الإرهاب فى القارة السمراء.. خريطة الانتشار وخطط المواجهة.. خبراء لـ"اليوم السابع": عجز المؤسسات الدينية عن تقديم خطاب واقعى وراء ظهور جماعات العنف.. ورئاسة مصر للاتحاد الأفريقى تفتح الباب للقضاء عليها

الجمعة، 14 ديسمبر 2018 01:30 م
الإرهاب فى القارة السمراء.. خريطة الانتشار وخطط المواجهة.. خبراء لـ"اليوم السابع": عجز المؤسسات الدينية عن تقديم خطاب واقعى وراء ظهور جماعات العنف.. ورئاسة مصر للاتحاد الأفريقى تفتح الباب للقضاء عليها الإرهاب فى القارة السمراء
كتبت: هناء أبو العز

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ـ باحثون وأساتذة فى الشئون الأفريقية: الفدية وعوائد المرافئ أبرز مصادر التمويل.. ولا بديل عن التنسيق الأمنى لتجفيف تلك المنابع

الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة، عبارات رنانة كانت محركاً للعديد من الكيانات والتنظيمات الإرهابية لارتكاب جرائمها ما بين تفجير وسفك للدماء، واغتصاب وخطف وغير ذلك فى عديد من البلدان ومن بينها دول القارة السمراء، التى كان بعضها أرضاً خصبة لظهور تلك الجماعات، خاصة فى أعقاب ما عرف إعلامياً بثورات الربيع العربى. ففى ظل ضعف مؤسسات بعض الدول، وضعف الإمكانيات الأمنية لديها بخلاف ما تعانيه القارة السمراء من مستويات فقر منتشر بفضل عوامل بيئية وغير ذلك، كان بديهياً أن يكون الإرهاب فى القارة السمراء أخطر عما دونه من دول العالم.

وتعددت  مسميات الإرهاب، وأهدافه، ومصادر تمويله، فمن القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى والساحل الإفريقى،  إلى السلفية الجهادية بموريتانيا والجزائر، إلى جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، مرورًا بتنظيم الدولة وانتهاءً ببوكو حرام فى نيجيريا، تناثرت أشلاء القتلى الأبرياء على حدود وفى قلب قارة إفريقيا.

دراسة بحثية

ووفقًا لدراسات بحثية إفريقية، انتشرت جماعة  أنصار الشريعة، فى دولة مالى هى وجماعة نصرة الاسلام والمسلمين، والمرابطون فى منطقة الساحل الافريقى، وحركة أنصار الدين و حركة التوحيد والجهاد فى غرب افريقيا، وحركة أزواد الاسلامية،و تنظيم الدولة فى الصحراء الكبرى.

 

وفى موريتانيا توغل تنظيم القاعدة والسلفية الجهادية، وفى الجزائر اجتاح تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى،  وجند الخلافة،  وتنظيم الدولة الاسلامية، والسلفية الجهادية.

 

أما بوكو حرام وتنظيم الدولة غرب افريقيا، فذاع صيت جرائمها فى نيجيريا، وبدولة تشاد ظهرت  سرايا الدفاع عن بنى غازى، و  القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى،  وخلايا تنظيم الدولة، وتوغلت السلفية الجهادية، والسلف الجهادى فى بلاد النيلين، وتنظيم الدولة فى السودان، وفى  كينيا  كانت جماعات ، الهجرة، وتنظيم شباب المسلمين،  وجبهة شرق افريقيا، وفى الصومال ظهرت حركة شباب المجاهدين،  وتنظيم الدولة الاسلامية  بالصومال.

وفى ليبيا ظهرت  جماعات  أنصار الشريعة الليبية فى بنى غازى، و مجلس شورى مجاهدى درنة، وتنظيم الدولة الاسلامية ولاية بارقا ولاية فيزان ولاية طرابلس، والقاعدة فى بلاد المغرب،  وتنظيم الجماعة الليبية المقاتلة .

الإرهاب في تونس

وتوغل فى تونس إرهاب كتيبة عقبة بن نافع وشباب التوحيد، وأنصار الشريعة التونسية، وجند الخليفة  بالتوازى مع جماعات مقاتلى الخلافة والقاعدة فى بلاد المغرب،  كما ظهرت فى السنغال   جماعة نصرة الاسلام والمسلمين، وتنظيم الدولة.

وعن تاريخ الانتشار، ودور تلك الجماعات فى نشر الفوضى داخل القارة السمراء، قال الدكتور أيمن شبانة  الأستاذ بمعهد البحوث والدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، إن الحركات السلفية الجهادية فى أفريقيا، ظهرت فى التسعينات وانتشر الحديث عنها فى دوائر صنع القرار السياسى والأمني وأجهزة الإعلام الأفريقية والعالمية، موضحًا أن ذلك يعود  لأسباب مرتبطة بالأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية فى الدول الأفريقية، أهمها التسلط السياسى وقمع المعارضة والفساد وموالاة الغرب على حساب مصالح الشعوب وعدم قدرة المؤسسات الدينية المعتدلة على مواجهة التطرف، أو بالأحرى عدم قدرتها على طرح خطاب دينى واقعى، قادر على تفهم واستيعاب متطلبات العصر ومتغيراته الهيكلية المتسارعة.    

أما عن مصادر تمويل الجماعات الإرهابية فقال الدكتور شبانة، إن هناك قدر كبير من الغموض بشأن مصادر تمويل الحركات السلفية الجهادية فى أفريقيا، سواء المصادر الداخلية أو الخارجية، بسبب رغبة تلك الجماعات فى عدم الإعلان عن حلفائها فى الداخل، لأسباب عديدة منها الحرص على أمنهم الشخصى، وعدم رغبتها فى الكشف عن روابطها الخارجية، خوفاً من أن تتهم بالعمل لحساب جهات خارجية ضد مصالح الوطن،  ولكن رصد ممارسات تلك الحركات يكشف إلى حد ما عن 4 مصادر تمويل، وهى عوائد إدارة المرافئ التى تقع فى نطاق نفوذها، وضلوعها فى التجارة غير المشروعة وتهريب البضائع، ومنها السلاح والمخدرات، واختطاف الأجانب والمسئولين المحليين، للمساومة من أجل الإفراج عن المعتقلين من أعضائها وبمقابل فدية أيضاً ، معتبرين ذلك بمثابة "غنائم الحرب"، بالإضافة إلى التبرعات التى يتلقونها من جهات عديدة فى الداخل والخارج.

آليات المواجهة



وأكد شبانة أن آليات مواجهة الحركات السلفية الجهادية، تراوحت بين الضربات الأمنية من جانب الحكومات فى الدول المعنية، والحلفاء الإقليميين والدوليين، والمواجهة الإعلامية، وتدعيم الجماعات الإسلامية المعتدلة.

بدوره، قال الدكتور محمد عبد الكريم، الباحث بمعهد الدراسات المستقبلية فى بيروت أنه لا يمكن إرجاع ظاهرة الإرهاب فى أفريقيا، لسبب واحد، فى ضوء تشابك العوامل الداخلية والإقليمية والدولية،  بشكل معقد للغاية فى الأقاليم المختلفة فى القارة الأفريقية.

وأضاف عبد الكريم ، أن الأسباب الاقتصادية وصعوبة الظروف البيئية  فى إقليم مثل إقليم الساحل تؤدى إلى سهولة استقطاب العناصر الارهابية  فى منطقة هشة اقتصاديًا وسياسيًا، مع استمرار معوقات ضبط الأوضاع الأمنية ومواجهة الأنشطة الإجرامية الداعمة لشبكات الإرهاب مثل تجارة المخدرات وتهريب البشر ، وما يفاقم من هذه المشكلات معاناة السكان المحليين  من اضطراب الأوضاع، وما يعتبره المراقبون  بيئة مناسبة لاستقطاب مزيد من العناصر الإرهابية. 

وتابع عبد الكريم فى تصريحاته لـ"اليوم السابع"،  " يمكن  إرجاع الظاهرة فى مناطق أخرى  إلى انتشار الفكر المتطرف  وتبنى أيديولوجيات  إقصاء الآخر  وكذلك مواجهة عنف  دينى مضاد  كما فى جمهورية افريقيا الوسطى  وأنجولا.

تحقيق مستويات نجاح أمنية


وأوضح الباحث فى الشأن الافريقي، أنه نظرًا لطبيعة  مشكلات القارة الإفريقية فإن مساعى القضاء على ظاهرة الارهاب لابد أن تتضمن إلى جانب الجهود الأمنية  تحقيق مستويات مقبولة من التنمية والتوزيع العادل للموارد بينت السكان وتبنى قيم المواطنة ومكافحة الفساد  وما يرتبط به أحيانًا من تمويل بعض الجماعات الإرهابية  كما فى حالة بوكو حرام بنيجيريا ومنطقة بحيرة تشاد.

وأشار عبد الكريم، إلى أن مصر لها دور كبير خلال توليها رئاسة الاتحاد الأفريقى العام المقبل فى مواجهة تلك الظاهرة، لما لها من  خبرة كبيرة فى آليات مكافحة الإرهاب، على كافة المستويات الاستراتيجية والأمنية والفكرية، كما أن  تولى مصر رئاسة الاتحاد ، ستشكل علامة فارقة فى هذا المسار،  ربما بدأت دلائلها فى تولى مصر تدريب قوات من إقليم الساحل والصحراء على مكافحة الإرهاب،  وتسريع أجهزة الدولة عملها فى وضع تصورات مختلفة  لإدارة مصر المرحلة المقبلة،   وإندماج أكبر فى العمل الافريقى،   يستند لقوة مصرية حقيقية مدعومة بتجربة نضالية  تحظى بتقدير كافة الأفارقة.

وتحدث  العميد خالد عكاشة  عضو  المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب، عن  الحزام النارى الواقع فى القلب الأفريقى، قائلًا: لن يتخلى عنه تنظيم داعش بسهولة ولا القاعدة من قبله، بل ربما سيشهد لاحقاً المزيد من تكثيف العمليات، باعتباره نموذجياً لنقل العمليات إليه تعويضاً عمّا أصاب المركز فى سوريا والعراق.

جماعة بوكوحرام

وأوضح عكاشة، أن الانشقاق الذى وقع فى جماعة  "بوكو حرام"، منتصف عام 2016، ولم يؤدِّ إلى ضعف التنظيم كما هى العادة فى التنظيمات التى تتعرض لمثل تلك الشروخ، بل  تضاعف الخطر فى المنطقة الواقعة فى الشمال الشرقى لنيجيريا حيث تتعرض المنطقة الحدودية الواقعة على حدود أربع من الدول ذات الأهمية، هى نيجيريا والنيجر وتشاد والكاميرون إلى العديد من مخاطر التهديدات المسلحة، التى ينفذها بين الحين والآخر كلا الفصيلين اللذين خرجا من رحم بوكو حرام.

وأضاف عكاشة، أن ما يمكن اعتباره متغيراً كبيراً، ظهر بصورة لافتة فى الأداء القتالى لهذا التنظيم، منذ وقت ولاية أبوبكر الشكوى قبيل عملية الانشقاق هو أن داعش" تمكن من تغيير عقيدة بوكو حرام وتطويرها، من خلال تنامى العمل العسكرى المنضبط من الناحية التكتيكية، فى أساليب الهجوم والدفاع والمناورة لدى عناصره، مع استبدال عمليات الإغارة والتخفى، إلى أخرى تتمسك بالأرض ومنها تشن هجمات مدعومة بالقصف المدفعى، واعتماد أساليب العمليات المركبة على نسق عمليات الأسلحة المشتركة للجيوش النظامية، يسبقها جهد معلوماتى استخباراتى تمكنت عناصر التنظيم من إتقانه مؤخراً.

وأشار عكاشة إلى أن  تلك القفزة النوعية فى مهارة عناصر التنظيم، تعود على الأرجح لتناقل الخبرات المكثف الذى كان يجرى عبر المواقع الإلكترونية، التى صارت قادرة على تعويض غياب المدربين، أو التفافاً على عدم قدرتهم على الوصول بسبب الملاحقات والتضييق الأمنى والعسكرى.

الجريمة المنظمة العابرة للقارات

وأوضح  تقرير مجلس السلم والأمن الافريقي،  أن الإرهاب والتطرف العنيف اللذين يستمدان تمويلهما من موارد الجريمة المنظمة العابرة للقارات بمختلف أشكالها بما فيها المتاجرة بالمخدرات والاتجار بالبشر والأسلحة يمثلان "أكثر تهديدات السلم والأمن والاستقرار خطورة" في القارة الافريقي، لذا فقد أوصى بالتركيز على الوقاية والتسيير وتعزيز الأمن و الاستقرار من خلال سياسات إعادة البناء والتطوير ما بعد النزاع المكيفة مع كل بلد عرف مؤخرا نهاية أزمة أو نزاع عنيف، بما يتطلب استثمارات ثقيلة لا سيما من الناحية المالية التي غالبا وللأسف ما يصعب تعبئتها في القارة" داعيا  فى توصياته التى أعلنها بعد انتهاء قمته فى أديس أبابا بداية  العام الحالى، تسخير الجهود لتجنيد القطاعين العام والخاص والمؤسسات المالية الدولية وكذا الدول الأعضاء في الاتحاد الافريقي في إطار مبادرة التضامن الافريقي بغرض تقديم دعم ثابت للدول الافريقية التي انتهت فيها النزاعات مؤخرا










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة