"فقه جديد".. رحلة بحث عن فقه معاصر يضاهى مذاهب الـ"الأئمة الأربعة".. هل توقف المسلمون عند آراء "الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة؟.. وهل المؤسسات الدينية تقوم بدور "العلماء المجددين"

الخميس، 20 ديسمبر 2018 05:00 م
"فقه جديد".. رحلة بحث عن فقه معاصر يضاهى مذاهب الـ"الأئمة الأربعة".. هل توقف المسلمون عند آراء "الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة؟.. وهل المؤسسات الدينية تقوم بدور "العلماء المجددين" رحلة بحث عن فقه معاصر يضاهى مذاهب الـ"الأئمة الأربعة"
كامل كامل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

= "فقه جديد".. وإلا فالجمود والتخلف سيكون سيد الموقف

= دعوات لمراجعة قواعد أصول الفقه لتناسب عصرنا الحالى

= هل لزاما علينا التمسك بقواعد من 1300 سنة؟

"اختلف الفقهاء الأربعة.. إذ يقول الحنفية فى هذا المسألة كذا وكذا، بينما يرى الشافعية قولا آخر فيما اتفقا المالكية والحنابلة على هذا الرأى".. أظن أنك سمعت وسوف تسمع هذه الجملة عندما تطرح سؤالا على داعية أو مفتي تريد منه توضيح رأى الدين فى مسألة تؤرقك وتشغل بالك، وتأتى الإجابات بزيادة الأرق والحيرة على عكس ما تتصور أن الإجابة ستنهى الجدل القائم والقاعد فى رأسك وتزيد اللبس بدلا من إزالته.

المقدمة سالفة الذكر تلخص لك أن الكثير من شيوخ الدين حاصروا المتلقين لآرائهم فى دائرة الأئمة الأربعة الذين لهم كل الاحترام والتبجيل دون أن يعرضوا آراء معاصرة لعلماء جدد، متوهمين أن الاجتهادات الفقهية الجديدة تخالف مقاصد الشريعة الإسلامية التى فى معظم أحكامها مرنة وتخضع لظروف المجتمع الذي تطبق فيه والقابلة لتعدد الآراء، ومقرة بالآخر، طالما لم يحيد عن تحقيق فلسفة التشريع الإسلامى العادل.

التمسك بالمذاهب الأربعة صلب وقوى لدرجة دفعت البعض إلى التساؤل عن فكرة التقرب لله سبحانه وتعالى بأحد المذهب الأربعة، وما هو حكم التمسك بمذهب واحد من المذاهب الأربعة، وكانت تأتى أغلب الإجابات والفتاوى للشيوخ بأنه لا مانع من الانتساب إلى مذهب من المذاهب الأربعة: الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، لكن من دون تعصب، ومن دون جمود على المرجوح إذا عرفت الراجح.

ونكرر مرة ثانية، لسنا بصدد التقليل من مذاهب الأئمة الأربعة، ولكنا نبحث عن مذهب فقهى جديد يضاهى المذاهب الأربعة يتناسب مع واقعنا، وخصوصا أن الأئمة الأربعة كانوا علماء الدين فى وقتهم وأجمع على إمامتهم كل المسلمين من أهل السنة بكافة توجهاتهم، وهؤلاء الأئمة كانوا متفقون على كل الأصول الفقهية، واختلفوا في بعض الفروع، والمسائل الفرعية التي اختلفوا فيها هي التي كوّنت نشأة المذاهب الفقهية الأربعة.

وقبل أن نسرد آراء أساتذة الفقه والمتخصصين فى هذا الشأن نلفت الأنظار إلى تاريخ ظهور الأئمة الأربعة بالترتيب هم حسبما جاء على ويكبيبيديا: الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت، (80هـ/699م - 150هـ/767م)، ومذهبه الحنفي، الإمام مالك بن أنس، (93هـ/715م - 179هـ/796م)، ومذهبه المالكي، والإمام محمد بن إدريس الشافعي، (150هـ/766م - 204هـ/820م)، ومذهبه الشافعي، والإمام أحمد بن حنبل، (164هـ/780م ـ 241هـ/855م)، ومذهبه الحنبلي، وكانت علاقتهم بعضهم البعض، حيث كان أبو حنيفة النعمان بن ثابت هو أول الأئمة الأربعة وهو التابعي الوحيد بينهم ولقي عدداً من صحابة رسول الله، والمرجح أنه لم يلتق بأي من الأئمة الثلاثة الذين تلوه، ولكن الإمام الشافعي التقى بالإمامين مالك بن أنس وأحمد بن حنبل، حيث كان الشافعي تلميذ الإمام مالك وكان شيخ الإمام أحمد بن حنبل.

 

باب الاجتهاد لم يغلق

الدكتور وجيه أحمد فكرى حبيب مدرس العقيدة وفلسفة بكلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف، ردا على سؤال لماذا لم يظهر فقه معاصر يضاهى آراء الأئمة الأربعة:" الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب الأصيلة ومذاهبهم الفقيهة قائمة على الأصول التى يستطيع بها المفتى المجتهد أن يصدر الفتوى، ولذلك تجد ما يسمى بمجتهد المذهب ومنذ أيام الإمام "أبو حنيفة" باب الاجتهاد لم يغلق ويوجد اجتهادات لجميع القضايا المعاصرة".

ويرى "وجيه"  أنه يوجد مذاهب بجانب المذاهب الأربعة مثل المذهب الظاهرى المعمول به ويتبعه الكثيرون، بالإضافة إلى علم الإمام الليثى بن سعد وسفيان الثورى له مذهب والإمام البخارى له مذهب، ويوجد مذاهب كثيرة.

وفى العصر الحديث عندما دعا الإمام محمد عبده الفقهاء إلى الحديث فى القضايا الحديثة دون ذكر حواشى الكتب والتكرارات الخاصة بالفقه القديم هناك من اعترض من بعض العلماء، ونحن فى مصر نأخذ من جميع المذاهب بما فيها مذاهب الشيعة كالأمامية والزيدية".

لماذا يتمسك علماء الأزهر بمذاهب الأئمة الأربعة.

وعلل "وجيه" تمسك الأزهر بمذاهب الائمة الأربعة قائلا:" أصحاب المذاهب لهم أصول وقواعد يرجع إليها، بخلاف المذهب السلفى الموجود حاليا الذى ليس له قواعد ثابتة".

 

المؤسسات الدينية بديلة للفقهاء

وعن إمكانية وجود فقه جديد يسمي بالأزهرى، قال:" فى الماضى كان الفقيه يتمتع بمعرفته عدد من العلوم التى تمكنه من أن يلين له العلم، لديه دارية بالبلاغة والحساب والعلوم الأخرى، حاليا نحن لدينا التخصصية والآن لدينا ما يسمى بالمجمع الفقهى وهيئة كبار العلماء وهى أعلى هيئة إسلامية فى العالم، يتواجد بداخل هذه الهيئات العالم بالحديث والعالم بالتفسير والعالم بالعقيدة ويوجد علماء فى كل التخصصات ولذلك عندما تطرح مسألة كل عالم من هؤلاء يبحث فيها من تخصصه ثم يخرجون جميعا برأي صحيح متفق عليه، وهذا أسلم من الرأى الفقهى الواحد، وبدلا من الاستناد إلى رأى فقيه يتم الاستناد إلى مؤسسات بداخلها علماء متخصصين من كل المجالات".

هل توقف نمو الفقه عند العلماء الأربعة؟

وردا على سؤال هل توقف نمو الفقه عند العلماء الأربعة؟ قال إن هذا الكلام غير صحيح، الفقه ممتد، ونحن لم نتوقف عند العلماء الأربعة ولكننا نستند لقواعد هؤلاء الأئمة، الفتوى هى واحد ثقة يقول رأيه وممكن الأخذ به وممكن عدم الأخذ به وكلامه ليس دينا" مضيفًا:" الفقه لم يتوقف ولكن الدعاية الإعلامية هى التى تثير الأزمات والدليل على ذلك أن أى شخص لديه مشكلة يذهب للإفتاء والأزهر الشريف".

 

القواعد الفقهية مرجعية لإصدار فتاوى لمسائل حديثة

الدكتور عطا السنباطى أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر يقول: الفقهاء قديما وضعوا القواعد المستنبطة من النصوص، والفقهاء حديثا يصدرون الفتاوى والأحكام لمسائل جديدة من خلال القواعد الموضوعة قديما" مضيفًا:"الزمن يتغير والحوادث تتجدد".

ويضيف: "دور الفقيه إذا كان مجتهد أن يكون ملم باللغة والمنطق وله منهجية فى استنباط أحكام، ولا يوجد مانع أن يكون هناك فقه مجدد، أهم شيء أن يكون منهجه قائم على أسس علمية وليست على الهوى، ولذلك نجد أن المجامع الفقهية تعتمد على خبراء فى العلوم المختلفة سواء اقتصاد أو طب مثل البورصة فى العصر الحالى، بالإضافة إلى البحوث المعنونة بمسائل معاصرة يجتهد أصحابها فى استنباط أحكام فى قضايا جديدة ولم تكن موجودة سابقا، وقد شُرفت فى كتابة بحث فى مجال "بنوك النطف والأجنة، وإيجار الأرحام وبيع البويضات والاستعانة بحيوان منوى من شخص أجنبى".

ويرى "السنباطى" أنه لا يوجد موانع من ظهور قواعد فقهية جديدة، معللا عدم ظهور قواعد والاستمرار على القواعد القديمة بقوله: "هناك عوامل كثيرة تأثر بها الباحثون فى بلادنا أهمها عدم الاهتمام بالبحث العلمى، فعلوم الفقه من العلوم الداخلة فى البحث".

وتوقع "السبناطى" ظهور أئمة جدد، مضيفًا: "وأنا متفائل وخاصة بين الألفية والأخرى يأتى من يحرك هذا الأمر ويفتح باب الاجتهاد".

 

فقه جديد وإلا فالجمود والتخلف سيكون سيد الموقف

إبراهيم ربيع القيادى السابق بجماعة الإخوان، يختلف مع الآراء السابقة، مشددا على أهمية وجود فقه جديد، قائلا :" فقه جديد وإلا فالجمود والتخلف سيكون سيد الموقف" مضيفًا:" الماضي المستمر، حيث إن فقهاء القرن العاشر الميلادي (الثاني الهجري) يحكمون حياة الناس في القرن الواحد والعشرين".

ويقول: "الأنبياء كان مهمتهم التشريع لواقعهم وعليه فإن المؤسسات التشريعية هي ورثة الأنبياء وليس العلماء كما هو رائج، وعلم أصول الفقه الذي هو علم أدوات استنباط الأحكام لم ينشأ إلا في القرن الثاني الهجري واختلف المؤرخون فيما بينهم على أول واضع لعلم أصول الفقه، فذهب الأكثرون إلى أن الإمام محمد بن إدريس الشافعي هو أول من وضع علم أصول الفقه، وألف فيه كتابه المسمى "الرسالة" وإرساء حجر الأساس لهذا العلم، وذهب آخرون إلى أن الحنفية هم أول من وضع قواعد هذا العلم، وأن الإمام أبا حنيفة ألف فيه كتاباً سماه "الرأي" ضمنه قواعد الاستدلال"، مضيفًا: القرآن هٌدىً للناس" مستشهدا بقول الله تعالى:"شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ".

ويضيف: "معلوم أن الهٌدى لا يتوقف عند زمن النبوة بل هو متجدد بتجدد الزمان وتطور الحياة ولا بد مع كل تطور في أوضاع الحياة وأدوات المعرفة أن يتم تطوير أدوات استنباط الأحكام من نصوص الرسالة الخاتمة حتى تتماشى مع ما يستجد من ظروف الحياة وإلا حكمنا على هذه الرسالة بالجمود والتخلف عن ركب الحياة وحشاها أن تكون بل الجمود والتخلف هو من سمات الذين يستمتعون بالكسل واللامبالاة والذكر يبين للناس ما نزل إليهم أي أن كل وقت يجب تبيين ما نٌزل للناس (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [سورة النحل/ الآية: 44].

ويرى:"ويعيب على الناس أنهم لم يسيروا في الأرض وينظروا ومعلوم أن النظر ينتج رؤية جديدة، مستشهدا بقول الله: "أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ" [سورة الحج/ الآية:46]" ..ويتكلم عن المضارع المستمر للنظر في آيات الله  {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْـحَقُّ أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [فصلت: 53]..ويتكلم عن الذين يعلمون بصيغة المضارع المستمر أيضا { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبَابِ (9) } [الزمر: 09 ]، وعليه فالقرآن رسالة الله الخاتمة إلى الأرض".

ويقول:" منذ بدء الخليقة ويرسل الله الرسل لتصحيح أوضاع الإنسان على حسب ما وصل إليه وعي الإنسانية ونضجها وإدراكها وعندما وصل وعي الإنسانية إلى مستوى تحمل مسؤولية الحياة وإعمار الأرض واكتشاف أسرار الكون دون تدخل مباشر من السماء جاءت الرسالة المحمدية كرسالة الخاتمة، وعليه يصبح القرآن رسالة السماء إلى الأرض حتى يوم الدين وترك الله لعبادة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم مهمة استخراج ما يناسب ظروفها وتطورها من هذا الكتاب الخالد.. وفي كل عصر ووقت يتعامل الفقهاء بمقتضى ما يسمى بعلم أصول الفقه مع النصوص القرآنية والنصوص النبوية الموافقة للقرآن والتي لا تتصادم مع احتياجات الإنسان حيثما كان يتعامل هؤلاء الفقهاء مع نصوص الوحي لإسقاطها على الواقع المتغير في متطلباته وأوضاعه والمتطور في ادوات المعرفة".

ودعا إلى مراجعة قواعد أصول الفقه، قائلا: "ونحن في القرن الواحد والعشرين حيث التطور المذهل في تدفق المعلومات والتكنولوجيا وتطور أدوات المعرفة، وصار لزاما على فقهائنا المعاصرين مراجعة علم أصول الفقه الذي هو أدوات الفقيه في استنباط الأحكام من النصوص الثابتة وإسقاطها على الواقع سريع التغير، ومما تقدم ليس من المعقول ونحن في هذا الزمان الذي من أبرز سماته سرعة التغيير وتدفق المعلومات والتجدد اليومي في أدوات المعرفة وأصبحت الدنيا مفتوحة سماءً وأرضًا وأصبحت احتياجات الإنسان "كل يوم هو في شأن"..نقول أصبح ليس من المعقول التقٌيد بأصول فقه وضعها أناس لواقع مضى عليه أكثر من 1300 سنة وهذا الواقع الذي تم وضع أصول هذا العلم فيه يختلف شكلا وموضوعا وبيئة وأنماط عن ما يعيشه الناس الآن".

ولخص "إبراهيم" أزمة الفقهاء قائلا:"أزمة فقهاء العصر الحالي أنهم يعتبرون أن الثقافة تتشكل مرة واحدة وتستمر إلى الأبد.. الثقافة تيار يتشكل عبر جيل أو جيلين، وفي الوقت نفسه هي تراكم عبر الأجيال..بمعنى أن هذا الفكر ما زال يعتقد أن الثقافة تكونت مرة واحدة وإلى الأبد، وكي أضع النقاط على الحروف أقول إن مشكلة الفكر السلفي الإسلامي الراهن تكمن في أنه ما زال أسير فهم التراثيين للنص، وبالتالي هو أسير المنظومة المعرفية التي بدأت تتشكل في القرنين الثاني والثالث الهجريين متبلورة في القرن الرابع الهجري، ومازلت تلك الثقافة بأدواتها المعرفية تحكم طريقة تعامل فقهائنا في تعاملهم مع نصوص الوحي".

المؤسسات التشريعية ورثة الأنبياء

ويرى "إبراهيم" أن المؤسسات التشريعية هم ورثة الأنبياء، قائلا:"الآن مع رسوخ المؤسسات التشريعية التي هي ورثة الأنبياء ورسوخ المجامع الفقهية لابد من تأسيس علم جديد لأصول استنباط الأحكام (علم أصول فقه جديد) حتى نحرر الدين من أسر الماضي ونحرر الإنسان من تنظيمات التأسلم الإرهابية".

 

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة