإذ به يرتعد ويبدأ العرق يتصبب منه .

أخبروني كيف ينقذهم ومازال طالباً بالفرقة الأولي وكل ما يعرفه عن الطب معلومات عن الخلايا والأعضاء وبعض الأعصاب والشرايين الذي مازال يجمع بينهم بالخطأ ، الوضع يزداد سوءا وسيارة الإسعاف لم تأتِ بعد ، الكل يناشده .

نزل الشاب من السيارة ولا يعرف ماذا يفعل !

فكر الشاب وتذكر بعض معلومات عن الإسعافات الاولية وها هو يتعرض لرجل قد أغرقته الدماء ومصاب بجرح عميق في رأسه ، ارتعد الشاب من ذاك المنظر وارتعشت يداه وازداد العرق يتصبب من وجهه…

ماذا يفعل حقاً تالله إن مثل هذا الموقف يحتاج إلي طبيب له باع من التجارب في هذا المجال وليس مجرد طالب، في تلك اللحظات القصيرة وذاك الشاب لا يدرى ماذا يفعل وبعد أن كانت جميع العيون مصوبة إليه ها هي تشيح بنظرها عنه ثانيةً في تقليل لا يبدونه إلي سيارة الإسعاف القادمة بسرعة إلي موقع الحادث …

تراجع ذاك الشاب وعيناه تحملق في دماء متناثر علي الأرض وبدت ملامح الخزى عليه ، ركب الجميع إلي السيارة ثانيةً وأكملت طريقها نحو مقصدها، الكل يتحدث عما رأي في الحادث وذاك المنظر المفجع ، وصاحبنا جالس في صمت رهيب يفكر فيما حدث.

ها قد اقتربنا من ذاك الصرح العظيم كلية الطب ويقطع صمت الشاب فتاة من الخلف "كلية الهندسة معاك لو سمحت" ها هو الشاب يتأهب للنزول، يفتح الباب رجل عجوز ممن قد امتلأ قلبهم وقاراً لذاك الشاب " أتفضل ي دكتور " .

نظر إليه الشاب بابتسامة خفيفة وهو يقول لنفسه "أنا مش دكتور أنا مش هكون دكتور او استحق هذا اللقب إلا بعد أول حالة يتم شفاؤها علي يدى ".










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة