محمد صادق يكتب: هل تنقرض لغتنا العربية؟

السبت، 22 ديسمبر 2018 08:00 م
محمد صادق يكتب: هل تنقرض لغتنا العربية؟ فصل دراسى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تتعدد مظاهر إهمال اللغة العربية على المستويات الرسمية وغير الرسمية؛ ما خلَّف عواقب جسيمة ليس على المستوى الثقافى فحسب٬ بل على المستوى الاقتصادى أيضًا٬ ولن أكون مبالغًا إذا قلت أن العربية مهددة حال استمرار هذا الإهمال٬ بالتلاشي٬ ذلك الخطر الذى لا ينتبه إليه حتى الكثير من المثقفين٬ بحجة أن العربية لغة دينية ومحفوظة بالقرآن الكريم، الاعتقاد الذى يتضح خطأه إذا نظرنا للغات دينية أخرى كاللاتينية، كما أن هناك أُممًا تدين بالإسلام، وتحفظ كتاب الله، لكنها لا تُجيد كلمةً عربيةً واحدة، ما يعنى أن القرآن لن يزول، بخلاف العربية التى قد تتحول فى يومٍ من الأيام إلى لغة متحفية٬ نراها فى الكتب ونعلم بوجودها لكن لا نستخدمها٬ ويقودنا الحديث السابق إلى التطرق لعوامل ضعف وتدهور اللغة العربية٬ والتى يمكن أن نبرز أهمها فى الاحتلال العسكرى الغربى للأمة العربية٬ الذى استمر عشرات السنوات، وسيادة اللغات الكبرى أو الرئيسة بفعل العولمة٬ وإذ تستخدم مخالبها خاصةً الإعلام فى التوغل والانتشار٬ وانتشار الأمية فى العالم العربي، والأوضاع الاقتصادية الصعبة والحروب والصراعات الداخلية٬ جعلت الاهتمام بالجانب الثقافى -رغم أهميته الفائقة- مجرد ترف وأمر هامشي٬ فتراجع الاهتمام باللغة والثقافة عامةً إلى مراتب متأخرة٬ أن لم تكن أخيرة.
ومن أهم السبل لإعادة العربية إلى مجدها وعرشها والمكانة التى تستحق أن تنالها٬ التدريس الأكاديمى بالّلغة العربيّة: فِى جميعِ الجامعات يتمّ تعليمُ العلوم بلغاتِها القوميّة، إلّا فى الجامعات العربيّة فإنّ هذا الأمر أصبحَ غير مَوجُود وبدأ يتلاشى مع الوقت، التأطير المنهجى وغرس اللغة وتعليمها للأبناء بأسس تربوية حقيقية ليسهل للطالب فهمها، وربطها بالواقع حتى يستطيع التفاعل معها، و توظيف التكنلوجيا: نظرًا لأنها تغلغلت فى المناحى الحياتية كافة بصورٍ شتى، فيمكننا استغلال وسائل الاتصال الحديثة لغرس مفاهيم اللغة العربية٬ بابتكار البرمجيات المساعدة٬ والمسابقات والألعاب التحفيزية التى تنمى لديهم حب اللغة العربية، وتوظيف وسائل التواصل الاجتماعى لخدمة هذا الغرض٬ والإسهام بشكل فعَّال فى إثراء المحتوى العرب على الشبكة العنكبوتية٬ الذى لا زال يمثل نسبةً ضئيلةً للغاية مقارنةً بعدد سكان العالم العربى وانتشارهم على مساحةٍ أكبر من مساحة قارة أوروبا.
وأيضًا من العقبات الكبيرة التى تقف حائلًا أمام إتقان العربية عمومًا: التعوّد؛ فالإنسان عدّو ما يجهل، وقد آل بنا الحال أن أصبحت الفصحى غريبة عنَّا٬ بل ووصل بنا الأمر إلى أن أصبحنا نرفضها ونتهكم فيمن يتحدثون بها٬ وهنا يأتى دور الإعلام والمثقفين فى إزالة هذه الغرابة٬ وهناك جهود محمودة بذلت فى هذا المجال منها القنوات الموجهة للأطفال بالفصحى.
إن الحديث عن الاهتمام باللغة العربية ليس ترفًا فكريًّا٬ بل إنه النواة الأولى للانطلاق نحو الريادة وإعادة اكتشاف الهُوية وبناء الأمة العربية وتوحيدها٬ وستكون اللغة هى الأداة الأنجع والأسرع للوصول لهذه الغاية.
 
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة