محمود حمدون يكتب: نارسيس

السبت، 15 ديسمبر 2018 04:00 م
محمود حمدون يكتب: نارسيس   شخص طموح

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ربما لم تكن أسطورة "نارسيس" من وحى الخيال، عندما رأيت "عبده" منذ أيام، لم أجد اختلافا كبيرا، التقيت بطلا جديدا للأسطورة القديمة عرفته مختالا بنفسه، واثق الخطوة، تجسدّت فيه معانى الذكاء، الطموح  الوحيد بين جيلنا الذى أتقن أكثر من لغة، مع سعة اطلاع كنّا نحسده عليها تُشعرنا بضآلتنا.

سعينا إلى الاقتراب منه، فى وقت كان هو أكثرنا حرصا على النأى بنفسه بعيدا، حافظ على مسافة لا تزيد و لا تنقص، حديث يتدفق من أعلى لأسفل، حديث العبقرى بين ثٌلّة من سُذّج لا حول لهم و لا قوة .وقر بنفوس بعضنا أن غبنا وقع عليهم، عدالة غابت عنهم، فاستسلموا لقدرهم يطحنون تحت أضراسهم خيبة الأمل و قلّة البخت .

رأيته اليوم بشارع "البوسطة" حافى القدمين، تنسدل لحيته، شعر رأسه بكثافة، رث الثياب، يهذى بعبارات مبهمة، عرفنى هو، فأقبل يسلّم بأطراف أصابعه و بقايا خُيلاء واضحة بعينيه .

سألنى: ما أخبارك؟ ما فعلت الحياة بك؟ أين أنت الآن؟

صمتّ كعادتى حينما أعجز عن الرد، فأطرقت برأسى، لذت بالعبارة التقليدية " الحمد لله، تمام " و أنت ؟!

تجاهل سؤالى، ربت على كتفى بيده اليسرى و الأخرى تعبث بجيب بنطلونه الذى لا يتجاوز قصبة ساقيه طولا، قال:  ساءنى أن بعض الزملاء لم يحالفهم التوفيق فى حياتهم، أرقبكم و أتتبع أخباركم، ثم نظر فى عينى عميقاً، مط شفتيه و لعابه ينحدر ببطء على ذقنه,: اجتهد يا عزيزي، فحقاً لكل مجتهد نصيب .







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة