بعضُ الأشخاص لا يعرفون كيف يخفض المرء صوته حتى يتسنى للبعض الآخر الراحة دون إزعاج، أن يمر أحدهم تحت منزلك وهو يتحدث فى الهاتف الجوال بصوت قد تسمعه الكرة الأرضية بأكملها حتى يخترق حدود الفضاء هذه اللعنة بعينها.
أذكر أننى فى محاولة بائسة لكتابة قصة قصيرة كانت الحكاية تُداعب خيالى وأصبح لا مفر من أننى أسرد القصة، وكنتُ على استعداد تام بالفعل للكاتبة إلى أن مرَّ تحت منزلى شخصٌ يتكلم بصوت جهورى حتى كادت أحباله الصوتية تنفجر وكلما ظننت أنه لم يعد يتكلم وانتهت المكالمة عاد مرة أخرى بصوته الأكثر بشاعة وخشونة، أما أنا فقد ذهبت القصة وانقطع حبل الأفكار إلى ما لا نهاية مع كل فقرة أحاول جاهدة أن أتذكر ماذا على أن أكتب ثم تداخلت الأسماء والشخوص، من الممكن أن أكتب الأسماء التى ذكرها هذا الشخص بالمكالمة فى موجة السرحان بدلاً من الأسماء التى كنتُ سأذكرها، لا أعرف لماذا يصر البعض على انتهاك حقوق أذنيك دون رحمة ألا يعرفون قول الله تعالى بسورة لقمان:
"وَاقْصِدْ فِى مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ" صدق الله العظيم
من الممكن أن يكون بين جيرانك مريض لا يتحمل سماع صوت الإبرة وهى تسقط على الأرض فكيف يتحمل صوتك؟
هناك أشخاص أكثر طرافة فى ذلك الموضوع عندما تجلس بالمقعد فى إحدى وسائل المواصلات العامة وتُرزق براكب طوال رحلتك يتحدث بالهاتف أيضا ويحكى قصص حياته ثم يضحك بصوت مرتفع للغاية، الحقيقة أن رحلتك لو كانت طويلة فهذا الشقاء بعينه، لأنك عندما تصل لمقصدك سوف تذهب إلى أقرب صيدلية لتبتاع أقراصاً من الأسبرين أو مسكن آلام لأن الصداع سيلتهم رأسك حينها، أما إذا كانت الرحلة قصيرة فتحمد الله بالتأكيد، لا أعرف أيضا لماذا يُريدون هؤلاء عرض أخبارهم اليومية على جميع ركاب العربة.